ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
أربك زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، المشهد الانتخابي في العراق بتوجيهات غير مسبوقة، دعا فيها إلى أخذ الأموال من المرشحين الفاسدين دون منحهم الصوت الانتخابي.
وتشهد المواسم الانتخابية في العراق تصاعداً لافتاً في ظاهرة شراء الأصوات، حيث يقدم بعض الكيانات السياسية على توزيع مبالغ مالية تتراوح بين 25 إلى 50 دولاراً للناخب الواحد، مقابل ضمان التصويت لمرشحيها، وسط ضعف في آليات الرقابة القانونية.
ولا تقتصر "الرشاوى الانتخابية" على المال النقدي فحسب، بل تشمل أيضاً توزيع بطاقات الشحن، والسلال الغذائية، والوعود بالتعيين أو الترقية، في محاولة لاستمالة الناخبين، خصوصاً في المناطق الفقيرة والمهمشة.
وقال زعيم "التيار الوطني الشيعي"، مقتدى الصدر، في بيان نشره على منصة "إكس"، إن "الجميع في هذه الأيام منشغلون بالحملة الانتخابية التي لا يُذكر فيها الشعب إلا خلالها، وما عداها فإن الشعب منسي".
وأضاف، أنه "يحق للفقراء والمحتاجين أخذ ما يوزعه حتى الفاسدون، بشرط عدم التصويت لهم ولا منحهم البطاقة الانتخابية، فهذه أموالكم لا أموالهم، ولا منة لهم عليكم".
بدوره، رأى الباحث في الشأن السياسي، محمد التميمي، أن إعلان الصدر الأخير يمثل "ضربة مزدوجة" للطبقة السياسية التقليدية، من جهة لأنه يسقط رهان المال الانتخابي، ومن جهة أخرى لأنه يعيد تفعيل قاعدة شعبية واسعة دون الحاجة للمشاركة الرسمية في الانتخابات.
وأضاف التميمي لـ"إرم نيوز" أن "خطاب الصدر لا يقرأ بمعزل عن خارطة النفوذ الشيعي، إذ إن غالبية الأحزاب التي تعتمد على شراء الأصوات تنشط في الأوساط الشعبية ذاتها التي كانت تمثل الخزان الانتخابي للتيار الصدري، وبالتالي فإن فتوى مثل هذه تربك حساباتها وتفتح باب الامتناع الواعي عن التصويت، وهو أخطر من المقاطعة الصامتة".
وأوضح أن دعوة الصدر، لـ"أخذ المال دون منح الصوت" قد تتحول إلى أداة مقاومة انتخابية داخلية، تُعيد إنتاج مشهد تظاهرات تشرين، ولكن بصيغة انتخابية، خاصة في حال تفاقم السخط الشعبي من ممارسات الكتل السياسية الحالية".
وينظر إلى فتوى الصدر بشأن أخذ الأموال دون التصويت، على أنها تحول في أدوات الاعتراض السياسي داخل الشارع العراقي، إذ تمنح الناخبين، لا سيما في الأوساط الفقيرة، مساحة للاحتجاج الرمزي من داخل العملية الانتخابية ذاتها، دون الحاجة إلى المقاطعة التامة.
ويرى مراقبون أن هذا التوجه قد يعزز من ظاهرة "الامتناع الواعي"، التي ظهرت سابقاً في احتجاجات تشرين 2019، حيث قاطع جزء واسع من الجمهور صناديق الاقتراع تعبيراً عن رفض الطبقة السياسية، لكنه في هذه المرحلة قد يستخدم صوته كأداة للمحاسبة، أو على الأقل لسحب الشرعية ممن يحاول أن يشتريها بالمال.
بدوره، أوضح عضو في التيار الصدري، أن "توجيهات الصدر الأخيرة تأتي ضمن نهج متعمد للفصل بين القاعدة الشعبية والطبقة السياسية التي تمادت في استغلال معاناة الناس"، مشيرًا إلى أن الخطاب الحالي لا يهدف للمشاركة في الانتخابات، بل إلى منع تزوير الإرادة الشعبية بواجهة المال السياسي".
وأضاف عضو التيار، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "بعض الأحزاب كانت تراهن على فراغ الصدر في الساحة، لكن الرسالة الأخيرة أكدت أن التيار حاضر، حتى وإن لم يشارك بقوائم انتخابية"، لافتًا إلى أن الفتوى أربكت مجاميع سياسية كانت تعتمد على جمهور التيار السابق لضمان الفوز في بعض الدوائر الساخنة".
ويمثل المال السياسي مأزقاً حقيقياً بالنسبة لـمفوضية الانتخابات العراقية، التي تجد نفسها عاجزة في كثير من الأحيان عن ملاحقة شبكات شراء الأصوات أو فرض رقابة على الحملات الدعائية، خصوصاً في المناطق الريفية والمكتظة سكانياً.
ضربة للأحزاب
ويُطالب ناشطون وخبراء بضرورة تفعيل بنود قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015، الذي ينص على حظر التمويل الخارجي، وفرض شفافية في مصادر الإنفاق الانتخابي، إلا أن تطبيق القانون لا يزال محدوداً، وغالباً ما يصطدم بنفوذ الكتل الكبرى وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية لضبط المشهد الانتخابي.
من جهته، اعتبر الخبير في الشأن الانتخابي، أحمد العبيدي، أن فتوى الصدر "ستفرغ أدوات التأثير التقليدية من مضمونها، وتبقي المال الانتخابي دون عائد فعلي على صناديق الاقتراع".
وأضاف العبيدي لـ"إرم نيوز" أن "المعضلة هنا لا تتعلق فقط بموقف أخلاقي من شراء الأصوات، بل بتعطيل فعلي لآليات التحشيد التي تعتمدها كثير من الأحزاب، حيث تنفق مبالغ ضخمة على الحملات دون ضمان مقابل انتخابي، إذا التزم الناخبون فعلاً بتوجيهات الصدر".
ويرصد مرشحو الانتخابات في العراق مبالغ ضخمة لحملاتهم الدعائية، تبدأ عادة من 500 مليون دينار (نحو 385 ألف دولار أمريكي)، وقد تصل لدى بعض المرشحين الأثرياء أو المدعومين من جهات نافذة إلى 5 مليارات دينار (قرابة 3.85 مليون دولار)، بحسب الإمكانيات والموقع الانتخابي.