logo
العالم العربي

إستراتيجية معاكسة.. لماذا تضرب إسرائيل قواعد الحوثيين قبل القيادات؟

مشاهد لنشوب حرائق جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف ميناء...المصدر: وسائل إعلام محلية

توقع محللون وخبراء أن تشهد الأيام المقبلة عمليات إسرائيلية جديدة ضد الحوثيين، بأسلوب نوعي في بنك الأهداف، وتوسعًا على مستوى نطاقها الجغرافي، ضمن الإستراتيجية العسكرية التي بدأت تتبعها تل أبيب في اليمن، على نحو مزدوج ومعكوس.

وعلى عكس ما أحدثته إسرائيل في كلٍّ من: غزة ولبنان وإيران، بعد أن استهدفت القيادات السياسية والعسكرية، ثم توجهت إلى البنى التحتية، تحدث الخبراء لـ"إرم نيوز" عن نهج مغاير لعمليات تل أبيب المتوقعة خلال الأيام المقبلة في اليمن.

والأربعاء الماضي، طالت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، مواقع تابعة للحوثيين للمرة الأولى في العاصمة اليمنية صنعاء، أبرزها مقر دائرة التوجيه المعنوي ومجمّع وزارة الدفاع، ومقر رئاسة الأركان، إلى جانب إحدى محطات الوقود الحكومية.

أخبار ذات علاقة

صاروخ حوثي يدمر مقاتلة إسرائيلية؟

صاروخ "معراج" الحوثي يدمر مقاتلة إسرائيلية فوق اليمن.. ما حقيقة الفيديو؟

استهداف المجمع الحكومي

كما توسعت الغارات بشكل غير مسبوق، لتشمل المجمّع الحكومي وفرع البنك المركزي ومكتب وزارة المالية، في مركز المحافظة الواقعة أقصى شمال البلاد، فضلًا عن استهداف أحد المواقع العسكرية الإستراتيجية القريبة من المجمّع الحكومي الخاضع لسيطرة الحوثيين، وهو ما أدى إلى مقتل وإصابة 211 شخصًا، في صنعاء والجوف، لتصبح هذه العملية هي الأكثر دموية منذ انطلاق الهجمات الإسرائيلية في اليمن في يوليو/ تموز من العام الماضي.

وبعد سلسلة من الهجمات التي ضربت أصولًا اقتصادية حكومية واقعة في قبضة الجماعة بصنعاء والحديدة وعمران خلال الفترة الماضية، شهدت العمليات الإسرائيلية في أواخر أغسطس/ آب المنصرم، تحولًا من حيث نوعية الأهداف وتأثيرها المباشر، بدءًا بحصد رؤوس نصف حكومة الحوثيين ورئيسها، ثم اتسعت مؤخرًا إلى استهداف مراكز عسكرية ومالية وسياسية.

خطان متوازيان

وبحسب المحلل العسكري، العميد عبدالرحمن الربيعي، فإن الهجمات الإسرائيلية، باتت تسير في خطين متوازيين؛ إذ بدأت أولا باستهداف المنشآت الحيوية الخاضعة للجماعة، كالموانئ ومصانع الأسمنت ومحطات الكهرباء والمطار ونحو ذلك، ثم تطوّرت بشكل نوعي لانتقاء بعض القيادات الحوثية ومخازنهم ومعسكراتهم الإستراتيجية، رغم شحّ معلومات تل أبيب الاستخبارية في اليمن.

وقال الربيعي، لـ"إرم نيوز"، إن المرحلة الأولى من الهجمات، ألحقت ضررًا كبيرًا في الكثير من المنشآت والمؤسسات التي تسهم في تمويل الحوثيين، كما أنها جعلت موانئ الحديدة التي تعدّ نافذة الجماعة نحو العالم، سواء للتجارة أو استيراد الأسلحة "شبه معطّلة وغير فعّالة".

ضربة مؤثرة

وأشار إلى أن عملية استهداف حكومة الحوثيين غير المعترف بها، تمثّل "ضربة مؤلمة ومؤثرة"، رغم محاولات الجماعة التقليل من فداحتها، "لكن هذه الحكومة تخدم الحوثيين وتعتبر وجاهتها الإدارية والمدنية، وهنا مكمن الخسارة".

وبرأيه، فإن إسرائيل ستبدأ في انتقاء أهداف ذات قيمة وحيوية إستراتيجية في ظل تزايد التصعيد، وهذا ما يتضح من عملية ضرب دائرة التوجيه المعنوي للحوثيين في الهجوم الأخير، "وهي باعتقادي الضربة الأشد إيلامًا، باعتبارها تطال العصب الإعلامي للحوثيين، وقتِل فيها عشرات الصحفيين العسكريين، ولا أستبعد مصرع قيادات عسكرية أخرى يتكتمون عليها".

وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا أكبر على مستوى العمليات الإسرائيلية، في ظل نشاطها الاستخباراتي المتصاعد لتحديد الأهداف الحوثية ذات القيمة العسكرية والسياسية الكبرى، ومع تزايد حدة الهجمات المتبادلة مع الحوثيين وتطورها، "وبالتالي قد تنتقل إلى مستويات أوسع، تستهدف فيها قيادات الصف الأول أو الثاني أو حتى الثالث، فضلًا عن ضرب منشآت اقتصادية جديدة، أكثر حيوية".

وذكر الربيعي، أن عملية استهداف منشآت عسكرية واقتصادية وخدمية في محافظة الجوف، تبيّن مدى الصورة الشمولية التي تفكر بها إسرائيل تجاه الحوثيين؛ إذ إن الأمر الآن بات مرتبطًا بمدى توفر المعلومات، "وكلما حصلت تل أبيب على إحداثيات جديدة لأماكن وجود قيادات حوثية أو مواقع عسكرية إستراتيجية، ستقوم بضربها على الفور".

نهج معاكس

من جهته، يعتقد خبير الشؤون العسكرية والإستراتيجية، الدكتور علي الذهب، أن تل أبيب اعتمدت في ضرباتها على الحوثيين، نهجًا معاكسًا لعملياتها الأخرى في كلٍّ من: غزة ولبنان وإيران، التي استهدفت القيادات السياسية والعسكرية، ثم توجهت إلى البنى التحتية.

وقال إن الأسلوب الإسرائيلي المتبّع في اليمن، يركز على إحداث أكبر ضرر ممكن في قواعد الحوثيين المادية، قبل الانتقال مؤخرًا إلى المستوى القيادي وملاحقة القيادات العليا، مع الاستمرار في ضرب مصادر التمويل.

وبيّن الذهب أن هذه الإستراتيجية تعكس رغبة إسرائيل في إضعاف قدرات الحوثيين الاقتصادية، وهو توجه منسجم مع الضغوط الأمريكية التي تستهدف شبكات الجماعة المالية والكيانات الاقتصادية المرتبطة بها خارج اليمن، بقوائم العقوبات.

منعطف حاد

ويرى المحلل السياسي، خالد سلمان، أن تعهدات وزير خارجية واشنطن ماركو روبيو، خلال زيارته لتل أبيب، بمواصلة الدعم الأمريكي الراسخ لإسرائيل، والعمل معها وفق آليات منسّقة عسكريًّا وأمنيًّا، ولغة الجيش الإسرائيلي "الحاسمة" بالقضاء على الحوثيين بشكل نهائي، تكشف ملامح القادم في اليمن.

وتوقع سلمان في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن تشهد العمليات الإسرائيلية ضد الحوثيين، انعطافًا حادًّا، يخرجها من الطابع الروتيني للتوجه نحو تفكيك بنيتهم القيادية، عبر مخطط اغتيالات واسع ومتعدد المراتب.

وقال إن المرحلة الجديدة ستكون مختلفة نوعيًّا من حيث عمل أجهزة المخابرات متعددة الجنسيات في اليمن، في ظل إعادة ترتيب الأولويات الدولية "من تليين القوة الحوثية إلى تحييدها بشكل كلي، والتركيز على كتلتهم القيادية الصلبة، بدءًا بعبدالملك الحوثي وخلفائه المحتملين، ناهيك عن القيادات الميدانية ذات الطابع الإجرامي".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC