logo
العالم العربي

بعد التحكيم الدولي.. تركيا تعيد رسم قواعد اللعبة النفطية مع العراق

عامل يُدير صمامًا في حقل شيراوا النفطي، خارج كركوك.المصدر: المونيتور

كشف تقرير حديث أن أنقرة تخطط لإعادة صياغة قواعد  تشغيل خط أنابيب العراق-تركيا، عقب صدور قرار التحكيم الدولي الذي وضع الخط تحت مجهر قانوني وسياسي دقيق؛ ما يخدم نفط تركيا المحلي ويعزز نفوذها التفاوضي على  حساب بغداد.

أخبار ذات علاقة

ما أصل الخلاف بين العراق وتركيا بشأن خط أنابيب النفط؟

وبحسب "المونيتور"، فإن هذا الخط يعد أحد أكثر شرايين الطاقة حساسية في المنطقة؛ ما يعني أن تركيا لا تسعى إلى تجديد اتفاقٍ انتهت صلاحيته فحسب، بل إلى فرض معادلة جديدة تمنحها اليد العليا في إدارة الخط، وتحوّل الخلاف القانوني مع بغداد إلى ورقة تفاوض استراتيجية.

وكشفت مصادر أن إعلان أنقرة في يوليو عن إلغاء الاتفاقيات المنظمة لخط "كركوك-جيهان" بعد إخطار مدته عام واحد، لم يكن خطوة مفاجئة بقدر ما كان تتويجا لمسار طويل من التوتر؛ فالخط، الذي يمتد لنحو 650 كيلومترا داخل الأراضي التركية، أصبح منذ حكم محكمة التحكيم في باريس في مارس 2023 نقطة احتكاك مباشرة بين البلدين. 

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يصافح نظيره العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحفي مشترك في بغداد

العراق وتركيا يوقعان اتفاقية تاريخية للاستثمار في مجال المياه

ويعتقد مراقبون أن الحكم القضائي حمّل تركيا مسؤولية السماح لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط بشكل مستقل عن بغداد بين عامي 2014-2018، وألزمها بدفع 1.5 مليار دولار تعويضات، وهو لا يزال يلقي بظلاله الثقيلة على أي تفاوض جديد.

وفي هذا السياق، طرحت أنقرة نموذجا مختلفا لإدارة الخط، يقوم على نظام "تخصيص السعة"؛ فبدلا عن الصيغة السابقة التي كانت تمنح العراق حق وصول مفتوح نسبيًا، تريد تركيا من بغداد تحديد الكميات التي تنوي تصديرها مسبقا، على أن تتولى أنقرة وحدها تخصيص السعة المتاحة. 

من جهته قال وزير الطاقة التركي ألبارسلان بيرقدار مؤخرا إن "أنقرة تبحث عن آلية مختلفة عمَّا هو موجود بالفعل في الاتفاقية"، وقال للصحفيين في إسطنبول: "نحن نبحث بشكل أو بآخر عن اتفاقية لتخصيص القدرات، سنسأل الحكومة المركزية عن القدرات التي ترغب في الحصول عليها، وسنخصصها لها".

ويرى الخبراء أن هذا التحول يعكس رغبة تركية واضحة في تعزيز السيطرة، خاصة في ظل استمرار المعارك القضائية مع العراق؛ إذ لا تزال هناك قضية تحكيم ثانية تطالب فيها بغداد بتعويضات إضافية لما تصفه بالمبيعات التركية غير القانونية.

لكن الحسابات التركية لا تتوقف عند حدود الخلاف مع بغداد؛ فخلال العامين الماضيين، دخل عامل جديد على المعادلة: النفط التركي نفسه، باكتشاف حقل "غابار" في جنوب شرقي تركيا وارتفاع إنتاجه إلى أكثر من 80 ألف برميل يوميا، مع خطط للوصول إلى 100 ألف؛ الأمر الذي فرض تحديات لوجستية لا يمكن حلها بالنقل البري؛ ما دفع شركة «بوتاش» إلى ربط الحقل بخط العراق-تركيا عبر وصلة قصيرة؛ الأمر الذي فتح الباب لاستخدام الخط لنقل الخام التركي إلى ميناء "جيهان".

غير أن هذا الاستخدام أثار حفيظة بغداد، التي رأت فيه خرقا لشروط الاتفاق الحكومي السابق، في حين تعاملت أنقرة مع الاعتراض ببراغماتية صامتة، تمثلت في تعديل طريقة نشر البيانات، في إشارة إلى أن واقع التشغيل على الأرض بات يسبق التفاهمات السياسية والقانونية.

وبالنسبة لتركيا، فإن السيطرة الكاملة على الخط تتيح لها ليس تمرير نفطها المحلي فحسب، بل أيضا ضمان تشغيل الخط بطاقة أعلى، بعدما ظل لعقود يعمل دون طاقته القصوى؛ ما تسبب، وفق الشكوى التركية المتكررة، في عائدات عبور غير كافية لتغطية تكاليف التشغيل والصيانة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC