من المقرر أن يعقد البرلمان العراقي، بدورته السادسة، جلسته الأولى يوم غد الاثنين، وسط خلافات سياسية حادة حيال المناصب العليا في البلاد.
ويتضمن جدول الأعمال ليوم غد، فقرتين أساسيتين، الأولى أداء اليمين الدستورية للأعضاء الجدد، والثانية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه، بحسب بيان صادر عن الدائرة الإعلامية للبرلمان، في استحقاق يفترض دستورياً أن يُحسم داخل الجلسة ذاتها دون تأجيل أو تمديد.
وتأتي هذه الجلسة في وقت تكثف فيه القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية مباحثاتها لحسم مناصب الرئاسات الثلاث، وسط مؤشرات على أن التفاهمات لم تبلغ بعد مستوى الاتفاق النهائي، خصوصاً داخل البيت السني، الذي لم يتمكن حتى الآن من تقديم مرشح واحد متوافق عليه لرئاسة البرلمان.
وفي هذا السياق، قال النائب مختار الموسوي إن "القوى السنية لم تحسم أمرها حتى الآن بشأن مرشحها لرئاسة مجلس النواب، ولا أعتقد أنها ستتمكن من إنجاز ذلك خلال جلسة يوم غد”، مشيراً إلى أن “الحوارات ما زالت مستمرة باعتبار أن المنصب من حصة المكون السني وفق التفاهمات السياسية".
وأضاف النائب العراقي، لـ"إرم نيوز" أن "غياب التوافق داخل المجلس السياسي الوطني يشكل عائقاً واضحاً أمام حسم هذا الاستحقاق".
ويضم المجلس السياسي الوطني 77 نائباً يمثلون 5 كتل سنية، أبرزها حزب تقدم بـ35 مقعداً، وتحالف عزم بـ17 مقعداً، فيما انتهت اجتماعاته الأخيرة إلى قرار خوض المنافسة بمرشحين اثنين، هما محمد الحلبوسي ومثنى السامرائي، بعد فشل التوصل إلى صيغة توافقية، في خطوة تؤشر إلى حجم الانقسام الداخلي واحتمالات انتقال الحسم إلى قاعة البرلمان.
بدوره، شدد الخبير القانوني سالم حواس، على أن "الجلسة الأولى لمجلس النواب يجب أن تحسم فيها رئاسة المجلس ونائباه في الجلسة ذاتها دون أي تمديد أو إبقاء مفتوح"، مؤكداً أن "الدستور رسم مساراً واضحاً لا يحتمل الاجتهاد أو التلاعب بالإجراءات".
وأوضح حواس لـ"إرم نيوز أن "مفهوم الجلسة المفتوحة لا يستند إلى أي نص دستوري أو قانوني، ولم يرد في النظام الداخلي لمجلس النواب، بل يمثل ممارسة محدثة فتحت الباب أمام التعطيل والمساومات السياسية”، مشيراً إلى أن "غياب عقوبة جزائية صريحة لا يعني إباحة المخالفة، فالدستور يقاس بمنطق الالتزام والواجب لا بمنطق العقوبات فقط".
وأضاف أن "ترك الجلسة الأولى دون حسم رئاسة المجلس يعد إخلالاً بالمسؤولية الدستورية والأعراف البرلمانية، ويضع رئاسة السن وأعضاء المجلس أمام مساءلة سياسية وأخلاقية".
ولا تنفصل الخلافات الحالية عن نظام المحاصصة المعتمد منذ عام 2003، والذي يقوم على توزيع المناصب السيادية بين المكونات الرئيسية، حيث تذهب رئاسة الحكومة إلى المكون الشيعي، ورئاسة البرلمان إلى المكون السني، ورئاسة الجمهورية إلى المكون الكردي، وهو ما يجعل حسم رئاسة المجلس النيابي الخطوة الأولى في سلسلة استحقاقات دستورية لاحقة تشمل انتخاب رئيس الجمهورية ثم تكليف رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة.
من جانبه، رأى الباحث السياسي علي السامرائي أن "الساعات المقبلة لا تختلف كثيراً عن لحظات التتويج السابقة لرؤوس الرئاسات الثلاث"، مبيناً لـ"إرم نيوز" أن "المحاور والمدخلات تكاد تكون ذاتها، وبالتالي فإن المخرجات تميل في الغالب إلى مرشح تسوية يحقق الحد الأدنى من التوافق ويدفع العملية السياسية إلى الأمام".
وأضاف أن "فارق هذه المرحلة قد يتمثل في اتساع دور الفاعل الدولي، الذي يبدو أكثر حضوراً وتأثيراً في رسم مسارات التسوية مقارنة بالمراحل السابقة".
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان أكد، يوم السبت الماضي، أن الجلسة الأولى لمجلس النواب المقررة في 29 ديسمبر كانون الأول 2025 يجب أن تُحسم فيها تسمية رئيس المجلس ونائبيه، ولا يجوز دستورياً أو قانونياً تأجيلها أو تمديدها.
وتتجه الأنظار إلى جلسة الغد بوصفها محطة اختبار مبكر لقدرة القوى السياسية على إدارة استحقاق دستوري حساس، في وقت لا تزال فيه التفاهمات عرضة للتبدل حتى الساعات الأخيرة التي تسبق انعقاد البرلمان.