أكد خبراء أن هناك مستجدات غيّرت مشهد نزع سلاح ميليشيا "حزب الله" بعد أن كان هناك تسليم لمواقع ومستودعات للميليشيا في مناطق بالجنوب للجيش اللبناني، وبينوا أن من بين تلك المتغيرات أوامر إيرانية رافضة لتلسيم السلاح، وحالة الترهيب التي توجّهها أجنحة في الميليشيا للقادة والعناصر والحاضنة الشعبية بالترويج لوقوعهم تحت الاضطهاد في حال القبول بنزع السلاح الذي كان يحميهم.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن في صدارة هذه المتغيرات، أوامر وصفوها بالـ"تحريضية" من قبل "الحرس الثوري" الإيراني الذي يرفض نزع سلاح ميليشيا حزب الله أو تفكيك منظومة مقاتليه على اعتبار ذلك ضياع الأمل الوحيد في استعادة طهران لأذرعها وتفعيلها مجددا بعد مرور الضغط الدولي والإقليمي الحالي.
معترك جديد
ودخلت عملية نزع الدولة اللبنانية لسلاح ميليشيا حزب الله في معترك جديد، بعد أن كان التفاهم والترتيب قائما بين مؤسسة الرئاسة والحكومة والجيش مع قادة التنظيم في ظل ضغوط تمارسها الولايات المتحدة على بيروت لإنهاء هذا الملف، وسط التلويح بالتهديد الإسرائيلي بالقضاء على هذا السلاح بالقوة العسكرية؛ ما يعني حربا جديدة تكلف لبنان المزيد من الخراب.
وجاء ذلك في الوقت الذي شهدت فيه الأيام الأخيرة حالة من السجال والجدل، بعد أن خرج أمين عام ميليشيا حزب الله نعيم قاسم، قائلا، إنه لن يسمح لأحد بنزع سلاح الميليشيا، وهو ما تزامن مع تجديد الرئيس اللبناني جوزيف عون التأكيد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وأن هناك قرارا متخذا بذلك في خطاب القسم وسننفذه، ولكن ننتظر الظروف لتحديد كيفية التنفيذ.
أوامر إيرانية
ويربط الخبير الاستراتيجي بسام رخيني، ما صرح به نعيم قاسم وتشديد شخصيات وأصوات تابعة لـ"حزب الله" على استحالة تسليم السلاح، بأوامر وصفها بالـ"تحريضية" من قبل "الحرس الثوري" الإيراني الذي يرفض نزع سلاح التنظيم أو تفكيك منظومة مقاتليه على اعتبار ذلك ضياع الأمل الوحيد في استعادة طهران لأذرعها وتفعيلها مجددا، بعد مرور الضغط الدولي والإقليمي بصدد ذلك.
وأوضح "رخيني" في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الإنفاق الأكبر من جانب طهران كان على هذا التنظيم، الذي كان يعتبره القائد السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني بمثابة "رمانة ميزان" الأذرع الإيرانية، وهو ما صعّد من عمل جهات في طهران على تفعيل أصوات ذات صدى في لبنان بعدم التفريط في السلاح، وذلك بعد أن كان الأمر يسير في نزع الترسانة العسكرية لـ"حزب الله" من قبل الدولة في عدة مواقع.
وأفاد رخيني بأن هناك جناحا داخل "حزب الله" يسير في ركب ما يراه "الحرس الثوري" بأن ما تتعرض له إيران وأذرعها وبينهم التنظيم اللبناني عبارة عن "كبوة" سيتم تجاوزها، وأن الصبر على ذلك يكون بالحفاظ على الترسانة التسليحية وإخفائها وليس تسليمها في ظل الاقتناع بأن العودة قادمة.
وبين رخيني أن هذا الجناح لا يمثل قطاعا كبيرا داخل ميليشيا حزب الله، وهم عبارة عن بعض القادة والمقاتلين والعناصر، وما يسيرون فيه لا يعكس ما تريده البيئة الحاضنة التي تضررت من الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي لم تحمل حتى انتصارا سياسيا كما كان في حرب يوليو/ تموز 2006، في وقت كانت إيران حاضرة بكل المدد لتقوي التنظيم وتجعله دولة داخل الدولة.
وعبر رخيني عن مخاوف من تحوّل هذه الأصوات إلى تصرفات متهورة مسلحة قد تلصق تهما بالمكون الشيعي الذي وجد في غالبيته على المستوى العام أن "حزب الله" ذهب بهم إلى المجهول مع الحرب الأخيرة التي فقدوا فيها بيوتهم وأعمالهم وتهجروا دون وجود أفق أمامهم سوى حياة جديدة ترسمها الدولة ومؤسساتها مع المحيط العربي والمجتمع الدولي الذي لن يدعم لبنان إلا مع نزع سلاح ميليشيا حزب الله.
عملية ترهيب
ويقول المحلل السياسي اللبناني شاكر داموني، إن ما يجري مرحلة طبيعية تجاه نزع سلاح تنظيم سيطر على الدولة على مدار عقدين وامتلك قدرات عسكرية ونيرانية وهياكل داخلية، وأسس تشكيلات من أجهزة أمن واستخبارات ومعلومات ومنظومة مالية ضخمة، وهناك الفريق الذي يعمل على استدعاء الحرب والقتال دون النظر إلى قرارات على المستوى الدولي والإقليمي، لن تسمح ببقاء هذا السلاح.
ويرى داموني في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن سيناريوهات المواجهة والتفاهم قائمة، وكل منها يتعلق باعتبارات من بينها ضمانات من الداخل والمجتمع الدولي بعدم التحول إلى مرحلة تصفية "حزب الله" سياسيا وشعبيا.
وبحسب داموني فإن تلك المطالب باتت تصاغ من بعض الأصوات في ميليشيا حزب الله في سياق عملية "ترهيب" لعناصره وحاضنته من تسليم السلاح، لتأخذ الكثير من الأبعاد، من بينها ما تردد عن دمج مسلحي الميليشيا في صفوف بعض المؤسسات الأمنية والعسكرية للدولة، وهو الأمر المستبعد الذي نسج على أساسه سيناريوهات مستقبلية بقيام الأجهزة بعملية انتقامية في حق تلك العناصر بعد دمجهم ليكون القضاء على المكون البشري المسلح للتنظيم بعد إنهائه عسكريا.
وأشار داموني إلى أن انتشار تلك الحبكات "الترهيبية" بين عناصر ومسلحين بأنه ينتظرهم إجراءات عقب نزع السلاح، قد تصل إلى المحاكمة العسكرية على تصرفات سابقة في إطار تصفية حسابات داخلية، وسارت تلك "الحبكات" إلى الترويج لمخاوف بين الجمهور المدني لـ"حزب الله".
وأردف داموني، أن من بين ما يروّج من قبل أصوات في بيئة "حزب الله" بين جمهوره المدني، أنه عندما يتم نزع السلاح، فإن الحياة السياسية والاجتماعية والمناحي الدينية ستأخذ نوعا من التهميش والاضطهاد حتى في ممارسة الشعائر، مرورا بمجتمع العمل والأعمال والوظائف تجاههم أي "البيئة الحاضنة"، مع التسويق بأنهم كانوا يحصلون على حقوقهم في الوظائف العليا والعمل في مؤسسات الدولة، بحماية سلاح "حزب الله"، وذهب الأمر في تلك السيناريوهات "الوهمية" إلى أن تشريعات الإصلاح المالي التي تعد لها الحكومة، ستطال أرصدتهم البنكية وشركاتهم وأعمالهم.