توقع خبراء استمرار رفض إسرائيل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في جنوب لبنان، ما لم تنفذ الدولة اللبنانية جملة من الاشتراطات التي ترى تل أبيب أنها الضمانة الوحيدة لحفظ أمنها القومي.
وقالوا إن الاشتراطات الإسرائيلية التي تحظى بدعم أمريكي تتضمن نزعا كاملا لسلاح حزب الله وتدويل القرى اللبنانية الحدودية بحيث تصبح منطقة منزوعة السلاح وتطبيع العلاقات بين البلدين.
وشكل موضوع نزع سلاح حزب الله محور سجال كاد يتحول إلى أزمة، وذلك للمرة الثانية خلال شهرين بين لبنان وإيران، بعدما نشر السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني تغريدة على حسابه في منصة إكس قال فيها إن "مشروع نزع السلاح هو مؤامرة واضحة ضد الدول".
وتابع: "نعي خطورة هذه المؤامرة وخطرها على أمن شعوب المنطقة، ونحذر الآخرين من الوقوع في فخ الأعداء". ورأى أن "حفظ القدرة الردعية هو خط الدفاع الأول عن السيادة والاستقلال، ولا ينبغي المساومة عليه".
وقرأت وزارة الخارجية اللبنانية في رفض السفير الإيراني لمبدأ نزع السلاح تجاوزا على الأعراف الدبلوماسية وتدخلا في شؤون الدول الأخرى، كون الموضوع قضية لبنانية داخلية رئيسية أساسها سلاح حزب الله المطلوب نزعه.
وفي قراءة للتدخل الإيراني في موضوع نزع سلاح حزب الله، يرى المحلل السياسي لطيف أبو السبع ذلك من زاوية أن الهوية الوظيفية للحزب، حتى وإن فقد الكثير من سلاحه وقادته، لم تتغير بالنسبة لطهران.
وفي حديثه مع "إرم نيوز"، عرض أبو السبع قناعته بأن الدور الإيراني في لبنان مرشح للتوسع في الفترة القادمة عندما يستحق تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله تحت طائلة القوة الجبرية.
وأشار إلى أن كل من له صلة بما يجري الآن في المنطقة يعرف تماما أن سيناريوهات الملف اللبناني والاحتلال الإسرائيلي لجنوبه، باتت مفتوحة على احتمالات تتحدى المخيلة السياسية، وأن لإيران فيها قوة حضور من الدرجة الحرجة، حسب وصفه.
ويشير في هذا الخصوص إلى أن حزب الله ومن خلفه إيران ربطا بين تسليم السلاح والانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، وهو ربط "ذرائعي" لكنه يلقى آذانا صاغية.
ومع توالي إصرار إسرائيل على إدامة احتلال خمس نقاط من الشريط الحدودي مع لبنان فإن عملية نزع سلاح حزب الله ستكون أكثر من متعذرة دون تجديد العملية العسكرية الإسرائيلية الكبرى، وهي التي تبدو غير مستثناة من طرف الإدارة الأمريكية، حسب قول أبو السبع.
وذكر أبو السبع أن سيناريوهات الملف اللبناني كما هي مرصودة للتفاعل، بات معروفا أنها تتضمن جملة من الاشتراطات التي يبدو أنها لا تلقى معارضة كاسرة.
وأشار في ذلك إلى موضوع تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتوطين اللاجئين الفلسطينيين والهدنة مع إسرائيل، وصولا إلى مطالب أكثر صعوبة من نوع تدويل قرى الحافة الأمامية على الحدود وتحويلها إلى منطقة منزوعة السلاح.
أستاذة دراسات الشرق الأوسط الدكتورة إنعام أبو ملحم، وهي تقرأ في التتابع اللافت للأزمات الدبلوماسية بين طهران وبيروت على خلفية سلاح حزب الله، تراه مرشّحا للتصعيد في الأسابيع القادمة.
وفي حديث مع "إرم نيوز" تقول أبو ملحم إن سلاح حزب الله جزء من صفقة النووي الإيراني كما هي قيد التفاوض الآن بين طهران وواشنطن.
وتستذكر أن ملف النووي الإيراني يتضمن شبكة من القضايا الخلافية بدءا من حق التخصيب مرورا بالاستخدامات النووية السلمية والعسكرية، والصواريخ الباليستية، وصولا إلى ما يسمى بـ "الأذرع الإيرانية المسلحة في الشرق الأوسط" وفي مقدمتها سلاح حزب الله.
ولا تستبعد الدكتورة أبو ملحم أن يكون توقيت الأزمة الأخيرة التي أحدثها حديث السفير الإيراني في بيروت عن "لا مشروعية الدعوة لنزع سلاح المقاومة"، جزءا من الجدل اليومي الذي يتواصل بمختلف اللهجات والإيحاءات عن مفاوضات النووي الإيراني.
وقالت إن إيران توظف سلاح حزب الله ضمن أوراق قوتها في مفاوضات النووي، وأن هذا التوظيف سيفاقم سيناريوهات المشهد اللبناني خلال الفترة القادمة.
