تشير وقائع ميدانية في قطاع غزة إلى أن الخطة التي أعلنها رئيس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاستيلاء على مدينة غزة، بدأت بالفعل، وحتى قبل أن تصدّق عليها الحكومة الموسعة، وهو ما يُتوقع أن يتم خلال أيام.
وفي الوقت الذي أمر فيه نتنياهو بتسريع خطة الاستيلاء على غزة، بدأ الجيش الإسرائيلي بتجنيد 60 ألف جندي احتياطي للمشاركة، في حين وافق مجلس الوزراء الأمني المصغّر على الخطة، في خطوة أولية باتجاه موافقة الحكومة الموسعة.
ولكن، يبقى تساؤلان بارزان في هذا السياق هما: ماذا تبقى من غزة؟ وماذا تريد إسرائيل من القطاع بعد كل الدمار وبعد مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني في الحرب، وفقاً للسلطات الصحية التابعة لحركة "حماس".
ولا يُفرق هذا العدد بين المقاتلين وغيرهم، ولكنه يشمل أكثر من 28 ألف امرأة وفتاة، مع أن إسرائيل شككت في هذا العدد، لكن الأمم المتحدة والعديد من الحكومات الغربية تعترف به على نطاق واسع.
وبدورها، تذكر صحيفة "التايمز" البريطانية، أن الخطة بدأت فعلياً عبر غارات جوية مكثفة أسفرت عن مقتل العشرات في غزة وتوغلات في أجزاء من المدينة.
ورجحت أن يكون القتال خلال العملية، التي قُدِّر أن تستغرق عدة أشهر، عنيفًا ومتقاربًا، حيث تسيطر حركة حماس على شبكة من الأنفاق يستخدمها عناصرها للتملص من الجنود الإسرائيليين ونصب الكمائن لهم.
وأشارت إلى أن الإجراءات الإسرائيلية المُتسارعة تأتي على الرغم من قبول حماس مؤخرًا اقتراحًا لوقف إطلاق النار مشابهًا لآخر وافقت عليه إسرائيل والولايات المتحدة قبل أشهر.
وسيطر الجيش الإسرائيلي على جزء كبير من غزة ودمره منذ هجمات حماس في الـ7 من شهر أكتوبر/تشرين الأول لعام 2023، تشمل أهداف الحكومة من الحرب تحرير الرهائن المتبقين لدى حماس، والقضاء على الأخيرة، وتهجير سكان القطاع، البالغ عددهم 2.1 مليون فلسطيني من غزة.
وفي حين قصف الجيش مدينة غزة بكثافة، ونفذ عمليات في أجزاء منها، إلا أنه لم يقم سابقًا باحتلال كامل للمنطقة، التي يعتقد أن حماس تحتجز فيها بعض الرهائن الناجين، والذين يُقدر عددهم بنحو 20 رهينة.
وفي اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، أطلقت حماس سراح أكثر من 100 رهينة مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين وانسحاب القوات الإسرائيلية.
وفي شهر مارس/آذار الماضي، انهارت هدنة كان من المفترض أن تُنهي الحرب، تبعها حصارٌ على غزة وعملية عسكرية موسعة.
ورفضت حماس حينها اقتراحًا أمريكيًا إسرائيليًا بهدنة مؤقتة لإطلاق سراح نصف الرهائن الناجين، لكنها وافقت على اقتراح مماثل صاغه وسطاء مصريون وقطريون الأسبوع الماضي.
إلا أن إسرائيل تقول الآن إن على حماس إطلاق سراح جميع الرهائن دفعةً واحدة، بينما قال الرئيس ترامب إن تدمير حماس هو السبيل الوحيد لتحريرهم.
يبدو أن الولايات المتحدة قد ساندت إسرائيل، لكن دولاً غربية أخرى ازدادت انتقاداتها لسلوكها في غزة فانتقدت الخطة.
وأدانت ألمانيا، الحليف القوي لإسرائيل، "التصعيد"، بينما أعلنت أستراليا، وهي دولة أخرى مؤيدة لإسرائيل، أنها ستنضم إلى فرنسا ودول أخرى في الاعتراف بدولة فلسطينية.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى وقف فوري لإطلاق النار، وحذر من حصيلة ضحايا العملية الجديدة.
يسيطر الجيش الإسرائيلي على حوالي 75% من القطاع، تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 90% من المباني السكنية في غزة قد دُمرت أو تضررت، إلى جانب جزء كبير من أراضيها الزراعية، مما جعل القطاع غير صالح للسكن.
ويُحاصر معظم السكان فيما يُسمى بالمناطق الإنسانية، حيث يعيشون في خيام أو ملاجئ مؤقتة، وتُحذر منظمات الإغاثة الدولية من مجاعة وشيكة ما لم يُسمح بدخول المزيد من الإمدادات.