logo
العالم العربي

منذ 7 أكتوبر.. كيف انهار "محور المقاومة" التاريخي؟

تجمع في طهران بذكرى اغتيال نصر اللهالمصدر: رويترز

على مدى أربعة عقود، أنفقت إيران مليارات الدولارات والأسلحة والعقول العسكرية على مشروع كبير: بناء شبكة من الميليشيات المناهضة لإسرائيل في الشرق الأوسط تُعرف باسم "محور المقاومة" ومن شأنها أن تنضم إلى طهران إذا اندلعت حرب مع تل أبيب.

أخبار ذات علاقة

خلال تشييع جثامين ضحايا تفجير البيجر في لبنان

لوموند: "محور المقاومة" يترنح تحت الضربات الإسرائيلية

في حرب الـ 12 يومًا، خلال يونيو/ حزيران الماضي، أكدت سلسلة الضربات الإسرائيلية على إيران مدى التدهور الذي لحق بهذا المحور منذ الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث تلقت كل أذرع المحور ضربات مؤثرة على طول وعرض الإقليم.

وربّما لم يُدمّر المحور تمامًا، كما تنقل صحيفة "نيويورك تايمز" عن مهند الحاج علي، الباحث البارز في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، "لكنه تضاءل بشكل ملحوظ وتحوّل إلى محور سهل المنال ينتظر الضربات الإسرائيلية القادمة، بدلًا من أخذ زمام المبادرة".

وكانت إيران عملت على تعزيز شبكة الجماعات المسلحة، التي تضم حماس، وحزب الله، والحوثيين، والميليشيات في العراق، لتمكينها من تنفيذ هجمات على إسرائيل وتزويد طهران بحلفاء في المنطقة، يمكن أن يشكلوا رادعًا ضد الهجمات الإسرائيلية على إيران.

وبعد الهجمات التي شنّتها إسرائيل على المحور إثر هجوم السابع من أكتوبر، من غزة إلى بيروت ودمشق وبغداد حتى صنعاء، أصبح ردّ فعل المحور خجولًا بشكل متزايد.

ووفق "نيويورك تايمز"، فقد تدهورت حركة حماس، التي حكمت غزة لفترة طويلة، بعد الحرب المدمّرة وغير المسبوقة على القطاع.

وفي لبنان، يعاني حزب الله  خسائرَ فادحة بعد حربه التي استمرت 14 شهرًا مع إسرائيل والتي قضت على كبار القادة في الحزب، ودمّرت معظم ترسانته، وتركت البلاد مع فاتورة بمليارات الدولارات لإعادة الإعمار.

ووفق جوني منير، المحلل السياسي المقيم في بيروت، فإنه إلى جانب القيود العسكرية، يعاني حزب الله توترًا سياسيًّا أيضًا، إذ تزايدت المعارضة له في لبنان، حتى أن حلفاءَه السابقين لم يعودوا متحالفين معه.

كما خسر كلٌّ من حزب الله وإيران حليفًا رئيسًا في ديسمبر/كانون الأول 2024، بعد أن أطاح المعارضون السوريون بنظام الرئيس بشار الأسد، الحليف الرئيس لطهران في المنطقة، وقطعوا الطريق البرّي الرئيس الذي كانت تستخدمه لتزويد حزب الله في لبنان بالأسلحة والأموال.

في العراق، انكفأت سريعًا الميليشيات المدعومة من إيران، عن الانخراط أكثر في ما يُعرف بـ "جبهة الإسناد"، بعد تقارير صحفية كشفت عن "وعيد" الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وأنها ستواجه هجمات "ساحقة" تنهي وجودها بالكامل، كما كشفت صحيفة "التايمز" في تقرير سابق.

ولم تبد تلك الميليشيات التي يقدر عددها بالعشرات أيّ "إسناد" لطهران عندما تعرّضت صيف هذا العام لهجمات أمريكية وإسرائيلية "نادرة"، رغم ما نُسب للأمين العام لما يعرف بـ"كتائب سيد الشهداء" أبو علاء الولائي في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي من أنه إذا اندلعت الحرب فإن مئات الانتحاريين سيأتون في الوقت المناسب.

ويبدو الآن أن أقوى ذراع في هذا المحور هي الحوثيون في شمال غرب اليمن، الذين يطلقون الصواريخ والطائرات من دون طيار على إسرائيل ويستهدفون السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، في ما وصفه مسؤولون حوثيون بأنه حملة تضامن مع الفلسطينيين في غزة.

بيدَ أن الميليشيا التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن بما في ذلك العاصمة التاريخية، صنعاء، تعرّضت لهجمات إسرائيلية مؤثّرة، قتلت إحداها في نهاية أغسطس/ آب الماضي، وزراء في الحكومة التابعة للحوثيين بمن في ذلك رئيسها أحمد الرهوي. 

"تحالف أجوف"

وصفت صحيفة "هآرتس" العبرية تحالف إيران وأذرعها بـ "الأجوف"، وذلك في تقرير عقب حرب الـ 12 يومًا في يونيو الماضي، وقالت إنه "لسنوات، حذّرت إسرائيل وحلفاؤها من محور يربط إيران وحزب الله وحماس وآخرين، ومع اندلاع الحرب الآن، يبدو هذا التحالف أجوف".

واعتبرت الصحيفة العبرية أن التحالف "تفكك" في أول حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران، بعدما هاجمت تل أبيب طهران بشكل نادر، وردّت إيران، بأمر من المرشد الأعلى علي خامنئي، بإطلاق الصواريخ والتصريحات والوعود بالانتقام، "لكن عندما نظرت حولها، اكتشفت أنها وحيدة".

وبحسب "هآرتس" أيضًا، فإن أذرع إيران من بيروت إلى صنعاء لم تكن "سوى سوط تضرب به من حين لآخر، ولكن في الممارسة العملية، كانت هذه المنظمات تفتقر إلى عنصر الردع الإستراتيجي الطويل الأمد، ضد دولة تتمتع بتفوق عسكري، مثل: إسرائيل وداعمها المباشر الولايات المتحدة".

ترامب بدأ المهمة وأكملها

وتذهب صحيفة "الصباح" التركية إلى أن ترامب كان هو من تسبّب في انهيار شبكة وكلاء إيران خلال رئاسته الأولى، ففي إطار سياسة "الضغط الأقصى"، انسحبت الولايات المتحدة عام 2018 من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسميًّا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.

ووجّه ترامب في نهاية ولايته الأولى أكبر ضربة لطهران عندما أمر بقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، العقل المدبر وراء شبكات وكلاء إيران، في بغداد في يناير/ كانون الثاني 2020 في غارة جوية بطائرة مسيرة.

وفي ولايته الثانية، استكمل ترامب مهمة استهداف "محور إيران"، عبر تحييد كامل للميليشيات العراقية، والانخراط في ضربات مباشرة ضد إيران والحوثيين، والضغط السياسي على حزب الله المنهك عسكريًّا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC