logo
العالم العربي
خاص

قبيل وصول سافايا لبغداد.. انقسام الفصائل حول السلاح يعصف بـ "الحشد الشعبي"

مقاتلون تابعون لميليشيا "سيد الشهداء"

لم يعد الخلاف داخل ميليشيا "الحشد الشعبي" محصورا في النقاشات المغلقة أو التقديرات التكتيكية، بل تحول، وفق مصادر عراقية مطّلعة، إلى صراع نفوذ مكتوم بين معسكرين متقابلين، لكل منهما رؤيته للحظة الإقليمية ومصير السلاح ودور الحشد في المرحلة المقبلة.

ويتغذى هذا الصراع، على ضغوط أمريكية وتهديدات إسرائيلية وحسابات ما بعد الانتخابات؛ ما يضع المؤسسة أمام أخطر اختبار داخلي منذ تأسيسها، مع مخاوف حقيقية من أن يؤدي إلى تصدع يصعب احتواؤه. 

أخبار ذات علاقة

قوات الأمن العراقية

دولة مؤسسات أم "توازن البنادق"؟.. العراق أمام مفترق طرق

معسكر "التسوية": السياسة بديل عن السلاح

خلال الأيام الماضية، أعلنت فصائل من بينها "كتائب الإمام علي" و"عصائب أهل الحق" و"أنصار الله الأوفياء" و"كتائب سيد الشهداء" استعدادها المبدئي للقبول بحصر السلاح بيد الدولة.

مصادر عراقية مقربة من هذا المعسكر قالت لـ "إرم نيوز" إن القرار لم يكن سهلا، لكنه جاء بعد قراءة تعتبر أن بقاء السلاح خارج الدولة بات عبئا سياسيا وأمنيا، يفتح الباب أمام الاستهداف والعقوبات، ويعرقل الانتقال الكامل إلى العمل البرلماني والحكومي.

وتضيف المصادر أن هذه الفصائل باتت ترى في السياسة "خط دفاع أقل كلفة"، خاصةً بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي منحت القوى المنضوية في الإطار التنسيقي ثقلا وازنا داخل البرلمان؛ ما يجعل النفوذ التشريعي والتنفيذي أكثر تأثيرا من السلاح في هذه المرحلة.

معسكر "الرفض": السلاح خط الردع الأخير

في المقابل، يتمسك معسكر آخر، تقوده "كتائب حزب الله" و"حركة النجباء"، برفض أي نقاش حول نزع السلاح في الظروف الراهنة.

مصادر سياسية قريبة من هذا المعسكر ترى أن الطرح المتداول لا يستهدف تنظيم السلاح بقدر ما يهدف إلى كسر توازن الردع وإعادة هندسة موازين القوة داخل الحشد نفسه، محذّرة من أن أي تنازل غير مشروط قد يتحول إلى مدخل لتفكيك الفصائل تدريجيا وعزلها سياسيا وأمنيا.

وتؤكد هذه المصادر أن السلاح، من وجهة نظر هذه الفصائل، ليس أداة عسكرية فقط، بل ورقة سيادية تفاوضية في مواجهة الوجود الأمريكي والتدخلات الخارجية، وأن التخلي عنه من دون ضمانات صلبة يعد مجازفة وجودية.

أخبار ذات علاقة

مسلح  من مليشيات الحشد الشعبي في العراق

السلطات العراقية تجدد تأكيدها على حصر السلاح بيد الدولة

معسكران و.. داعمون

بحسب معلومات حصل عليها "إرم نيوز" من مصادر متقاطعة، فإن الانقسام الحالي تُرجم عمليا إلى مطبخين سياسيين - أمنيين. ويبرز في معسكر القبول بحصر السلاح، قادة ميدانيون وسياسيون مقرّبون من أجنحة برلمانية فاعلة داخل الإطار التنسيقي، يدفعون باتجاه تسوية تدريجية تحفظ للحشد دوره القانوني وتؤمّن انتقال الفصائل إلى العمل السياسي الكامل.

وتقول المصادر إن هذا التيار يحظى بدعم شخصيات حكومية، وعلى رأسهم رئيس الحكومة المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، الذي يرى أن تهدئة الملف شرط أساسي لتفادي صدام خارجي وعقوبات اقتصادية، ويدعم حظوظه في ترأس  الحكومة المقبلة. 

في المقابل، يقود معسكر الرفض قياديون عقائديون بارزون داخل كتائب حزب الله والنجباء، يرفضون أي مسار يُفقدهم السيطرة على القرار العسكري أو يضعهم تحت مظلة ضمانات دولية يعتبرونها "هشة وغير مضمونة". وتشير المصادر إلى أن هذا التيار يضغط للحفاظ على وحدة القرار العسكري داخل الحشد، حتى لو تطلّب الأمر تعطيل أي تفاهمات جزئية. وهذا التيار أقرب إلى رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، كما أن هذين الفصيلين هما الأكثر التصاقا بالحرس الثوري الإيراني و ما يسمى "محور المقاومة".

وانعكس هذا التباين مباشرة على أجواء الحشد الشعبي، حيث تتحدث مصادر مطّلعة عن اجتماعات داخلية وُصفت بأنها من الأكثر توترا منذ سنوات، جرى خلالها تبادل اتهامات مبطّنة حول "من يغامر بالحشد" و"من يجره إلى مواجهة خاسرة".

ورغم محاولات احتواء الخلاف، إلا أن القلق يتزايد من أن يؤدي أي اتفاق منفرد مع الحكومة أو واشنطن إلى كسر التوازن الداخلي؛ ما قد يفتح الباب أمام شلل في القرار أو احتكاكات أمنية محدودة.

كيف يُنزع السلاح؟

تشير تقديرات غير رسمية إلى أن الفصائل التي أبدت استعدادها للتخلي عن السلاح تمتلك آلاف المقاتلين وأسلحة خفيفة ومتوسطة، إضافة إلى قدرات محدودة؛ ما يجعل دمجها أو إعادة هيكلتها أكثر قابلية للتنفيذ من الناحية التقنية.

في المقابل، تُصنّف كتائب "حزب الله" و"النجباء" على أنهما من أكثر الفصائل امتلاكا لقدرات عسكرية متقدمة وبنية تنظيمية متماسكة؛ ما يجعل مسألة نزع سلاحهما أكثر تعقيدا وحساسية.

سافايا والاختبار الأمريكي لكتائب حزب الله

تأتي هذه التطورات فيما تترقب بغداد زيارة المبعوث الأميركي مارك سافايا، وسط توقعات بأن يضع ملف السلاح في صدارة المباحثات.

مصادر حكومية عراقية تقول إن واشنطن تربط أي تعاون اقتصادي وأمني بإحراز تقدم ملموس في هذا الملف، مع طرح تصورات لدمج تدريجي مقابل ضمانات بعدم الاستهداف. لكن هذه الطروحات تُقابل بريبة شديدة داخل معسكر الرفض، الذي يرى أن الضمانات قد تتبخّر بمجرد فقدان "ورقة الردع". 

أخبار ذات علاقة

عناصر من كتائب حزب الله العراقي

"كتائب حزب الله" ترفض حصر السلاح بيد الدولة العراقية


وتختم المصادر بالقول إن العراق اليوم لا يقف أمام نقاش تقني حول السلاح، بل أمام مفترق حاد داخل الحشد الشعبي نفسه، و إن "أي تسوية غير متوازنة قد تفجر الخلافات من الداخل، فيما الفشل في إدارتها قد يفتح الباب أمام ضغوط خارجية وتصعيد لا يمكن ضبطه".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC