رأى خبراء في الشأن العراقي أن تعيين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لرجل الأعمال مارك سافايا، مبعوثاً خاصاً إلى العراق، يهدف إلى إحراز تقدم في معالجة ملف الميليشيات المسلحة، بطرق ناعمة.
ومارك سافايا، وهو رجل أعمال أمريكي من أصول كلدانية عراقية، ومن المقربين إلى ترامب وداعمي حملاته الانتخابية.
كما شارك في جهود الإفراج عن الباحثة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف، المحتجزة، سابقاً، لدى ميليشيات عراقية، ما جعله شخصية لافتة في ملفات أمنية وسياسية متشابكة.
وبعد ساعات على إعلان تعيينه، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن "من يحمل السلاح أمامه خيار الانخراط بالمؤسسات الأمنية، أو الانتقال للعمل السياسي، وهذا المسار متفق عليه ونمضي بتنفيذه"، في تصريح أثار تساؤلات عن توقيته.
ويرى مختصون أن التقاطع الزمني بين تعيين مبعوث ترامب وحديث السوداني عن السلاح المنفلت ليس مصادفة، إذ تتزامن الخطوتان مع مرحلة سياسية حساسة في العراق، خصوصاً أن واشنطن تتابع عن كثب مسار الانتخابات المقبلة والجهات المتنفذة في تمويلها أو تسليحها.
ورأى الباحث في الشأن السياسي، علي ناصر، أن "العراق يتعامل بجدية مع المتغيرات الإقليمية، وأن تعيين مبعوث أمريكي من أصول عراقية يحمل أبعاداً تتجاوز الرمزية السياسية، باتجاه إعادة رسم شكل العلاقة بين بغداد وواشنطن".
وأضاف ناصر لـ"إرم نيوز" أن "هذه التغييرات قد تفتح الباب أمام استثمارات أمريكية واسعة في حقول النفط والغاز، شريطة أن ينجح العراق في فرض الاستقرار الأمني، وضبط الفصائل المسلحة، لأن أي مشروع اقتصادي كبير لن يتم في ظل تهديدات السلاح المنفلت أو غياب الثقة بالمؤسسات الأمنية".
ويعتقد ناصر أن اختيار سافايا يعكس رغبة أمريكية في إدارة الملف العراقي عبر قناة مباشرة خارج وزارة الخارجية، خاصة أن واشنطن لم تعين سفيراً في بغداد منذ أكثر من عام.
ويشير مراقبون إلى أن خطاب السوداني الأخير، الذي دعا فيه إلى حصر السلاح بيد الدولة، شكل أول اختبار حقيقي لقدرته على الموازنة بين الضغوط الأمريكية والممانعة الداخلية من بعض القوى المنضوية في الإطار التنسيقي.
وبينما تحاول حكومة السوداني تثبيت صورتها كضامن للاستقرار قبل الانتخابات، تدرك في الوقت نفسه أن أي صدام مباشر مع الفصائل قد يفتح جبهة جديدة من التوتر السياسي والأمني.
من جانبه، رأى المحلل السياسي، محمد التميمي، أن "المرحلة المقبلة ستشهد تحريكاً متبادلاً للملفات بين واشنطن وبغداد، فالأمريكيون يعيدون ترتيب أدوات نفوذهم عبر مبعوثيهم، فيما يحاول السوداني ترتيب البيت الداخلي".
وأضاف التميمي، لـ"إرم نيوز"، أن "ملف السلاح بات، اليوم، عقدة مركزية في العلاقة بين الطرفين، إذ ترى واشنطن أن الفصائل المقرّبة من طهران تمثل تهديداً مباشراً لأي استقرار سياسي، بينما يحرص السوداني على ألا يظهر بمظهر المهادن أو الصدامي، بل يسعى إلى تسوية تدريجية تحافظ على توازن السلطة ولا تستفز الشارع أو حلفاءه في الإطار".
وتسود في الأوساط السياسية العراقية مخاوف من أن تؤدي الضغوط الأمريكية المتزايدة إلى إرباك المشهد الداخلي، خاصة أن القوى التي قد تسعى واشنطن لإقصاء نفوذها أو تحجيم دورها في المرحلة المقبلة، دخلت السباق الانتخابي وبقوة.
وفي السياق ذاته، حذّر مراقبون من أن تشديد إدارة ترامب لضغوطها على بغداد قد يفتح الباب أمام أزمة جديدة، في حال أُجبرت الحكومة على تطبيق العقوبات الأمريكية والدولية المفروضة على إيران بحذافيرها، لا سيما فيما يتعلق بوقف التبادلات التجارية، وضبط تهريب النفط والدولار عبر الحدود.