انتهت ظهر اليوم جلسة المحاكمة العلنية الأولى في قصر العدل بحلب لـ 14 متهمًا بارتكاب انتهاكات خلال أحداث الساحل، وقرر القاضي تعليق الجلسات إلى الثامن عشر والخامس والعشرين من كانون الأول المقبل، بحسب وكالة الأنباء السورية "سانا".
وكانت انطلقت الجلسة صباح اليوم وشمل القسم الأول منها محاكمة 7 موقوفين من "فلول النظام البائد" بتهم إثارة الفتنة الطائفية والسرقة، والاعتداء على قوى الأمن الداخلي وقوات الجيش السوري، وعلق القاضي جلسات محاكمتهم إلى الثامن عشر من كانون الأول المقبل، فيما شمل القسم الثاني محاكمة 7 من العناصر المنفلتة المتهمين بجرائم سرقة وقتل وتم تعليق جلسات محاكمتهم إلى الخامس والعشرين من الشهر نفسه، "بحسب سانا".
وأكد رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل، القاضي جمعة العنزي، في منشور على منصة إكس، أن هذه المحاكمات تشكل لحظات فارقة في تاريخ البلاد تعكس صورة سوريا التي ترسي أسس العدالة والشفافية، وتعزز الثقة بالنظام القضائي، وتشكل رادعًا للمجرمين، وبالوقت ذاته تراعي حقوق المتهمين وتشكل ضمانًا للمحاكمات العادلة.
وقال: "جهدٌ عظيمٌ بذلته وزارات العدل والداخلية والدفاع والمؤسسة القضائية والضابطة العدلية للوصول إلى هذه النتيجة، ونحن ندرك ضخامة وتعقيد الملف، وما يتطلبه من دقة وتمحيص في الإسناد القانوني والتجريم والملاحقة والقبض وما إلى ذلك من تفاصيل".
وأضاف: "أنه أمر بالغ الأهمية لذوي الضحايا، وكلّ مهتمٍ بمسار العدالة والإنصاف، ويعنينا بالذات نحن (اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري) إذ نشاهد مخرجات اللجنة تطبق فعلًا على الأرض لنثبت للسوريين أولًا، ثم للمجتمع الدولي أننا نعيش في سوريا الجديدة التي تراعي العدالة وتطبق القانون".
وفي الـ 22 من تموز الماضي أصدرت اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل تقريرها حول الانتهاكات، أوضحت فيه أنه في السادس من آذار الماضي نفذ فلول النظام البائد سلسلة عمليات عدائية واسعة، استهدفوا فيها بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة مقرات الجيش والأمن العام، والحواجز والدوريات التابعة لها، وقطعوا الطرقات الرئيسة، وقتلوا 238 شابًا من عناصر الأمن والجيش في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.
وأشارت إلى أنها من خلال إفادات الشهود من عائلات الضحايا وأهالي المنطقة والموظفين الحكوميين ومحاضر استجواب الموقوفين وبفحص الأدلة الرقمية وقرائن وأدلة أخرى، توصلت إلى أسماء 265 من المتهمين المحتملين، المنضمين إلى مجموعات المسلحين المتمردين الخارجين عن القانون، المرتبطين بنظام الأسد والشائع تسميتهم بـ “الفلول”، المتورطين بجرائم وانتهاكات جسيمة كالشتم بعبارات طائفية والسلب المسلح، والتعذيب والقتل الواقع على موظفين خلال قيامهم بوظائفهم والتمثيل بجثثهم وقتل المدنيين، وإثارة النعرات الطائفية، ومحاولة سلخ جزء من أراضي الدولة السورية عن سيادتها وفق أحكام قانون العقوبات السوري العام رقم 148 الصادر عام 1949 وقانون العقوبات العسكري رقم 61 الصادر عام 1950.
وبينت اللجنة أنها من خلال فحص المعلومات التي حصلت عليها بشكل أساسي ومباشر من شهادات العائلات، وضبوط معاينة المقابر وأماكن الدفن، وبمقارنة ذلك مع اللوائح التي تلقتها اللجنة من الجهات الحكومية والطب الشرعي والهلال الأحمر والدفاع المدني السوري، تحققت اللجنة من أسماء 1426 قتيلًا، منهم 90 امرأة، والبقية معظمهم مدنيون، وبعضهم عسكريون سابقون أجروا تسويات مع السلطات المختصة.
ولفتت إلى أنها ركزت في تحقيقاتها على تقصي هوية الفاعلين وخلفيتهم بوسائل متعددة، منها سؤال العائلات، والاستماع لمئات الشهادات من ذوي الضحايا ومن لهم صلة بالحوادث، ومن خلال فحص الأدلة الرقمية في ضوء إفادات الشهود، وضبوط استجواب الموقوفين، وباستجابة وزارة الدفاع لطلب اللجنة في التعرف على الأشخاص في الصور والفيديوهات المحددة من قبلها، ومن خلال اللقاءات والإفادات والتقارير والمراسلات التي أجرتها اللجنة مع الجهات الرسمية، وجهات المجتمع الأهلي والمدني، توصلت إلى معرفة 298 شخصًا بأسمائهم الصريحة من المشتبه بتورطهم في انتهاكات.
وفي التاسع من آذار الماضي، أعلنت الرئاسة السورية تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، على أن ترفع تقريرها إلى الرئاسة في مدة أقصاها 30 يومًا.
وفي العاشر من نيسان الماضي، أصدر الرئيس أحمد الشرع قرارًا بتمديد عمل اللجنة لمدة ثلاثة أشهر أخرى غير قابلة للتمديد.