رجح خبراء سيناريوهين رئيسين للمفاوضات بين حماس وإسرائيل؛ الأول يتمثل في التوصل لاتفاق بضغط من واشنطن على إسرائيل، أما الثاني وهو "الأخطر" فسيكون باستكمال التحرك الإسرائيلي واسع النطاق على إثر فشل جهود التوصل لاتفاق في غزة، ستلام فيه حماس التي لا تدرك تبعاته، وفق قولهم.
وتكثف إسرائيل من عملياتها العسكرية بمختلف مناطق قطاع غزة، بالرغم من استئناف المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس برعاية الوسطاء، فيما تتزايد المخاوف من إمكانية إقدام الجيش الإسرائيلي على إنشاء محور جديد وسط القطاع.
ويتحرك الجيش الإسرائيلي، تدريجيًا، بمناطق وسط غزة، الواقعة بين بلدة القرارة في خان يونس ومدينة دير البلح، وهي التي كانت قبل الانسحاب العسكري من غزة حاجزًا عسكريًا يفصل وسط وشمال القطاع عن مناطق الجنوب.
ويُعرف الحاجز العسكري لدى السكان باسم "محفوظة"، ويمتد من بوابة "كوسوفيم" شرقي دير البلح وحتى منطقة المواصي غربًا، فيما تعد المنطقة أحد محاور خطة الأصابع الخمس الإسرائيلية لتقسيم القطاع، والسيطرة عليه أمنيًا.
وتتزامن تحركات الجيش مع عودة حماس للمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، حيث أكدت الحركة أن "الجولة الجديدة تُجرى خلالها مناقشة جميع القضايا دون شروط مسبقة"، في حين لم تتضارب الأنباء حول تحقيق تقدم بالمحادثات من عدمه.
وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن "طاقم المفاوضات يعمل من أجل استنفاد كل فرصة للتوصل إلى صفقة، سواءً وفق مخطط المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، أو في إطار إنهاء القتال، الذي سيتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن، ونفي مقاتلي حماس، وتجريد غزة من السلاح".
ونقلت القناة 13 العبرية، عن مسؤول إسرائيلي رفيع مشارك بالمشاورات الأمنية بشأن الصفقة المحتملة مع حماس قوله، إن "الوفد الإسرائيلي أبلغ نتنياهو، الليلة الماضية، بعدم وجود تقدم بالمفاوضات؛ لكن هناك جدوى من بقائه في الدوحة".
وأوضح المسؤول أن "ذلك بسبب أن حماس لا تزال تتحاور مع الوسطاء، وتدير مفاوضات ولم تُفشل المسار بالكامل"، متابعًا: "حتى الآن، لا توجد أي موافقة من جانب حماس على أجزاء من المبادرة، ولذلك لا يمكن الحديث عن تقدم أو تفاؤل، لكن الحوار مستمر بالفعل".
وأضاف: "نحن نناقش بالتأكيد أيضاً مسألة إنهاء الحرب، لكن فقط وفق شروطنا، والتي تشمل الترحيل، ونزع سلاح غزة، والوفد سيبقى هناك ما دام يرى فائدة من وجوده، وإذا شعر بأنه لم يعد هناك جدوى، سيقدّم توصية لرئيس الوزراء بالعودة إلى إسرائيل"، وفق قوله.
ورأى الخبير في الشأن السياسي، رياض العيلة، أن هناك "سيناريوهين رئيسين للمفاوضات بين حماس وإسرائيل فيما يتعلق بالحرب في غزة؛ الأول يتمثل في التوصل لاتفاق مؤقت بضغط من الولايات المتحدة على إسرائيل، وضغط من الوسطاء على الحركة".
وأوضح لـ"إرم نيوز"، أن "إسرائيل تعمل جاهدًة لإفشال مثل هذا السيناريو، خاصة أن حكومة بنيامين نتنياهو تريد استكمال القتال والسيطرة الكاملة على قطاع غزة"، مبينًا أنها تريد اتفاقاً وفق شروطها دون إعطاء أولوية لملف الرهائن.
والسيناريو الثاني، وفقًا للمحلل العيلة، يتمثل في تحرك عسكري واسع النطاق على إثر فشل جهود التوصل لاتفاق جديد، خاصة أن إسرائيل والولايات المتحدة ستُلقيان باللوم على حماس بهذا الشأن"، مشددًا على أن الحركة لا تدرك خطورة هذا السيناريو.
ومضى، قائلًا: "بتقديري التصريحات الإعلامية لحماس تخالف الواقع، فهي تبحث عن اعتراف من الإدارة الأمريكية يمنحها الفرصة لمواصلة حكم قطاع غزة، ويضفي عليها شريعة تنافس من خلالها منظمة التحرير على قيادة الفلسطينيين"، وفق قراءته.
وأكد العيلة أن "تمسك حماس بمطالبها، ورفضها لما يُعرض في الوقت الحالي، ستكون لهما نتائج كارثية على غزة، والفلسطينيين، والحركة نفسها"، مبينًا أن حماس لا تمتلك أي ورقة ضغط على إسرائيل، بما في ذلك ورقة الرهائن.
من جهته، رأى الخبير في الشأن العسكري، قاصد محمود، أن "التحركات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في القطاع تشير إلى نية الجيش توسيع عملياته بمختلف المناطق بشكل متزامن"، مبينًا أن إسرائيل تدرك صعوبة إطالة أمد الحرب أكثر من ذلك.
وقال لـ"إرم نيوز"، إن "إسرائيل تبحث عن ذريعة جديدة للتحرك عسكريًا في مناطق الوسط، والجنوب، والشمال، بشكل متزامن"، لافتًا إلى أن تحركات الجيش تشير لرغبته بفصل مناطق القطاع، وإنشاء محور جديد وسطه.
وأشار محمود إلى أن "المحور الجديد سيكون بالتزامن مع عودة الجيش الإسرائيلي لمحور نتساريم بشكل كامل، والسيطرة على شمال القطاع"، لافتًا إلى أن ذلك سيؤدي إلى فصل مختلف مدن القطاع عن بعضها البعض سواء في الشمال أو الوسط أو الجنوب.
وأضاف: "تنفيذ خطط التقسيم بشكل متزامن سيمكن الجيش من التحرك عسكريًا بمختلف المناطق، والعمل على تنفيذ هدفه المتعلق بالقضاء على حماس"، مرجحًا أن تخصص إسرائيل منطقة آمنة في القطاع يتحكم جيشها بمن يدخل إليها من السكان.
وبيّن محمود أنه "في مثل هذا السيناريو سيدفع الجيش الإسرائيلي السكان للانتقال إليها تحت إشرافه وبعد تدقيق أمني، في حين سيتم اعتقال أو قتل أي شخص خارج هذه المناطق"، لافتًا إلى أن إسرائيل معنية بإفشال جهود التهدئة لتنفيذ مثل هذا المخطط.