logo
العالم العربي

الأزمة تتصاعد.. هل وصلت العلاقات الجزائرية-الفرنسية إلى طريق مسدود؟

الأزمة تتصاعد.. هل وصلت العلاقات الجزائرية-الفرنسية إلى طريق مسدود؟
إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبونالمصدر: (أ ف ب)
15 يناير 2025، 4:34 ص

أدى تصاعد التوترات الجزائرية-الفرنسية إلى إلغاء زيارة الرئيس عبد المجيد تبون لباريس من أجندته الخارجية، بينما كان البلدان يتطلعان إلى طيّ ملفات الخلاف حول الذاكرة المشتركة، وتكثيف التنسيق الأمني في الساحل، وإنعاش المبادلات التجارية، برزت مسائل نزاع أخرى قد تستهدف هذه المرة حاملي جوازات السفر الدبلوماسية.

وجاء ذلك في الوقت الذي تتدهور فيه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، الأمر الذي قد يجعل القطيعة رسميًا قائمة، بعدما أعلنت الجزائر، في 30 يوليو 2024، سحب سفيرها فورًا.

أخبار ذات علاقة

تبون وماكرون

احتجاز "بوعلام" يفاقم التوتر بين فرنسا والجزائر

وبدلًا من الترتيب لزيارة تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي لتسوية عدة ملفات عالقة، على رأسها الذاكرة المشتركة المتعلقة بفترة الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830-1962)، انحدرت العلاقات إلى مستوى غير مسبوق من التوتر، إذ جُمّدت لجنة الذاكرة المشتركة التي تضم مؤرخين جزائريين وفرنسيين منذ آخر اجتماع لهم في يونيو الماضي، بسبب اعتقاد الجزائر بعدم جدية باريس في التعاطي مع الملف.

وصرّح تبون في آخر حديث له بأن ذهابه إلى باريس سيمثل "إهانة".

وتؤكد السلطات الجزائرية أن النخب الفرنسية الحالية ترفض التطرق إلى الملفات الجوهرية، وتركّز بدلًا من ذلك على قضايا جانبية، مثل اتفاقية الهجرة لعام 1968.

وبينما كانت الجزائر ترغب في إدراج التزام فرنسي بتنظيف مواقع التجارب النووية والكيميائية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966 ضمن محاور الزيارة، رفض الرئيس إيمانويل ماكرون هذا المقترح.

أما الملف الأمني، فيعدّ من القضايا الحساسة التي شهدت تراجعًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، إذ انقطعت قناة تواصل رئيسة، وفق ما كشفه مصدر جزائري مطلع.

وقد شكّل التعاون في محاربة الجماعات المتطرفة وشبكات الدعم في منطقة الساحل الأفريقي ركيزة مهمة بين أجهزة الدولتين، بحكم القرب الجغرافي، لكن لم يعد لدى باريس الكثير لتنتظره من الجزائر، خاصة بعد فقدان نفوذها في مالي والنيجر، وهو أمر يبعث على القلق، بحسب المصدر.

وفي دليل على عمق التنسيق الأمني سابقًا، جلس برنارد إيمي، رئيس المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي (جهاز المخابرات)، على طاولة الرئيس تبون خلال زيارة ماكرون إلى الجزائر عام 2022، بحضور كبار العسكريين الجزائريين، في مشهد نادر يعكس أهمية التعاون الأمني آنذاك، وهو ما تغيّر كثيرًا مع مرور الوقت.

اتهامات متبادلة وتصعيد سياسي

لكن الأمور اختلفت مؤخرًا، إذ أعلنت السلطات الجزائرية، في 15 ديسمبر، أنها وجهت "تحذيرًا شديدًا" إلى باريس، متهمة فرنسا بتنفيذ "عمليات ومناورات عدوانية" عبر جهاز استخباراتها الخارجية، تهدف إلى "زعزعة استقرار" الجزائر، دون تقديم تفاصيل إضافية.

كما أصبحت المناوشات الكلامية بين باريس والجزائر شبه يومية، وآخرها تلويح وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، بضرورة حرمان المسؤولين الجزائريين من دخول فرنسا دون تأشيرة. وذكّر دارمانان، خلال تصريحات تلفزيونية، باتفاق يعود إلى عام 2013، يتيح لحاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية، والذين يُقدّر عددهم بالآلاف، التنقل بحرية داخل فرنسا دون الحاجة إلى تأشيرة. كما دعا وزير الداخلية، برونو ريتايو، إلى تنفيذ القرار سريعًا.

من جانبه، زعم وزير الدولة الفرنسي لأقاليم ما وراء البحار، مانويل فالس، أن الجزائر تتعمد التصعيد مع فرنسا لأسباب سياسية داخلية، مشيرًا إلى أن هذا النهج غير مقبول ويؤثر على العلاقات الثنائية، خصوصًا في مجالات التعاون الاقتصادي والأمني والاستخباراتي. كما لمّح فالس إلى احتمال اتخاذ إجراءات مثل تقليص المساعدات التنموية أو فرض قيود على التأشيرات كوسيلة ضغط على الجزائر، مؤكدًا أن "الجزائر لديها الكثير لتخسره في هذه القضية" وفق تعبيره.

أما السفير الفرنسي السابق في الجزائر، كزافييه دريانكور، فقد ذهب إلى حد اقتراح حظر رحلات الخطوط الجوية الجزائرية إلى فرنسا، مشيرًا إلى أن خط باريس-الجزائر وحده ينقل أكثر من مليون مسافر سنويًا.

دعوات للتهدئة وسط التصعيد

وعلى الرغم من حدة الأزمة، برزت أصوات تدعو إلى التهدئة، فقد حثت الوزيرة الفرنسية السابقة، سيغولين رويال، على "تجنب الغرور الناجم عن نسيان التاريخ" وفق تعبيرها. وقالت في تصريح لقناة "بي أف أم" إن "فرنسا لديها تاريخ مشترك مؤلم مع الجزائر"، مشيرة إلى أن "لدينا دينًا معنويًا تجاه الجزائر، لأن الاستعمار كان وحشيًا بحق، وإنهاء الاستعمار كان صعبًا أيضًا".

في المقابل، وصف الدبلوماسي والوزير الجزائري الأسبق، عبد العزيز رحابي، في تغريدة على منصة "إكس"، اللهجة التصعيدية التي يتبناها بعض المسؤولين الفرنسيين، وخاصة وزيرا الخارجية والداخلية، بأنها "رقصات التافهين"، مشيرًا إلى غياب أي مبرر جاد لهذه المواقف العدائية تجاه الجزائر.

وازدادت حدة التوتر بين البلدين منذ منح جائزة غونكور للكاتب الجزائري كمال داود في 6 نوفمبر، ثم اعتقال الكاتب بوعلام صنصال في مطار الجزائر في 16 نوفمبر، وما تلاه من اعتقال السلطات الفرنسية لعدد من المؤثرين الجزائريين، ما أدى إلى مزيد من التصعيد في الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC