تواجه الشركات الفرنسية العاملة في الجزائر تحديات متزايدة نتيجة التوترات السياسية بين البلدين، ما يؤثر في قطاعات رئيسة مثل السيارات والصناعات الغذائية، ويهدد استدامة هذه الأعمال.
وتدهورت في الأسابيع الأخيرة العلاقات الثنائية مع تصريحات السياسيين الفرنسيين بشأن إلغاء اتفاقية الهجرة الخاصة بالجزائريين لعام 1968 والمتعلقة بتصاريح الإقامة، وتأججت عقب اعتقال العديد من "المؤثرين" في فرنسا، بينما لا يزال الكاتب الفرنسي بوعلام صنصال يقبع خلف القضبان في الجزائر.
وعبّر رئيس غرفة التجارة الجزائرية الفرنسية، ميشيل بيساك، عن غضبه من الأزمة الدبلوماسية الحالية، داعياً السياسيين إلى تحمل المسؤولية ووقف ما وصفه بـ"هستيريا التصريحات" بدوافع انتخابية، في إشارة إلى وزير الداخلية برونو ريتيلو، الذي طالب بوقف العمل باتفاقية 1968، وهو ما أثار هجمة إعلامية من اليمين المتطرف.
وأشار بيساك إلى وضع مصنع شركة "رينو" للسيارات في الجزائر، الذي كان ينتج ما يصل إلى 60 ألف سيارة قبل 5 سنوات، وفقًا لتصريح لموقع "فرانس إنفو"، لكنه توقف الآن تمامًا، ولم يُنتج سوى أقل من 3 آلاف مركبة خلال العامين الماضيين.
ولم يسلم قطاع صناعة الأغذية الزراعية، خاصة القمح، من تداعيات التوتر الدبلوماسي، فقد تراجعت صادرات الحبوب الفرنسية إلى الجزائر بشكل كبير بين عامي 2018 و2024.
ووفقًا لرئيس المجلس الفرنسي للمحاصيل الكبرى، بونوا بييتريمون، يتوقع أن تتعرض صادرات القمح الفرنسي لضربة موجعة هذا الموسم بسبب تدهور العلاقات مع الجزائر، مما أثر في مبيعات القمح الفرنسي.
وأشار بييتريمون إلى أن "الجزائر مغلقة تقريبًا، إن لم تكن مغلقة تمامًا، أمام القمح الفرنسي اللين".
وأضاف أن هذا التحدي يترافق مع تباطؤ المشتريات الصينية واستمرار تدفق القمح الأوكراني إلى دول الاتحاد الأوروبي، بينما انخفضت واردات الجزائر من منتجات الألبان الفرنسية، مثل الحليب المجفف.
رغم التحديات، يرى الخبير الاقتصادي جان لويس ليفيت أن البلدين يدركان ضرورة الخروج تدريجيًا من هذا التصعيد، وأكد أن التعاون بين الجزائريين والفرنسيين، رغم تأثره بالتوترات السياسية، يظل حقيقة ملموسة على أرض الواقع.
ورغم الصعوبات، ارتفعت واردات الجزائر من المنتجات الفرنسية بنسبة 7% العام الماضي، وفقًا للغرفة التجارية الجزائرية الفرنسية، مما يُظهر مرونة العلاقات الاقتصادية بين البلدين رغم التحديات الدبلوماسية.