رحبت أوساط يمنية بجهود التقارب بين المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية، عقب عقد أول لقاء تنسيقي بين الطرفين في العاصمة المؤقتة عدن، مؤكدين أن هذه الجهود تتجاوز الخلافات الداخلية، بهدف تعزيز التنسيق والعمل المشترك لمواجهة ميليشيا الحوثيين والجماعات المتطرفة.
وأشار سياسيون ومحللون إلى أن الخطوة تعكس وعيا سياسيا وإعلاميا بحجم التحديات الراهنة، وتسعى لبناء جبهة إعلامية مشتركة تحترم ثوابت كل طرف، وتدعم نضالات الجنوب لتحرير اليمن.
وفي العاصمة المؤقتة عدن، عُقد الاثنين الماضي أول لقاء تنسيقي بين الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي التابعة للمجلس الانتقالي وإعلام المقاومة الوطنية، بهدف "تعزيز التعاون الإعلامي والتنسيق في مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية التي تهدد الوطن".
وقال محمد باتيس، رئيس الدائرة السياسية بالأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، إن اللقاء المشترك يأتي تنفيذا حقيقيا لتوجيهات عضوي مجلس القيادة الرئاسي، عيدروس الزبيدي والعميد طارق صالح، ويعكس وعيا سياسيا وإعلاميا متقدما بضرورة توحيد الجهود الإعلامية لمواجهة الحوثيين والجماعات المتطرفة التي تهدد الأمن محليا وإقليميا.
وفي منشور على "فيسبوك"، أشار باتيس إلى أن هذه الخطوة الاستراتيجية تهدف إلى بناء جبهة إعلامية فعّالة تعزز الخطاب المقاوم، عبر تأسيس آلية تنسيق مشتركة تبدأ بتشكيل لجان وبرامج إعلامية قادرة على مواجهة آلة إعلام الحوثيين والقوى المتحالفة معها، وتحقيق الأهداف الوطنية لكل طرف.
وأضاف أن هذا التنسيق قائم على احترام متبادل للثوابت الوطنية لكل جانب، مؤكدا أن قضية شعب الجنوب في استعادة دولته وهويته حق ثابت لا يقبل التنازل، وفي الوقت ذاته تدعم المقاومة الوطنية اليمنية نضالها لتحرير صنعاء وبقية المناطق تحت سيطرة الحوثيين.
ويرى المحلل السياسي صلاح السقلدي أن التنسيقات والتفاهمات الإعلامية والسياسية، سواء على مستوى الرئاسة أو داخل المؤسسات التي يشارك فيها المجلس الانتقالي مع قوى وأحزاب مثل حزب المؤتمر الشعبي العام، ستكون مؤقتة ومحددة الهدف والزمن، ولن تُستخدم مدخلا للتطبيع السياسي غير العادل مع القضية الجنوبية، مشيرا إلى أن هذه الخطوات مرحب بها بلا شك.
وأضاف السقلدي في حديثه لـ"إرم نيوز" أن الطرفين يتحملان مسؤوليات سياسية واقتصادية مشتركة، خصوصا في مواجهة الحوثيين، وفي ظل التحديات المتزايدة، لا سيما الاقتصادية والخدمية في عدن ومحافظات الجنوب.
وأكد أن جهود التقارب تتزامن مع اقتراب تسوية سياسية للأزمة اليمنية؛ ما يستدعي تشبيك التنسيق مع القوى الشمالية، لا سيما عبر الإعلام، الذي بات لاعبا رئيسا في صناعة القرار وتشكيل الرأي العام، مشيرا إلى أن الجنوب رغم اختلافاته السياسية، يحتاج إلى دعم إعلامي قوي حتى من أطراف لا يتفق معها سياسيا، مثل المؤتمر الشعبي العام، للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال الحيوي.
بدوره، قال القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، لـ"إرم نيوز" إن الحاجة أصبحت ملحة لتنسيق الجهود الإعلامية وتوحيد الخطاب بهدف حشد الدعم المجتمعي، خصوصا مع وجود الطرفين في جبهة واحدة ضد العدو المشترك.
وأشار صالح إلى أن أبرز ما تم الاتفاق عليه في مخرجات اللقاء هو احترام ثوابت كل طرف وخصوصية أهدافه السياسية؛ ما يؤكد أن هذه التنسيقات تركز على مواجهة الحوثيين وقوى الإرهاب والتطرف المتحالفة معهم.
وأعرب عن أمله في أن يكون هذا اللقاء نقطة انطلاق لتنسيقات أوسع تشمل جميع أطراف المعسكر المناهض للحوثيين وقوى الإرهاب، مع الحفاظ على التوافق الحالي والتركيز على المعركة الراهنة دون الخوض في القضايا المستقبلية.
أما القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، عبدالكريم المدي، فيرى أن "اللقاء التنسيقي بين إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية، ككتلتين وطنيتين بارزتين، يحمل أهمية كبيرة في هذه المرحلة الحرجة من معركة اليمن المصيرية ضد الحوثيين، التي تشمل شمال البلد وجنوبه وشرقه وغربه".
وقال المدي لـ"إرم نيوز" إن "مبادئ وتوصيات اللقاء تعزز توحيد الجهود العسكرية في المعركة الوطنية المرتقبة، مشيرا إلى أن الحوثيين لا يستهدفون مناطق محددة فحسب، بل يستهدفون اليمنيين جميعا، من صعدة وصنعاء وعمران إلى محافظات الجنوب مثل عدن ولحج وحضرموت، حيث يمارسون التنكيل ذاته".
وأكد أن "هذا الهمّ عام وجماعي، وأن هذه التقاربات مهمة جدا للبناء عليها إعلاميا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا، لتعزيز الوحدة في مواجهة العدو المشترك وتقوية العمل الوطني المشترك".
