logo
العالم العربي

"سلاح المخيمات".. معضلة تاريخية تقترب من الحل بين لبنان والفلسطينيين

"سلاح المخيمات".. معضلة تاريخية تقترب من الحل بين لبنان والفلسطينيين
مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنانالمصدر: رويترز
23 مايو 2025، 5:35 م

يشهد لبنان موعدًا مع مرحلة فاصلة يضع فيها حلًا ونهاية لـ"معضلة تاريخية" تُعرف بـ"سلاح المخيمات الفلسطينية"، وذلك في إطار زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت ولقائه بالمسؤولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية جوزيف عون.

ويُعول على تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين اللبناني والفلسطيني لوضع خطة عمل زمنية واضحة، بهدف إنهاء فصل طويل من فصول السلاح الخارج عن سلطة الدولة، في خطوة تُقارَن من حيث الأهمية بمساعي نزع سلاح ميليشيا "حزب الله".

أخبار ذات علاقة

آثار اشتباكات وقعت في مخيم عين الحلوة في لبنان

اتفاق لبناني فلسطيني على سحب السلاح من المخيمات منتصف حزيران

تسوية ضرورية

يأتي ذلك في الوقت الذي انعقد فيه الجمعة، الاجتماع الأول للجنة المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث أعطى رئيس الوزراء نواف سلام توجيهاته بضرورة الإسراع بالخطوات العملية عبر وضع آلية تنفيذية واضحة ضمن جدول زمني محدد.

واتفق الجانبان اللبناني والفلسطيني على البدء بسحب السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين منتصف حزيران/ يونيو القادم، انطلاقًا من مخيمات بيروت وتليها المخيمات الأخرى، وذلك ضمن عمل لجنة مشتركة تم تشكيلها، وفق وكالة "فرانس برس".

ولطالما شكّل هذا السلاح عقبة أمام رؤساء لبنانيين سابقين وصولًا إلى الرئيس الحالي، منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، وقد لعب دورًا كبيرًا في الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 15 عامًا.

وتبدو تسويته اليوم ضرورية، خاصة في ظل الجهود لنزع سلاح حزب الله، ولإغلاق باب الذرائع أمام إسرائيل التي طالما بررت اعتداءاتها بوجود سلاح خارج إطار الدولة.

تداخلات وتشابكات

وتؤكد المتخصصة في العلاقات اللبنانية العربية والدولية، ثريا شاهين، أن البيان الرئاسي الصادر بعد القمة اللبنانية الفلسطينية كان واضحًا بأن لا سلاح خارج نطاق الدولة اللبنانية، وهو يمس بشكل مباشر السلاح في المخيمات الفلسطينية بالمدن اللبنانية والعاصمة بيروت. 

وبيّنت شاهين في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذا الملف ليس بالسهل، لا سيما أنه يحمل تداخلات وتشابكات، من بينها شكل وأيديولوجيات التنظيمات الفلسطينية التي تحمله في لبنان، من بينها حركة فتح التابعة لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، بجانب منظمات أخرى فلسطينية كانت تابعة للنظام السوري السابق الأسد، فضلًا عن حركة حماس والجهاد الإسلامي اللذين يتحركان من خلال أوامر صادرة لهما مباشرة من طهران.

وأضافت شاهين أنه تم الاتفاق على بداية تجميع السلاح من المخيمات الفلسطينية في لبنان بعد شهر من الآن، في وقت تبلغ نسبة السلاح الواقع في يد فصائل فلسطينية بمخيمات في لبنان تتحرك بتعليمات من إيران، في إشارة إلى حماس والجهاد، 50% مقابل النسبة نفسها لحركة فتح ومن يسيرون على خطها.

اتصالات رسمية

وأوضحت شاهين أن لبنان "الرسمي" يعتبر أن الرئيس الفلسطيني يتكلم باسم شعبه، ولكن عمليًّا فإن عملية نزع السلاح من المخيمات ومصادرتها تحتاج، بجانب المسعى من عباس، إلى اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى بين لبنان وكل من إيران وقطر، في ظل ما هو معروف أن الأخيرتين لهما تأثير كبير للغاية على كل من حماس والجهاد، وهو الأمر الذي يهتم به الرئيس اللبناني بشكل مباشر.

وبحسب شاهين، فإن ضمن مساعي الدولة اللبنانية في إنهاء هذا الملف، أن الرئيس عون طلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مؤخرًا بالقاهرة، أن يكون هناك معاونة ودعم من مصر في هذا الملف بتذليل العقبات أمام تجميع السلاح الفلسطيني وحصره في يد الدولة اللبنانية، لا سيما أن القاهرة لديها الكثير من الأدوات التي تستطيع من خلالها دعم بيروت في إنهاء معضلة السلاح الفلسطيني بالمخيمات في لبنان.

واستكملت شاهين بأنه من المؤكد أن لبنان والفلسطينيين في حاجة إلى بعض الوقت لحل هذا الملف الشائك، لا سيما أن البيان الرئاسي اللبناني وضع الأمور على الطريق وبداية المعالجة الجدية، في وقت بات لبنان مطالبًا من المجتمع الدولي بحصر السلاح غير الشرعي في يد الدولة والجيش، ولا يمكن أن تماطل أو تتأخر بيروت في تحقيق هذه المطالب.

انعكاسات كبيرة

فيما يقول المحلل السياسي اللبناني، ميشال أبو نمر، إن معدل التنسيق بين الجانبين ووضع خطة عمل واضحة المعالم بمثابة مؤشر مهم للغاية للوصول إلى هذا الهدف، لا سيما مع ما يجري من خطوات متلاحقة ومحددة، ما بين تشكيل لجنة تجمع مسؤولين مختصين لبنانيين وفلسطينيين، ليتضح أن اللجنة تبدأ في عملها وموضوع مراحل لذلك تحدد فيه الوقت والأماكن أيضًا.

وأوضح أبو نمر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن نجاح نزع السلاح الفلسطيني في المرحلة الأولى للعملية، والتي ستكون بالمخيمات الفلسطينية في العاصمة بيروت، وعلى رأسها المخيمان "شاتيلا" وبرج البراجنة، سيكون له انعكاسات كبيرة على استمرار العملية وتحقيق أهدافها في المدى القريب.

أخبار ذات علاقة

مقاتلون من الحركة الإسلامية

تحالف "تحت النار".. الجماعة الإسلامية في لبنان أمام اختبار فك الارتباط مع حماس

ثقل مركزي

وذكر أبو نمر أن المخيمات الفلسطينية في بيروت لها ثقل مركزي سياسي وعسكري لبقية المخيمات المنتشرة في لبنان، ونجاح نزع السلاح فيها وتجميعه في يد أجهزة الدولة اللبنانية بقيادة الجيش، ستكون المرحلة الأهم للانتقال إلى العملية الفاصلة في المخيمات الموجودة خارج العاصمة، والتي تحمل تشكيلات من المقاتلين وترسانة أسلحة أكبر مما في بيروت، والحديث هنا عن مخيمات على رأسها عين الحلوة في صيدا، والنهر البارد في طرابلس.

وشدّد أبو نمر على ضرورة أن تتعامل اللجنة المشكلة مع القادة والعناصر الفلسطينية البارزة في تلك المخيمات والمتحكمة فيها، لتكون عملية تسليم السلاح أو نزعه "منضبطة" ولا يكون معها أية إشكاليات، وفي الوقت نفسه ألا يتم تسريب أسلحة إلى أي طرف من الممكن أن تجمعه حسابات جديدة مع جماعات داخل المخيمات التي تتنوع توجهاتها السياسية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC