كشف مصدر سياسي مطلع عن لقاء أجراه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعدد من قادة الميليشيات المسلحة، وذلك في إطار مساعٍ حكومية لاحتواء التوتر المتصاعد في ظل الحرب التي تشنها إسرائيل على إيران.
وذكر المصدر، الذي تحدّث لـ"إرم نيوز" مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، أن "اللقاء عقد قبل أيام وحضره ممثلون عن أغلب الميليشيات، وتم خلاله بحث الموقف من التهديدات الأخيرة وخططها في حال تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً ضد إيران".
وبيّن أن "السوداني شدد خلال الاجتماع على أن الحكومة ملتزمة بحماية سيادة العراق ومنع استخدام أراضيه كساحة صراع، حيث طالب قادة الفصائل بضبط الخطاب الإعلامي وتجنب أي تحرك عسكري قد يعرض أمن البلاد للخطر".
وأشار المصدر إلى أن "بعض قادة الفصائل أبلغوا السوداني بأن قرار الرد العسكري يبقى رهناً بتطورات الوضع الإقليمي، وأن التصعيد ليس واردًا في الوقت الحالي".
ومنذ أيام يطلق قادة الميليشيات المسلحة في العراق تهديدات متتالية ضد إسرائيل وحتى الولايات المتحدة، دون الانخراط المباشر في الحرب، في وقت يرى مختصون أن هذه الجماعات تسير وفق استراتيجية "الردع المشروط" وليس خطة تصعيد مفتوح.
وقال الباحث في الشأن السياسي عبدالله الركابي، إن "الفصائل تحاول عبر هذه التهديدات رفع سقف الخطاب لصالح إيران، لكنها في الواقع لن تدخل في مواجهة مباشرة ما لم تتجاوز الولايات المتحدة الخط الأحمر وتهاجم إيران عسكرياً بشكل واضح".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الفصائل تتحرك دائماً في هامش مرتبط بقرار طهران، فهي بمثابة أوراق ضغط في يد إيران، وتستخدم كرسائل تكتيكية لإرباك الجانب الأمريكي والإسرائيلي، لكنها تعرف جيدًا أن أي مواجهة واسعة ستجعلها هدفاً مشروعاً وتعرض مناطق نفوذها لخسائر جسيمة".
وبيّن الركابي أن "هذه المواقف لا تخلو من محاولة تسجيل نقاط سياسية وإعلامية داخل العراق أيضاً، إذ تسعى بعض الفصائل لتعزيز شعبيتها في الأوساط الموالية لمحور المقاومة عبر التلويح بالتصدي لأي عدوان على إيران، رغم أن الواقع الأمني والسياسي للعراق لا يتحمل هذا النوع من التصعيد".
ووفق تقارير ميدانية، فقد كثفت السفارة الأمريكية وقواعد عين الأسد وحرير وبلد إجراءاتها الوقائية منذ بدء التصعيد بين تل أبيب وطهران، مع رصد تحركات استخبارية لأي محاولة تسلل أو إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة تستهدف المواقع الغربية.
وتشير تقديرات عسكرية إلى أن القوات الأمريكية وضعت خطة طوارئ تتضمن الإخلاء الجزئي وتعزيز الدفاعات الجوية في حال تحوّل التهديدات إلى هجمات فعلية.
وتعتبر الميليشيات المسلحة العراقية جزءاً من منظومة أوسع عابرة للحدود، مرتبطة مباشرة بالحرس الثوري الإيراني، وقد سبق أن شاركت في معارك خارج العراق، خصوصاً في سوريا، كما أنها مسؤولة عن هجمات سابقة استهدفت القوات الأمريكية منذ العام 2003 وحتى ما بعد إعلان هزيمة تنظيم "داعش".
ويُنظر إلى العراق باعتباره أحد الممرات الأساسية لأي تصعيد إقليمي في حال نشوب مواجهة شاملة، حيث تربط الميليشيات وجود القوات الأمريكية على أراضيه بالقرار السياسي لواشنطن، وتعتبره ذريعة دائمة لتبرير نشاطها المسلح وخطابها المقاوم.
ولغاية الآن لم يُسجل أي انخراط فعلي للميليشيات المسلحة العراقية في الحرب الدائرة، إذ اقتصرت فعالياتها على مستوى الدعم الإعلامي والتحشيد الشعبي، فضلاً عن تقديم مساعدات إغاثية لإيران، مع إبقاء الخيار العسكري مرهوناً بتطورات الميدان وفي تصريحات قادة هذه الميليشيات.