عادت قضية مخيمات سجناء "داعش" الموجودة شمال شرقي سوريا إلى الواجهة، نتيجة شكوى الدول من تكاليف احتجاز الآلاف، إلى جانب المخاوف الأمنية والبحث عن حلول لتلك الأعداد الضخمة من مساجين التنظيم المتشدد.
وأثارت دوروثي شيا، القائمة بأعمال السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، الموضوع أخيرًا في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، عندما قالت: "إن المساعدات الأمريكية لإدارة وتأمين مخيمات سجون داعش في شمال شرقي سوريا لا يمكن أن تستمر للأبد".
ويتزامن ذلك مع محادثات تجمع الولايات المتحدة مع فرنسا حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، حيث توجد المخيمات في مناطقها، إضافة للمفاوضات المتعثرة بين "قسد" وحكومة دمشق الساعية لبسط سيطرتها على البلاد.
ورأى المحلل السياسي عزام شعث أن حل موضوع مخيمات سجون داعش في سوريا مرتبط بملف أكبر يتعلق بمصير قوات "قسد" في شمال شرقي سوريا، وطبيعة علاقتها مع الإدارة في دمشق.
وأكد لـ"إرم نيوز" أنه "لا يمكن حل قضية سجناء داعش دون تنسيق دولي كبير، فهناك آلاف السجناء الخطرين من جنسيات مختلفة، إضافة إلى أعداد هائلة من الأطفال والنساء وكبار السن، ما يعني أن المعالجة لا بد أن تكون أمنية وإنسانية معاً".
وأشار المحلل شعث إلى مشكلة كبيرة ستواجه حل موضوع سجناء "داعش"، نتيجة عدم قبول أي دولة السماح لرعاياها السجناء بالعودة، إضافة للمخاطر الأمنية، إذ تشير المعلومات لوجود آلاف المقاتلين في مخيمي الهول وروج.
ويوجد سجناء "داعش" في مخيمي "الهول" و"روج" شمال شرقي سوريا، وتقدر أعدادهم بـ47 ألف شخص، تبعًا لتقرير منظمة العفو الدولية عام 2023، فيما ترفض دول العالم، خاصة الغربية، استقبال مواطنيها المحتجزين في تلك السجون.
ويعد العراق الدولة الوحيدة التي أعادت قرابة 11 ألف شخص من مخيم الهول، تبعًا لتصريحات وزيرة الهجرة والمهجرين في الحكومة العراقية، إيفان فائق، التي أكدت أنه لا يزال هناك قرابة 17 ألف نزيل عراقي في مخيم الهول.
بدوره، رأى المحلل السياسي عصام عزوز أن التعامل مع قرابة 50 ألفا من السجناء الخطرين ليس بالأمر السهل على دول العالم، خاصة الدول الغربية.
وأوضح لـ"إرم نيوز" أن "هناك قرابة 5 آلاف سجين من جنسية أوروبية بين سجناء داعش، أكدت أوروبا أنها لن تستقبلهم، وهذه مشكلة كبيرة".
وأشار المحلل عزوز إلى جانب آخر يتعلق بتعرض قوات سوريا الديمقراطية لهجوم مستمر من فصائل الجيش الوطني والقوات التركية، ما يرفع درجة المخاطر في ملف سجناء داعش، لأن ضبطهم يحتاج إلى قوات كبيرة.
ويتفاقم التحذير من خطورة سجناء "داعش" في شمال شرقي سوريا مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف المساعدات الأمريكية الخارجية، ما يعني توقف المنظمات الدولية العاملة على تأهيل السجناء في مخيمي "الهول" و"روج".
وكانت الإدارة الذاتية لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" قد أصدرت في الـ23 من شهر كانون الثاني/يناير الماضي قرارا يسمح بالخروج لسجناء "داعش" الراغبين بالعودة إلى مناطقهم في سوريا والعراق، معطية الأولوية للمرضى وكبار السن.