في تصريح مفاجئ، عبّر وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن تطلّع بلاده إلى علاقات "جيدة" مع الحُكم الجديد في سوريا، ليوقف بذلك سجلاً طويلاً من التصريحات الحادّة ضد "دمشق الجديدة" منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد.
ولطالما تسابق المسؤولون الإسرائيليون على توجيه التصريحات "القاسية" ضد النظام السوري الجديد، وكان أشدها على لسان ساعر نفسه الذي وصف المسؤولين الجدد في دمشق بأنهم "جهاديون متطرفون انتقلوا ببساطة من إدلب إلى دمشق".
وشكّلت المواقف الإسرائيلية تجاه دمشق تغريداً خارج سياق الترحيب الدولي الواسع بمواقف الإدارة السورية وخطابها الجديد، فاستُقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في الإليزيه، كما أرسل بإشارات إيجابية إلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مقدّماً عروضاً اقتصادية وسياسية للانفتاح على عهد جديد.
بل إن الشرع لم يستثن تل أبيب من رسائله، والتي أرسلها مع أعضاء في الكونغرس الأمريكي، في 25 أبريل/ نيسان الماضي، حيث كشف النائب كوري ميلز لموقع "المونيتور" أن الرئيس السوري أبدى استعداده للتطبيع مع إسرائيل، وذلك عقب اجتماع في دمشق استمرّ 90 دقيقة.
ورغم التشنج الذي استقبلت به تل أبيب في البداية مبادرة الشرع، باعتبارها "مناورة"، إلا أن التصريحات الجديدة للمسؤولين الإسرائيليين، تُعدّ بحسب مراقبين استجابة "في الوقت المناسب" لتخفيف التوتر بين حكومة بينامين نتنياهو وإدارة ترامب، التي تعتقد أن اليمين الإسرائيلي يبالغ في "تأزيم أجواء المنطقة"، بحسب "واشنطن بوست".
واللافت أن الإعلام الإسرائيلي أعاد "تهدئة" لهجته في الأيام الأخيرة ضد "دمشق الجديدة"؛ إذ كتبت "جيروزاليم بوست" يوم الأحد إن "التطبيع بين سوريا الشرع وإسرائيل ممكن بعد عقود من العداء"، بل ذهبت إلى أن أقوال الرئيس السوري وأفعاله "رسالة إيجابية إلى حد كبير" وإن تحققت فسيكون "أبرز قائد ظهر في العالم العربي".
واعتبرت "جيروزاليم بوست" أن "أكثر المتشائمين سيجدون صعوبة في إنكار وجود روح جديدة في سوريا"، مؤكدة أن هناك "أرضية صلبة للعمل عليها".
وتشير بذلك إلى زيارة الشرع للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي، حيث أكد الزعيمان أن سوريا أجرت محادثات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء، بهدف تخفيف التوترات، لا سيما بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة قرب دمشق.
وتبدي الصحيفة العبرية تفاؤلها بإمكانية التطبيع، معتبرة أن تصريحات الشرع منذ بداية حكمه "تُشجع على المصالحة مع إسرائيل"، وتحمل انفتاحاً محتملاً على مبادئ التطبيع والتعاون الإقليميين، كما تعتقد أن نهج الرئيس السوري "البراغماتي" سيتجاوز عقبة بقاء الجولان "إسرائيلية"، بحسب "جيروزاليم بوست".
