ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
أثار تصويت البرلمان العراقي على قائمة السفراء الجدد، التي ضمّت أكثر من 90 اسمًا، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، وسط اتهامات بترسيخ المحاصصة الحزبية وإقصاء الكفاءات المهنية من مواقع تمثيل العراق في الخارج.
وفيما عدّت وزارة الخارجية التصويت خطوة لتعزيز الحضور الدولي لبغداد، اعتبرت قوى سياسية أن تمرير القائمة جاء في إطار "صفقة حزبية"، وأنه يؤشر على غياب مبدأ الكفاءة والشفافية في اختيار أسماء تمثل واجهة البلاد خارجيًّا.
وأكد بيان صادر عن الوزارة أن "هذه الخطوة ستسهم في توسيع شبكة العلاقات مع دول العالم، ودعم المصالح الوطنية العليا، فضلًا عن خدمة أبناء الجالية العراقية في الخارج"، مجددًا "الالتزام بتمكين السلك الدبلوماسي من أداء مهامه على نحو يليق بمكانة العراق ودوره الإقليمي والدولي".
لكن داخل البرلمان، أثيرت اعتراضات كبيرة على الآلية التي جرى بها تمرير القائمة، إذ أشار نواب إلى أنهم لم يتسلموا السير الذاتية للمرشحين، فيما قال آخرون إن بعض الأسماء غير معروفة للوسط السياسي أو الدبلوماسي. ومع ذلك، صوت المجلس لصالح القائمة بعد محاولات متكررة لتعطيل الجلسة أو كسر نصابها.
بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي حسن العامري إن "قضية السفراء الجدد تعكس استمرار هيمنة المحاصصة على مفاصل الدولة، حيث تحوّلت الدبلوماسية إلى غنيمة تتقاسمها الأحزاب والعوائل النافذة".
وأضاف العامري لـ"إرم نيوز"، أن "هذا النهج لا يضر فقط بسمعة العراق، بل يحرم الدولة من كفاءات مهنية كان يمكن أن تنهض بدورها الخارجي في لحظة حرجة تمر بها البلاد".
ومنذ عام 2003، ارتبطت عملية اختيار السفراء بالتوازنات السياسية بين الكتل، وهو ما جعل الكثير من التعيينات تمرّ بتوافقات مسبقة أكثر من خضوعها لمعايير مهنية بحتة، ويشير برلمانيون إلى أن هذا الأمر لم يكن جديدًا في السياسة العراقية، بل أصبح جزءًا من أعراف تقاسم المناصب العليا.
ويرى مختصون أن إشكالية هذه التعيينات لا تقتصر على بعدها السياسي، بل تمتد إلى أثرها الإداري، إذ إن السفارات العراقية تمثل نقاط اتصال مهمة مع الجاليات في الخارج، وأي خلل في أدائها قد ينعكس مباشرة على صورة الدولة وخدماتها القنصلية.
كما يعتقد متابعون ونشطاء، أن بعض الأسماء المرشحة قد تفتقر إلى الخبرة الكافية في الشأن الدبلوماسي، غير أن ذلك لا يمنع احتمال أن تكتسب الخبرة من خلال الممارسة، خصوصًا أن العديد من السفارات تعمل ضمن منظومة مؤسساتية تتجاوز دور السفير الفردي.
من جانبه، قال الدبلوماسي العراقي السابق غازي فيصل إن "تعيين 90 سفيرًا دفعة واحدة وفق نظام المحاصصة الطائفية يكرّس نهج تقاسم الدولة وكأنها غنيمة، لا كيان سيادي يُفترض أن يخدم المصلحة الوطنية".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المنصب الدبلوماسي يتطلب خبرات طويلة وإلمامًا بالملفات الدولية، لكن ما جرى يعكس تغييبًا لهذه المعايير، وتحويلًا للسفارات إلى مراكز تكريم أو مكافآت حزبية".
وتشير تقديرات إلى أن نحو ثلث الأسماء المدرجة في القائمة تعود لشخصيات شابة لم يسبق لها العمل في الحقل الدبلوماسي، فيما يرى متفائلون أن ذلك قد يفتح الباب أمام جيل جديد يمكن أن يضيف حيوية مختلفة إلى أداء البعثات العراقية.
في المقابل، يعتبر آخرون أن إدخال أسماء غير معروفة إلى مواقع حساسة قد يربك مسار العمل، خصوصًا في دول تحتاج إلى دبلوماسية نشطة وذات خبرة في الملفات الأمنية والاقتصادية.
إلى جانب البعد السياسي، يلفت مراقبون إلى أن هذه التعيينات تحمل بعدًا اجتماعيًّا أيضًا، إذ إن العديد من العراقيين في الخارج ينظرون إلى السفارات كمنفذ لتسهيل شؤونهم اليومية، وتعيين شخصيات غير خبيرة قد يثير مخاوف بشأن جودة الخدمات القنصلية.
وبينما تؤكد وزارة الخارجية أن القائمة تمثل خطوة لتعزيز الحضور الدولي للعراق، يرى مراقبون أن استمرار العمل وفق المحاصصة قد يحد من فاعلية بعض السفارات، ويجعل أداءها مرتبطًا أكثر بالتوازنات الداخلية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى دبلوماسية متوازنة تعكس صورتها وتدعم موقعها في محيط إقليمي معقد.