قال تنظيم "سرايا أنصار السنة" الناشط في سوريا، فجر الثلاثاء، عبر معرفات إلكترونية تابعة له، إنه وراء الهجوم على كنيسة "مار إلياس" للروم الأرثوذكس، بمنطقة دويلعة في العاصمة السورية دمشق؛ ما يثير علامة استفهام كبيرة حول إعلان السلطات السورية عن مسؤولية تنظيم "داعش" عن الهجوم والقبض على الخلية المسؤولة عن التفجير.
لكن مراقبين يشيرون إلى إمكانية وجود تنسيق أو تحالف بين "سرايا أنصار السنة" و"داعش"، هدفه تقويض سلطة الشرع، ومحاربتها باعتبارها "خارجة عن الشرع".
وتسبب الهجوم الذي استهدف قداسًا في كنيسة "مار إلياس" مساء الأحد، بمقتل 22 شخصًا وإصابة 59 آخرين؛ وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة السورية.
بيان "ملفق"
وحول الهجوم، قال بيان التنظيم: إن "الأخ الاستشهادي محمد زين العابدين أبو عثمان - تقبله الله - أقدم على تفجير كنيسة مار إلياس بحي الدويلعة بمدينة دمشق، مخلفًا عشرات القتلى والجرحى".
وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة السورية الانتقالية أن "تنظيم داعش يقف وراء الهجوم"، وقالت الداخلية السورية، يوم أمس، إنها "نفذت هجومًا ضد خلية تابعة للتنظيم بريف دمشق، وتمكنت من قتل أحد أفرادها، وهو المتورط الرئيسي في تسهيل دخول الانتحاري إلى كنيسة مار إلياس".
لكن بيان "سرايا أنصار السنة" نفى ما ورد في البيانات الرسمية الحكومية، قائلًا: "نؤكد أن ما نشر في إعلام حكومة الجولاني عارٍ عن الصحة، ملفق لا يسنده دليل، ولا يستقيم في ميزان العقل؛ بل هو استخفاف هزيل بعقول أهل الشام". وتوعد التنظيم بهجمات أخرى "لا ترحم" تستهدف "النصيرية والروافض".
وأعلن تنظيم "سرايا أنصار السنة" عن نفسه في شباط/ فبراير الماضي؛ حيث تبنى عمليات قتل واغتيالات متعددة، منها مجزرة قرية أرزة في حماة التي راح ضحيتها أكثر من عشرة أشخاص من أبناء القرية.
وأسس التنظيم عدة قنوات على تطبيق "تلغرام"، وتبنى في وقت سابق عمليات قتل واستهدافات في مناطق تمركز الطائفة العلوية في حمص والساحل السوري وريف حماة، ولاحقًا نشر تهديدًا للطائفة الدرزية بمهاجمة السويداء.
"أنصار السنة".. رواية مناقضة
في تعليقه على البيان الصادر عن سرايا أنصار السنة، يقول الخبير في الجماعات الإسلامية المتطرفة، عبدالله علي، إنه "تبنٍّ واضح لعملية تفجير كنيسة مار إلياس"، لأنه ذكر اسم المنفذ (محمد زين العابدين أبو عثمان).
ويشير عبدالله علي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن وزارة الداخلية السورية كانت قد ذكرت في بيانها أن تنظيم "داعش" هو من يقف خلف عملية التفجير في الكنيسة، ثم أعلنت عن "عملية مداهمة لأوكار داعش في حرستا وكفر بطنا، وقتلت اثنين واعتقلت آخرين من الخلية المسؤولة عن التفجير".
وهنا يرى الخبير في الجماعات الإسلامية المتشددة أن هذا التباين يضعنا أمام مأزق حقيقي، مشيرًا إلى أحد احتمالين؛ فإما أن وزارة الداخلية السورية تنطلق من منطلق أن "سرايا أنصار السنة" هم "داعش" أو جزء من "داعش"، وبالتالي تطلق عليهم اسم "داعش"، أو أنها لا تعتبرهم "داعش"، وهذا يحمل تناقضًا كبيرًا، ويحتاج إلى تحقيقات وكشف الحقائق حتى تتضح الأمور.
ويلفت علي إلى أن "أنصار السنة" يذكرون في بيانهم بوضوح اسم الفاعل، بينما وزارة الداخلية لم تذكر هوية الفاعل ولا اسمه ولا جنسيته، ولم تعرض صور المعتقلين الذين اعتقلتهم على خلفية التفجير، ولم تذكر حتى أسماء القتلى الذين قُتلوا في العملية. ومن هنا، بات الأمر يحتاج إلى تحقيق لتوضيح هذه الحقائق.
وجهان لعملة واحدة
يوضح الكاتب السوري العلاقة "المفترضة" بين "السرايا" و"داعش"، فيقول إنه "وفقًا للمعلومات المتوفرة عن "أنصار السنة" أنه تنظيم مستقل يتبنى النهج الجهادي العالمي تمامًا مثل القاعدة وتنظيم داعش"، ويلفت إلى أنه سأل المفتي العام للتنظيم "أبو الفتح الشامي" قبل شهر تقريبًا عن علاقة "سرايا أنصار السنة" مع تنظيم "داعش"، وقد قال حينها: "نحن لسنا جزءًا من تنظيم داعش؛ ولكننا على استعداد للتعاون مع أي جهة تتمتع بصدق الجهاد أو صدق الولاء".
وأضاف أنه من خلال الرصد والمتابعة يتبين أن النهج متطابق جدًا بين "داعش" و"أنصار السنة"، بحيث يصعب جدًا إيجاد أي فروق عقائدية أو منهجية بين التنظيمين، لا بل بالعكس، والحديث للخبير عبدالله علي: "لاحظت لديهم وجود دورات لتعليم التعليم الإسلامي على طريقة داعش، والتي كانت تُعرض على إذاعة البيان أيام ذروة داعش في عامي 2014-2015".
ويوضح علي أن "سرايا أنصار السنة" يستخدم هذه الدورات لتعليم عناصره وفقًا لمنهج "داعش"؛ ما يؤشر إلى التقارب الشديد بالنهج والعقيدة.
ويلفت الخبير في الجماعات المتطرفة إلى نقطة في غاية الأهمية كما يقول؛ حيث كتبت صحيفة "النبأ" التابعة لداعش، عقب لقاء الشرع وترامب في الرياض، افتتاحية احتوت جزئية مهمة؛ إذ دعت المقاتلين السوريين والأجانب الذين يرفضون نهج الشرع إلى الالتحاق بـ"السرايا" في الأطراف والأرياف.
وهذا يعني، وفقًا للخبير عبدالله علي، إشارة للالتحاق بـ"سرايا أنصار السنة". ويشير إلى أن استخدام مصطلح "السرايا" لا يمكن تجاهله؛ لأنه كان من المفترض أن تطلب الالتحاق بـ"الدولة الإسلامية - داعش" في الأرياف والأطراف، بينما قالت "الالتحاق بالسرايا المنتشرة في الأرياف والأطراف". وهذا دليل على أنه إذا لم يكن المقصود أن "سرايا أنصار السنة" جزء من "داعش"، فالمؤكد أن ثمة نوعًا من التنسيق أو التحالف بين الطرفين.