صحة غزة: الهجمات الإسرائيلية في الساعات الـ24 الماضية قتلت 68 شخصا وأصابت 362 آخرين

logo
العالم العربي

"أقلية عابرة للوطنية".. نظرة فرنسية "فريدة" للطائفة الدرزية

"أقلية عابرة للوطنية".. نظرة فرنسية "فريدة" للطائفة الدرزية
رايات الدروزالمصدر: (أ ف ب)
17 يوليو 2025، 7:26 م

رأى الباحث السياسي الفرنسي في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية، جان-لوك فابر، أن الطائفة الدرزية تُعدّ، من وجهة نظر الباحثين الفرنسيين، "حالة فريدة" في المشهد الطائفي والسياسي للشرق الأوسط، لا يُنظر إليهم كأقلية دينية، بل "أقلية عابرة للوطنية".

وأشار فابر، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن "هذا المجتمع المنغلق دينيًا، المتماسك اجتماعيًا، والذي تجاوز في وجوده الحروب والخرائط، لطالما حظي باهتمام خاص من دوائر القرار الفرنسي، لا سيما في لبنان وسوريا"، وفق تعبيره.

أخبار ذات علاقة

عنصر من الأمن السوري ينظر نحو منزل يحترق قرب السويداء

في خرق للهدنة جنوب سوريا.. البدو يهاجمون الدروز مجددا

العلاقة مع فرنسا

ووفقًا للباحث السياسي الفرنسي، فقد نشأت العلاقة الفرنسية مع الدروز في سياق استعماري، خلال فترة الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان (1920–1946). ويُنظر إليهم في باريس بوصفهم حلفاء محتملين ومستقرين ضمن طيف الجماعات الطائفية في المشرق.

ولفت فابر، إلى الدور الذي لعبه سلطان باشا الأطرش في الثورة السورية الكبرى (1925–1927) ضد فرنسا، والذي ترك أثرًا معقَّدًا في الذاكرة السياسية الفرنسية: "تمرد وطني مشروع، لكنه شكّل في الوقت ذاته تحديًا لسلطة الانتداب".

وأشار إلى أنه في لبنان، ومنذ تأسيس دولة "لبنان الكبير"، حرصت فرنسا على نسج علاقة خاصة مع الزعامات الدرزية، بدءًا من كمال جنبلاط، الذي لعب دورًا سياسيًا محوريًا في التوازنات الداخلية، وصولًا إلى ابنه وليد جنبلاط، الذي كان، ولا يزال، شريكًا أساسًا في الحوار الفرنسي-اللبناني.

"أقلية فوق وطنية"

من وجهة النظر الفرنسية، لا يُنظر إلى الدروز كمجرد أقلية دينية، بل كـ"أقلية عابرة للوطنية" تمتد جغرافيًا من سوريا إلى لبنان، وفلسطين وإسرائيل، وحتى الأردن.

وتُعد قدرتهم على الحفاظ على وحدة طُقسية وسياسية رغم التقلبات الإقليمية أمرًا فريدًا من نوعه. ويشبّه بعض الباحثين الفرنسيين هذا التماسك بدرجة من "الاستقلال السيادي داخل السيادة الوطنية".

ورأى فابر، أن هذه الهوية العابرة للحدود دفعت باريس، في بعض الأحيان، إلى النظر إلى الدروز بوصفهم لاعبين محتملين في مشاريع التوازن الإقليمي، خاصة خلال فترات الأزمات.

دروز سوريا وإسرائيل

وشدّد الباحث الفرنسي على أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة، التي زُعم أنها لحماية دروز السويداء، وُضعت تحت مجهر الحذر في باريس، موضحًا أن الموقف الفرنسي الرسمي لا يدعم أي "عسكرة" أو "تدويل" لحماية الأقليات، بل يؤكد على وحدة الأراضي السورية مع احترام حقوق الأقليات.

وأكد أن الاهتمام الإسرائيلي المفاجئ بالدروز السوريين يثير قلقًا في الأوساط الدبلوماسية الفرنسية، التي ترى أن هذا الاهتمام قد يُوظَّف لأغراض إستراتيجية في جنوب سوريا، لا سيما في ظل تراجع القبضة المركزية للدولة السورية.

كما رأى أن فرنسا تعتبر "احتواء الدروز" عبر أدوات ناعمة هو الأسلوب الأمثل، كالتعليم، والتعاون الثقافي، وربما الدعم غير المباشر عبر المؤسسات الدولية.

واعتبر فابر أن الطائفة الدرزية، من المنظور الفرنسي، ليست مجرد أقلية دينية تحتاج إلى الحماية، بل هي كيان سياسي–اجتماعي يتمتع بتاريخ من الاستقلالية، والممانعة، والبراغماتية.

وأضاف أن علاقة فرنسا بالدروز تحكمها الذاكرة التاريخية للانتداب، والمصالح السياسية في لبنان، والتحفظ الإستراتيجي في سوريا.

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

نتنياهو: المنطقة من الجولان حتى جبل الدروز ستبقى "منزوعة السلاح"

باريس ووليد جنبلاط

أما عن العلاقة بين باريس والزعيم اللبناني الدرزي وليد جنبلاط، فقد أشار فابر إلى أنها لطالما شكّلت ركيزة أساسية في تعاطي فرنسا مع الملف اللبناني.

وأوضح أن "جنبلاط، الذي يُجيد خطاب التوازن والتعامل مع العواصم الكبرى، لطالما كان حلقة وصل بين باريس وجبل لبنان، ليس فقط كزعيم طائفي، بل كفاعل سياسي عابر للطوائف".

وأشار إلى أن "فرنسا، رغم تقدم جنبلاط في السن وتراجع حضوره، ما زالت تنظر إليه كمصدر استقرار داخل مجتمع درزي يعيش على وقع استحقاقات سياسية وقيادية جديدة، مع تسليم الأدوار تدريجيًا إلى نجله تيمور جنبلاط".

وبين زعامة درزية تمتلك مفاتيح اللعبة اللبنانية، وأقلية درزية في سوريا تُعد ورقة في صراع القوى الإقليمية، تظل باريس حريصة على الإمساك بخيوط التوازن دون الانجرار إلى لعبة الاصطفافات.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC