أثارت خطوات سلطات إقليم كردستان إغلاق مقار تابعة لحزب العمال الكردستاني، في محافظة السليمانية، تساؤلات عن دلالة الخطوة، وما إذا كانت تمهيدًا لإجراءات أكبر تجاه الحزب في المدينة.
وأغلقت قوات الأمن "الآسايش" في محافظة السليمانية أربعة مكاتب ومراكز مقربة من حزب العمال الكردستاني، وهي مؤسسة "حركة المرأة الحرة" وشركات "نوغار" و"مارزيا" و"كيزينك"، التي تُنتج مواد إعلامية؛ بداعي انتهاء تراخيص عملها.
وقررت الحكومة العراقية، العام الماضي، تصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة محظورة، ووجهت خطابا إلى مؤسسات الدولة والوزارات بالتعامل مع الحزب وفق هذا المنظور.
وقالت سلطات الإقليم إن الإغلاق جاء بسبب عدم تجديد الرخص القانونية للبث الإعلامي.
وتميزت السليمانية بتعاونها النسبي مع قيادات حزب العمال الكردستاني، بخلاف مدينة أربيل التي اتخذت موقفاً مختلفاً، إذ أدى هذا التعاون إلى فرض تركيا حظراً على مطار السليمانية، مبررة ذلك بتسهيل حركة قادة حزب العمال الكردستاني واستخدامهم المطار في أنشطة خاصة.
وبحسب عضو في الاتحاد الوطني، فإن "القرار الجديد جاء ضمن توجه حزب الاتحاد الوطني لتطبيع العلاقات مع الدول الإقليمية بشكل أفضل، وإجراء مراجعات داخلية، لتجنب التأثيرات السلبية لبعض القرارات".
وأشار إلى أن "الاتحاد الوطني لم يدعم حزب العمال، وإنما تركهم في السليمانية وبعض المدن دون ملاحقات، وهذه هي فلسفة الاتحاد الوطني، باعتبارهم من القومية الكردية".
وأوضح عضو الاتحاد، الذي طلب إخفاء اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "بعض الجهات داخل العمال الكردستاني تستغل هذا السماح، وتتوسع في نشاطاتها بشكل يتجاوز المتفق عليه، وهذا خطأ كبير".
وأضاف: "لذلك صدرت قرارات عدة بشأن ملف العمال الكردستاني، لكن في المجمل، فإن القرار لا يعني إنهاء وجودهم أو طردهم، وإنما الحفاظ على مستوى مقبول من العلاقة، بما لا يُغضب بقية الأطراف، وتحديدًا تركيا وكذلك حليفها الحزب الديمقراطي في أربيل".
خلال الأيام القليلة الماضية، برزت سيناريوهات تتعلق بدور حزب العمال الكردستاني في العراق، من بينها احتمال أن تلجأ إيران لاستخدام الحزب لشن هجمات على تركيا ردًا على التطورات في سوريا.
كما طُرح سيناريو آخر يتمثل في استغلال الحزب كحلقة وصل للتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا، بهدف دمجها في "محور" مناهض للتحركات التركية في المنطقة.
وبدأ حزب العمال الكردستاني منذ عام 2018 توسيع نشاطه ليشمل الساحة السياسية، إذ عمل على تسجيل أحزاب جديدة والانخراط في الانتخابات، مما أثار تنافساً مع الأحزاب الكردية التقليدية، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني.
ولم يقتصر نشاطه على هذا الجانب، بل حاول أيضاً كسب تأييد بعض القوى العربية السنية، معتمداً على دعم تقدمه فصائل مسلحة مرتبطة بتحالف "الإطار التنسيقي".
ومع سقوط نظام بشار الأسد، تصاعدت التساؤلات حول طبيعة التعاون بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحزب العمال الكردستاني، فقد ظهرت شكوك حول دور هذا التعاون في تعزيز نفوذ الحزب في إقليم كردستان، خاصة مع تطور الأحداث في سوريا ومحاولات قسد تأكيد وجودها في المشهد السياسي والعسكري السوري.
بدوره، يرى المحلل السياسي الكردي، هفال مريوان، أن "التعاون بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحزب العمال لا يعكس استراتيجية موحدة، بل يعبر عن تداخل مصالح مؤقتة تسعى كل جهة من خلالها لتحقيق مكاسبها الخاصة في ظل التغيرات الإقليمية".
وقال مريوان لـ"إرم نيوز"، إن "الحديث عن تحالف مستدام بين الطرفين مبالغ فيه، إذ تعمل قسد على تعزيز مكانتها محلياً بعيداً عن أجندات الحزب العابرة للحدود".
وأشار إلى أن "المتغيرات السياسية والعسكرية في سوريا والعراق ستفرض إعادة تشكيل التحالفات بما يتماشى مع موازين القوى الجديدة".
ويمثل هذا الإجراء مصدر ارتياح لتركيا، إذ تعتبره خطوة تعزز أمنها القومي وتحد من نفوذ حزب العمال الكردستاني في المنطقة.