مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
العالم العربي

"برلمان الفصائل".. العلاقات العراقية الأمريكية تواجه "أخطر اختبار"

أنصار السوداني يحتفلون بفوز تحالفه في الانتخابات العراقيةالمصدر: رويترز

يتصدّر صعود الفصائل المسلحة داخل البرلمان العراقي الجديد واجهة النقاش السياسي، بعدما سجلت هذه الجماعات حضورًا غير مسبوق بلغ نحو 80 نائبًا، في زيادة وُصفت بأنها الأعلى منذ 2003، الأمر الذي يعيد وضع العلاقة الأمريكية – العراقية تحت اختبار جديد.

وشكل ملف الميليشيات المسلحة، أحد أبرز الملفات الحاسمة في علاقة بغداد وواشنطن، إذ أكد مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العراق، مارك سافايا، قبل مباشرة عمله أن واشنطن "لن تسمح بوجود جماعات مسلحة خارج سلطة الدولة" وأن الولايات المتحدة ستعمل على الحد من التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي".

هذا الصعود العددي للفصائل لم يكن تفصيلاً ثانويًا، بل أحد أبرز مخرجات انتخابات 2025، التي غيّرت شكل البرلمان بصورة لافتة مقارنة بانتخابات 2021.

أخبار ذات علاقة

محتجون يطالبون بتغيير قانون الانتخابات - أرشيف

دور إيراني خفي.. كيف جرى إخراج "حركة تشرين" من البرلمان العراقي؟

وتشير المعطيات إلى زيادة تقارب 50 مقعدًا إضافيًا لصالح القوى المرتبطة بفصائل مسلحة، في وقت شهدت فيه الخريطة الانتخابية خسارة نحو 20 شخصية عشائرية بارزة، وصعود 239 وجهًا جديدًا إلى مجلس النواب من أصل 329.

وتصدرت كتلة "صادقون" – الجناح السياسي لعصائب أهل الحق – قائمة الفصائل الأكثر حصولًا على المقاعد بـ 27 مقعدًا وفق الإحصاءات المختلفة، تلتها منظمة «بدر» بزعامة هادي العامري التي حصدت نحو 20 مقعدًا، ثم كتلة «حقوق» التابعة لكتائب حزب الله بـ 6 مقاعد، وكتلة "سند"، الجناح السياسي لجند الإمام، بـ 6 مقاعد أخرى.

فيما تمكن تحالف "خدمات"، الذي يشارك لأول مرة ويقوده شبل الزيدي المرتبط بميليشيا الإمام علي، من الحصول على 8 مقاعد بحسب ما أعلنته مفوضية الانتخابات، فضلاً عن كتل صغيرة أخرى، تتراوح مقاعدها بين 1 – 5.

وهذه الكتل مجتمعة تشكّل الكتلة الصلبة للفصائل المقربة من إيران، إضافة إلى نواب مستقلين ذوي ولاء عقائدي مشابه، ما يرفع حجم التيار الموالي لطهران داخل البرلمان الجديد إلى مستوى غير مسبوق.

أخبار ذات علاقة

نتائج الانتخابات العراقية 2025

بعد صدور نتائج الانتخابات الرسمية.. من هم أبرز 3 مرشحين لرئاسة الحكومة العراقية؟

لحظة حرجة

وهذا التوسع العددي يأتي في لحظة حساسة بالنسبة للعراق، إذ لم تفز أي قائمة بأغلبية مريحة تخولها تشكيل الحكومة منفردة، ما يجعل التفاوض بين القوى السياسية هو المسار الحتمي خلال الأسابيع المقبلة.

ويرى سياسيون أن نتائج 2025 لم تُنتج كتلة مهيمنة، بل أفرزت قوى متقاربة الحجم، الأمر الذي يعزز دور التحالفات العريضة ويضع سقفًا أعلى لتأثير المواقف الخارجية، وبشكل خاص الموقف الأمريكي الذي تراقبه القوى السياسية رغم إنكارها المباشر لذلك.

في هذا السياق، يشير الباحث في الشأن السياسي عبدالغني الغضبان إلى أن "القراءة الرقمية لفوز الفصائل تتجاوز 80 نائبًا، بل إن الجرد الدقيق يكشف أن البرلمان العراقي يضم ما يقارب 100 نائب يؤمنون عقائديًا بالولي الفقيه، ويشكل أغلبهم امتدادًا للفصائل المسلحة"، وفق تعبيره.

ويؤكد الغضبان لـ"إرم نيوز" أن "الولايات المتحدة لن تتدخل في اختيار رئيس الوزراء ولا في تفاصيل العملية السياسية كما يُشاع، لكن ما يهمها هو ضمان حماية مصالحها العسكرية والمدنية في العراق ومنطقة الشرق الأوسط، وعدم توجه الفصائل أو النواب المقرّبين منها لخلق توترات قد تمسّ الوجود الأمريكي، خصوصًا في حال حدوث تصعيد إقليمي جديد يتعلق بإسرائيل أو حزب الله أو إيران".

عودة التهديدات

وفي موازاة التقييم السياسي، يرى باحثون في الشأن الأمني أن صعود الفصائل المسلحة إلى داخل البرلمان يطرح تحديًا على مستوى توازن القوة داخل المؤسسات.

ويؤكد الباحث الأمني رياض الجبوري أن "تضخم الأجنحة السياسية للفصائل قد يؤدي إلى تعقيد بيئة الأمن الداخلي، نظرًا إلى تقاطع بعض هذه الجماعات مع الدولة في الملف العسكري والانتشار الأمني".

أخبار ذات علاقة

خلال عملية الانتخابات للبرلمان العراقي

فاز بالكتلة الأكبر.. الإطار التنسيقي يبدأ تحركات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة

وأوضح الجبوري لـ"إرم نيوز" أن "العراق قد يواجه عودة موجة التهديدات التقليدية، في حال تحولت المواجهة السياسية بين الكتل إلى صراع نفوذ على الأرض، خصوصًا أن بعض المناطق لا تزال هشة أمنيًا وقابلة لتقلبات مفاجئة".

وحذر من "تراجع التنسيق الأمني بين العراق والولايات المتحدة ما ينعكس على برامج التدريب، والدعم الجوي، وقدرات الاستخبارات، وهي ملفات يعتمد عليها العراق بدرجة أساسية".

وتبدو واشنطن حتى الآن حذرة في قراءة نتائج الانتخابات، لكنها تتابع – بحسب مراقبين – مسار المفاوضات السياسية، مع مراعاة عاملين أساسيين؛ الأول يتعلق بوجود كتلة برلمانية كبيرة موالية لإيران، والثاني بقدرة الحكومة المقبلة على ضبط هذه القوى ومنع انزلاقها نحو ساحات الصراع. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC