أكد مختصون أن قضية المقطع الصوتي المسرب بشأن محاولة اغتيال زعيم التيار الوطني الشيعي في العراق، مقتدى الصدر، ترتبط بواحدة من أكثر اللحظات حساسية في البلاد، قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، خاصة وأنها الأولى التي تُجرى بغياب رسمي للتيار الصدري عن المشاركة.
وكشف عضو في التيار الصدري لـ"إرم نيوز" أن المقطع الصوتي المسرّب بشأن محاولة اغتيال زعيم التيار مقتدى الصدر، وصل إلى مقر إقامته في الحنانة قبل أن يعلن عنه الصحافي العراقي علي فاضل؛ وهو ما أثار غضباً واسعاً داخل صفوف أنصار التيار والمقربين من الصدر.
وأوضح عضو التيار الصدري، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "المقطع وصل عبر أطراف سياسية إلى الحنانة، قبل أن يُتحدث عنه عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ وهو ما دفع زعامات التيار إلى التعامل مع الأمر بجدية بالغة، خصوصاً مع حساسية الظرف السياسي الحالي".
وأشار إلى أن "قنوات اتصال فُتحت خلال الساعات الماضية بين زعامات سياسية والزعيم الصدري، في محاولة لتلافي تداعيات الحادثة، ومنعها من التحول إلى شرارة أزمة جديدة داخل البيت الشيعي".
وفي مقطع مصور كشف الإعلامي العراقي علي فاضل، المعروف بامتلاكه تسجيلات مسرّبة، عن امتلاكه تسجيلاً للنائب ياسر صخيل المالكي، صهر رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، يتحدث فيه عن "نية" استهداف الصدر بطائرة مسيّرة، خلال زيارته المعتادة لمرقد والده في النجف، وسرعان ما انتشر المقطع بشكل واسع؛ ما أدى إلى خروج أنصار الصدر في تظاهرات غاضبة بعدد من المدن، ليل الأحد.
وتطورت الأحداث بشكل لافت في محافظة البصرة، حيث احتشد المئات من أنصار التيار أمام مقر "سرايا السلام" في منطقة الطويسة، رافعين شعارات تطالب بحماية زعيمهم وتأمين مقرات التيار، كما شهدت الناصرية وبغداد تحركات مماثلة، وسط استنفار شعبي لافت.
ورغم نفي ياسر صخيل أي علاقة له بما ورد في التسريب، ووصفه بأنه "مفبرك" ويهدف إلى إثارة الفتنة، إلا أن أوساطاً سياسية حذرت من خطورة تصاعد الخطاب التحريضي، وما قد يترتب عليه من تداعيات تهدد السلم الأهلي.
بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي علي البيدر إن "الإقدام على خطوة مثل هذه يمثل مؤشراً خطيراً في المشهد العراقي، كونها تستهدف عنواناً سياسياً ودينياً بحجم مقتدى الصدر".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "مثل هذا الحدث، لو صح، فسيُعد كارثة سياسية ومجتمعية ودينية؛ ما يعكس حجم المخاطر التي قد تواجهها البلاد في المرحلة المقبلة".
وأشار البيدر إلى أن "ما يجري حالياً يدخل في إطار حالة عدم الاستقرار التي ترافق عادة المراحل الانتخابية في العراق، حيث تزداد الشائعات والتسريبات، لكن الأخطر هو التعامل مع هذه القضايا بشكل قد يؤدي إلى إرباك المشهد، وزعزعة ثقة الشارع بالعملية السياسية".
ويؤكد مراقبون أن حادثة التسريب الأخيرة أعادت إلى الأذهان توترات ما بعد انسحاب الصدر من البرلمان في 2022، وما تبعها من صدامات سياسية وأمنية؛ الأمر الذي يضع القوى العراقية مجدداً أمام تحدي منع تكرار سيناريوهات الدم والانقسام.
كما يرون أن استمرار الجدل حول مستقبل الصدر ودوره، سواء عبر التسريبات أو عبر محاولات عزله سياسياً، لن يوقف تأثيره داخل الشارع، الذي ما زال يعده "بيضة القبان" في التوازنات الداخلية، سواء قرر العودة إلى العملية السياسية أو بقي خارجها.
بدوره، أوضح الباحث في الشؤون الاستراتيجية ناجي الغزي أن "العراق يواجه اليوم نوعاً جديداً من الحروب غير التقليدية، تدار عبر الفضاء الرقمي بطرق ممنهجة تهدف إلى إرباك المشهد الداخلي وتشويه الحقائق، خاصة مع قدوم موسم الانتخابات، وما يتضمنه من تراشق وتصاعد في نوعية الخطابات".
وأضاف الغزي لـ"إرم نيوز" أن "هذه الحملات تمثل مؤشراً خطيراً على مستوى الأمن الوطني، كونها تستهدف زعزعة الثقة بالمؤسسات الرسمية وتأليب الرأي العام؛ ما يستدعي استجابة تقنية وتشريعية متوازية لحماية الاستقرار".