الكرملين: بوتين يجتمع مع كيم ويشكره على دعمه للجيش الروسي
قبل أقل من شهر على سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، نشرت وكالة "سانا" خبراً يقول إن القوات الروسية عززت وجودها في الجنوب السوري، وأقامت 9 نقاط مراقبة في ريفي القنيطرة ودرعا، وقرب منطقة "فصل القوات" مع إسرائيل.
أثار الخبر في حينه تكهنات حول دعم روسي أكبر للحليف السوري في مواجهة إسرائيل، التي ضاعفت تهديداتها وهجماتها ضد سوريا، خاصة بعد حرب أكتوبر 2023 في غزة.
لكن ما جرى فعلياً أن الوجود الروسي في البلاد تقلص، وأفرغت موسكو قواعدها وقواتها، باتجاه القاعدتين الأساسيتين في طرطوس، واللاذقية (حميميم).
واليوم، يعود الحديث عن دور روسي في الجنوب، لمواجهة التهديد ذاته، وأيضاً بطلب من دمشق، رغم اختلاف السلطات الحاكمة فيها، ووسط تهديد حقيقي لوحدة البلاد ودور إسرائيلي متزايد في الجنوب السوري، خاصة بعد الهجمات التي شنتها قوات حكومية مدعومة بمسلحي العشائر على السويداء وما رافقها من جرائم وانتهاكات.
فما الذي يعنيه الانتشار الروسي في جنوب سوريا؟
لم يصدر بعد أي تصريح رسمي عن انتشار قوات روسية في الجنوب السوري، باستثناء التسريب الذي نشرته صحيفة "كوميرسانت" الروسية نقلاً عن "مصدر حضر اجتماع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع الجالية السورية في موسكو، مطلع الشهر الجاري"، وقال للصحيفة إن "الحكومة السورية أبدت اهتمامًا بعودة دوريات الشرطة العسكرية الروسية إلى المحافظات الجنوبية من البلاد".
لم تشر الصحيفة إلى ما إذا كانت موسكو قابلت ذلك "الاهتمام" الحكومي السوري باهتمام مماثل، خاصة أن عودة روسيا إلى مواقعها السابقة قد "تمنع إسرائيل من التدخل في الشؤون السورية"، حسب مصدر الصحيفة، وهذا ما قد لا ترغب فيه موسكو في هذه الفترة، إذ إن توازنات القوى في سوريا شهدت تبدلات عميقة منذ 8 ديسمبر الماضي، وفتحت المجال أمام إسرائيل لتكون صاحبة قرار حاسم فيما يتعلق بالجنوب السوري بشكل خاص، وهو ما يؤكده تغلغلها شبه اليومي في تلك المنطقة، وإقامة قواعد وحواجز لها هناك، وتفريغ المنطقة ليس من أي وجود حالي لإيران أو حليفها، بل حتى من احتمال ذلك الوجود لاحقاً.
دور تعاظم بعدما شهدته السويداء، وحالة القطيعة بين السلطات في دمشق، وتلك المحافظة.
منذ دخولها رسمياً لاعباً أساسياً في الأزمة السورية عام 2015، كانت روسيا حلقة الوصل بين القوى المتصارعة في البلاد، وبقيت تحتفظ بعلاقات جيدة مع النظام السابق، وكذلك مع أعدائه.
ومنذ 2018 بدأت روسيا تشارك في دوريات أممية في منطقة "فك الاشتباك" بمحافظة القنيطرة، ولم يكن وجودها في الجنوب السوري خلال الأزمة يتعارض مع المصالح الإسرائيلية، إذ إنه كان يشكل نوعاً من التوازن أمام التمدد الإيراني في تلك المنطقة ذات الأهمية بالنسبة لإسرائيل.
لكن الوضع تبدل منذ سقوط الأسد، وتراجع الدور الإيراني في البلاد إلى درجة الانحسار الكامل، ولم تعد في البلاد قوة يمكن أن تكون منافسة لإسرائيل غير تركيا التي تربطها علاقات وثيقة بالسلطات الجديدة في دمشق، ويرى محللون أنها كانت وراء تنظيم زيارة الوفد السوري إلى موسكو، لبحث توسعة الدور الروسي ليكون عائقاً أمام التمدد الإسرائيلي.
وفي ساحة لم يبقَ فيها أي قوة منافسة، لا يبدو أن إسرائيل سترحب بأي قوة تنتشر في الجنوب، ويشير اتصالان هاتفيان أجراهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال أسبوع واحد، إلى أن هناك تنسيقاً، لكن دون أي بوادر اتفاق على وجود روسي.
لا تقتصر أهمية الجنوب السوري بالنسبة لإسرائيل على حماية "حدودها"، بل إن السيطرة عليه تجعل من الممكن تنفيذ ما يُعرف بـ"ممر داوود"؛ وهو الذي يضمن سيطرة إسرائيلية على طول الحدود الجنوبية لسوريا باتجاه المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية"، المنطقة الأخرى التي تشكل تهديداً لسلطات دمشق.
وقد كان لافتاً أن تصدر دعوة عن الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز لفتح معبر إنساني باتجاه المحافظة المحاصرة، وتلاقيها السلطات التي تسيطر على شمال شرق سوريا بالتأكيد على "الاستعداد التام" لفتح ممر إنساني باتجاه السويداء.