logo
العالم العربي

حكومة بلا كتلة مهيمنة.. خريطة سياسية جديدة تربك صناع القرار في بغداد

جلسة سابقة لمجلس النواب العراقيالمصدر: (أ ف ب)

تشير نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة إلى صعود لافت لعدد من الأحزاب الصغيرة التي حصدت بين 4 و10 مقاعد، في مشهد يعيد رسم خريطة التوازنات داخل البيت السياسي العراقي، ويؤثر بصورة مباشرة على آلية تقاسم الحقائب الوزارية ضمن منظومة المحاصصة المعتمدة منذ العام 2003.

وبحسب النتائج، حصل تحالف "الأساس العراقي" بزعامة محسن المندلاوي على نحو 8 مقاعد، فيما نال تحالف "الخدمات" التابع لميليشيا كتائب الإمام علي بقيادة شبل الزيدي قرابة 10 مقاعد، وحصد تحالف "أبشِر يا عراق" برئاسة همام حمودي 4 مقاعد، إلى جانب كتلة "حقوق" التابعة لميليشيا حزب الله بنحو 4 مقاعد أيضاً، فضلاً عن قوى أخرى متوسطة وصغيرة الحجم.

وهذا التوزيع أفرز – وفق مختصين - واقعاً سياسياً جديداً يتمثل بزيادة عدد القوى المطالبة بحصص حكومية، ضمن معادلة تقوم على توزيع المناصب بين المكونات الثلاثة الرئيسة: الشيعة والسنة والأكراد، عبر "نظام النقاط" الذي يمنح لكل مقعدين برلمانيين نقطة واحدة، تحتسب في تحديد الوزارات والهيئات والإدارات العليا التي تحصل عليها كل كتلة.

تقسيم الوزارات

وفي هذا السياق، ذكر مصدر سياسي عراقي مطلع على أجواء المحادثات الجارية بشأن تشكيل الحكومة أن "النتائج الحالية أفرزت واقعاً مختلفاً تماماً، إذ تطالب تلك الكتل بالمشاركة في الحكومة والحصول على مواقع تنفيذية تتناسب مع وزنها الانتخابي"، مشيراً إلى أن "هذا التنوع الواسع في حجم الكتل أدخل منظومة النقاط في تعقيدات أكبر، وسيجبر القوى الفائزة على توزيع أجنحة بعض الوزارات بين أكثر من حزب".

أخبار ذات علاقة

مجلس النواب العراقي

العراق.. أرقام صادمة تكشف حجم التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة القادمة

وأضاف المصدر الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "النقاشات تدور، الآن، حول منح الوزارة لحزب معين، مقابل توزيع عدد من المديريات العامة والهيئات التابعة لها على أحزاب صغيرة أخرى، وهو اتجاه يجري الحديث عنه بجدية داخل غرف التفاوض"، مبيناً أن "هذا النمط من التوزيع يعمق المحاصصة داخل المؤسسات ويجعل الإدارة الحكومية موزعة على أكثر من طرف، ما يقلل من مساحة الاعتماد على العناصر المهنية داخل الجهاز التنفيذي".

ويستند هذا المشهد إلى واقع انتخابي أفرز خريطة متقاربة بين كتل كبيرة وأخرى صاعدة بوزن متوسط، ما جعل المنافسة على النقاط أشد حضوراً مقارنة بالدورات السابقة.

وارتفاع عدد الكيانات التي تحظى بتمثيل يتراوح بين 3 و10 مقاعد يعني توزّع النقاط على نطاق أوسع، وبالتالي زيادة عدد القوى التي تمتلك حق المطالبة بحصة في التشكيلة الحكومية المقبلة، سواء على مستوى الوزارات أو الهيئات المستقلة أو الوكالات.

 عملية مركبة

وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشأن  العراقي رمضان البدران أن "فكرة الاستحقاق الانتخابي التي أُسست عليها منظومة التوافق تنتج بصورة تلقائية تفريعات حكومية متعدّدة، بحيث تفصل المناصب بحسب وزن كل جهة وعدد مقاعدها".

وأوضح البدران خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن "تشكيل الحكومة العراقية عملية مركّبة ومتعددة الأفرع، وفكرة المحاصصة تقوم على أن الاستحقاق الانتخابي ينعكس على استحقاقات مالية وإدارية، فتُفصل عناوين هيئات أو مديريات أو وزارات بحسب ما تستحقه كل جهة وفق وزنها الانتخابي".

وأضاف أن "هذا الأسلوب يؤدي إلى ترابط شامل بين القوى السياسية على قاعدة توزيع الحصص، وهو ما يتكرر في كل دورة، ولن تختلف القاعدة هذه المرة، إذ ستسعى كل جهة للحصول على ما يناسب حجمها من مواقع في الدولة". 

منظومة توازنات

وتؤشر هذه المعطيات اتجاهاً عاماً نحو توسيع نطاق المشاركة داخل السلطة التنفيذية من خلال إدخال المزيد من الأحزاب الصغيرة في المعادلة الحكومية، ما يعني تراجع قدرة الكتل الكبرى على الاحتفاظ بمقارباتها التقليدية في توزيع الوزارات.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب ومحمد شياع السوداني

الدعم مقابل كبح نفوذ طهران.. واشنطن تُعيد هندسة سياساتها في العراق

ويُتوقع أن ينعكس هذا النمط على تشكيل الحكومة بمجملها، إذ تتجه القوى الفائزة، خاصة من الأحزاب الصغيرة والمتوسطة، إلى تحويل حضورها البرلماني المحدود إلى تمثيل مباشر داخل الجهاز التنفيذي.

كما تشير التقديرات السياسية إلى أن التنافس على الحصص لن يقتصر على الوزارات السيادية أو الخدمية، بل سيمتد إلى الهيئات المستقلة، والمفاصل المالية، والدرجات الخاصة، بوصفها جزءاً من منظومة التوازنات التي تُدار منذ أعوام.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC