قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أمس الخميس، إن إسرائيل سلحت ميليشيا فلسطينية صغيرة تسيطر على شريحة من الأراضي في جنوبي قطاع غزة كجزء من خطة لبناء المقاومة المحلية لحماس، وهو ما يوفر لمحة عن رؤيتها لما بعد الحرب للقطاع.
وأفاد مسؤول إسرائيلي بأن قائد الميليشيا، ياسر أبو شباب، تلقى أسلحة من الجيش الإسرائيلي عثر عليها داخل غزة خلال الحرب.
ويُظهر مقطع فيديو نشرته هذا الأسبوع ميليشيا أبو شباب، التي تُطلق على نفسها اسم "القوة الشعبية"، رجالًا مسلحين يحملون ما يبدو أنها بنادق إم-16 وكلاشينكوف وهم يقومون بدوريات في الشوارع.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقطع فيديو نشره على صفحته على منصة "إنستغرام"، أن إسرائيل تدعم مجموعات في غزة معارضة لحماس، بعد أن تحدث أحد نواب المعارضة علناً عن الجهود الإسرائيلية، وصوّر مجموعة أبو الشباب كمنظمة إرهابية.
وقال نتنياهو "ما العيب في هذا؟ إنه أمر جيد. إنه ينقذ حياة جنود إسرائيليين"، وفق تعبيره.
وينفي أبو شباب، البالغ من العمر 34 عامًا، تسليح إسرائيل له، ويقول إنه مدعوم من السلطة الفلسطينية. ولم تستجب السلطة الفلسطينية لطلبات التعليق من الصحيفة الأمريكية، لكن متحدثًا باسم قواتها الأمنية قال إن الجماعة لا تملك أي أسلحة في غزة.
وتقول حركة أبو شباب إن الأراضي التي تدعي أنها تقع في جنوبي قطاع غزة تقع تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية.
واتُهم أبو شباب من قِبَل حماس بنهب المساعدات الإنسانية، وهي تهمةٌ وجّهها بالمثل إلى الحركة الفلسطينية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، صرّح أبو شباب لصحيفة "وول ستريت جورنال" بأنه "استولى" على المساعدات التي دخلت غزة لتوفير الغذاء لسكان حي الشوكة جنوبي غزة الذين تحت حمايته.
ويوم الخميس، صرّح في مقابلة أخرى مع الصحيفة بأن 20 عائلة جديدة انضمت إلى قطاعه، حيث تُقدّم لهم الغذاء والدواء والحماية من حماس وإسرائيل. ويقول إن هدفه هو حماية السكان الذين تحت حمايته من النزوح.
وقال: "خطتنا هي العيش بكرامة. ليس من المستغرب أن يصفونا بالمتعاونين، لكننا ببساطة شعب صامد اختار البقاء".
وبعد عشرين شهرًا من الحرب، فشلت إسرائيل في استئصال حماس تمامًا من غزة، ويعود ذلك جزئيًا إلى عدم استبدالها بقيادة فلسطينية بديلة.
كما رفض نتنياهو السماح للسلطة الفلسطينية بحكم غزة. وصرح بأنه يبحث بدلًا من ذلك عن شركاء محليين على الأرض في غزة، غير تابعين لحماس ولا للسلطة الفلسطينية.
لكن دعم أبو شباب، الذي أدار في وقت سابق من الحرب عصابةً نهبت المساعدات الإنسانية، ينطوي على مخاطر كبيرة. تتهمه حماس بأنه مجرم ومتعاون مع إسرائيل. كما لا يبدو أنه يحظى بدعم سياسي واسع من السكان، بحسب تقرير الصحيفة.
من جهته، قال حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والمقيم في الأردن: "تهدف إسرائيل إلى إنشاء قوة محلية موالية وموازية. لكن لكي تحظى هذه القوة بقبول شعبي، فإنها تتطلب شكلاً من أشكال الشرعية".
وأضاف أبو هنية أن "أبو شباب والعديد من رجاله كانوا معروفين بجرائمهم في ظل حكم حماس، وهم الآن يغتنمون الفرصة للاستيلاء على بعض السلطة بينما تكافح حماس للحفاظ على قبضتها على القطاع".
وأشار إلى أن الحركة ستواجه صعوبة في التطور إلى هيئة سياسية قادرة على حكم غزة، مبيناً أن "هذه هي معضلة إسرائيل، فهي تبحث عن بديل لحماس، لكنها لا تجد من يتولى هذا الدور".
وبعد أن زعم النائب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أمس الخميس، أن إسرائيل تسلح أبو الشباب، أصدرت حماس بيانا قالت فيه: "إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يسلح العصابات الإجرامية في قطاع غزة في جهد مدروس لخلق فوضى أمنية ومجتمعية، وتعزيز مخططات الاحتلال في التجويع المتعمد والسرقة المنظمة للمساعدات الإنسانية".
ودخلت قوات حماس وأبو الشباب في معارك ضارية. في نوفمبر/تشرين الثاني، استهدفت حماس مجموعة أبو الشباب في خان يونس، ما أسفر عن مقتل 20 شخصًا على الأقل، من بينهم شقيق أبو الشباب، وفقًا لأبو الشباب. كما قال إنه أغلق الطريق بين خان يونس ورفح بعد مقتل شقيقه. وحاولت حماس مجددًا في أواخر مايو/أيار اغتيال أبو الشباب، ونشرت تسجيلًا مصورًا للمحاولة، ووصفته بأنه جاسوس إسرائيلي.
في مقطع فيديو منفصل نشرته قوات أبو الشباب الشعبية على فيسبوك يوم الأربعاء، زعمت الجماعة أن حماس تسرق المساعدات الإنسانية من الشعب. وتزعم إسرائيل أن حماس تسرق المساعدات لتمويل مجهودها الحربي، وهو ادعاء تنفيه الجماعة.
ويقول صوت في الفيديو: "وضعنا حداً لعار السرقة والتسول واستغلال معاناة الناس، ووزعنا المساعدات مجاناً على النازحين شرقي رفح".
ويُظهر فيديو آخر نشرته الجماعة عناصر ملثمين من الميليشيا يرتدون سترات وخوذات تكتيكية، وهم يقومون بدوريات في الشوارع، ويتوقفون للتواصل مع قوافل الأمم المتحدة والصليب الأحمر. وكان على زيهم العسكري أعلام فلسطينية، مماثلة لتلك التي ترتديها قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية.
ووفق الصحيفة فإن هذا دليل على جهود أبو الشباب لبسط سيطرته وسلطته. وتقول جماعته إنها تمتلك الآن مكتبًا إعلاميًا. لم يُفصح عن حجم ميليشياته، لكنه أشار إلى تزايد أعداد أفرادها.
ووصف أبو شباب مجموعته بأنها محلية ومن قبيلة بدوية كبيرة، وقال: "أسلحتنا بدائية؛ أسلحة قبلية، وليست أسلحة إسرائيلية ولا من حماس. نحن بدو، وفي كل بيت بدوي، خاصة في المناطق الشرقية، توجد أسلحة".
وأنكر أبو شباب كونه مجرمًا قبل الحرب، قائلًا إنه كان يبيع الخضراوات. ومع ذلك، عندما اعترف في نوفمبر/تشرين الثاني لصحيفة "وول ستريت جورنال" بنهبه المساعدات، قال إنه "ليس ملاكا".
بدوره، أكد مايكل ميلستين، رئيس الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أن فرص نجاح الخطة ضئيلة بسبب خلفية أبو شباب في النهب وافتقاره إلى أي دعم واسع النطاق داخل غزة.
وأضاف "أنا متأكد تمامًا من أن حماس ستسحقهم.. احتمال نجاح هذه الإمارة الصغيرة ضئيل جدًا"، وفق قوله.