ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
تتسع دائرة القلق في إقليم كردستان مع تكرار تأخر رواتب الموظفين، رغم إعلان حكومة الإقليم الإيفاء بالمتطلبات المالية المتفق عليها مع بغداد، في وقت تبدو فيه القوى الكردية عاجزة عن بلورة موقف موحد تجاه الأزمة المتصاعدة.
وبينما بدأت وزارة المالية العراقية بصرف رواتب نوفمبر/ تشرين الثاني لموظفي الوسط والجنوب، يواصل موظفو الإقليم انتظار تمويل رواتب سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول؛ ما يعيد الأزمة إلى واجهتها الأولى رغم الوعود المتكررة بمعالجة الملف بشكل مستدام.
وتسلّمت وزارة المالية الاتحادية قوائم الرواتب من حكومة الإقليم، وفق ما أكدته وزارة المالية والاقتصاد في أربيل، مشيرة إلى أن عملية التسليم جرت “وفق الإجراءات المتفق عليها” وبالتنسيق مع دائرة المحاسبة في بغداد.
وأكد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني أن "الإقليم أوفى بجميع التزاماته الدستورية والقانونية دون استثناء"، مشيراً إلى أنه "لم تعد هناك أي مسوغات فنية أو قانونية تُبرر تأخير صرف مستحقات الإقليم، في وقت بدأت فيه الحكومة الاتحادية بصرف رواتب شهر تشرين الثاني".
وأضاف في تصريح، أن المسؤولية باتت “كاملة على عاتق الحكومة الاتحادية لضمان إيصال جميع المستحقات المالية لمواطني كردستان أسوة بباقي العراقيين”، مؤكداً أن حكومته تمارس أقصى درجات المتابعة لمنع ضياع أي راتب من رواتب هذا العام.
وتسلط هذه التطورات الضوء على ضعف العلاقة المالية بين بغداد وأربيل، خاصة مع اختلاف القوانين المالية المعتمدة لدى الجانبين التي ما زالت تشكل فجوة في آليات التنفيذ، كما أن غياب الموازنة لعام كامل وضع الحكومة الاتحادية ضمن صلاحيات محدودة.
في هذا السياق، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة إن "هذا الأمر متوقع من الحكومة العراقية في أي وقت؛ لأنها لم ولن تلتزم بأي اتفاق يتم إبرامه مع أي طرف كردستاني".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "الاتفاق الأخير مؤقت وينتهي بنهاية العام، ولم يُنفذ حتى بنسبة 50% منه"، معتبراً أن "الحكومة الاتحادية تتعامل مع ملف الرواتب كأداة ضغط سياسية، خشيةً من مهاجمة الإعلام المرتبط بالفصائل المسلحة إذا التزمت بتنفيذ الاتفاق كاملاً”.
وأشار زنكنة إلى أن "السوداني يُظهر انفتاحاً تجاه الإقليم من جهة، ومن جهة أخرى يسعى لتأكيد أنه يضغط في ملف الرواتب لإرضاء الجهات التي تعترض على تنفيذ الاتفاق”، مبيناً أن "الأزمة الحالية مرتبطة أيضاً بصراع منصب رئاسة الوزراء، ومحاولات بعض الأطراف استخدام ورقة الرواتب في هذا التنافس".
وتؤشر هذه الاتهامات جانباً من الانقسام السياسي الكردي، الذي يتجلى في غياب موقف موحد إزاء بغداد، خصوصاً في ظل تفاقم الخلاف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني حول ملفات الحكم والصلاحيات والتمثيل الاتحادي.
وفيما تتواصل الاجتماعات الفنية، تحدثت مصادر حكومية في بغداد عن زيارة مرتقبة لوفد فني من الإقليم خلال الأسبوع المقبل لحسم رواتب شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول، بعد تأكيد بغداد أن قرار التمويل اتخذ بالفعل.
من جانبه، قال الباحث السياسي عبد الله الركابي إن "الأزمة لم تعد تقنية كما يشاع، بل تحولت إلى ملف يدار داخل دائرة التجاذب السياسي بين بغداد وأربيل، وكذلك داخل البيت الشيعي نفسه، خاصة مع بدء مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة".
وأكد في حديث لـ"إرم نيوز" أن "الاتفاق المؤقت الذي أُبرم قبل أشهر صمم ليمنح الأطراف هامش مناورة، لكنه لم يتضمن ضمانات تنفيذية واضحة؛ ما جعل الرواتب عرضة للتأجيل كلما تجدد الضغط السياسي".
وشهد ملف الرواتب بين بغداد وأربيل طوال السنوات الماضية تجاذبات حادة تحولت إلى أحد أكثر الملفات حساسية في العلاقة بين الطرفين؛ إذ اتخذت الحكومات الاتحادية المتعاقبة سياسات متفاوتة في التمويل، تراوحت بين الإطلاق المشروط والتأجيل والتقليص، وصولاً إلى القطع الكامل كما حدث عام 2014.
ورغم الاتفاقيات المتكررة، بقي التنفيذ مرهوناً بالسياق السياسي الداخلي، وبتقاطع الرؤى بشأن إدارة النفط والإيرادات غير النفطية، وبتأخر تشريع قانون النفط والغاز.