قال خبراء بالشأن الكردي، إن تركيا لعبت دورا محوريا في الاتفاق الذي جرى بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والحكومة السورية الجديدة.
ويُنظر إلى الموقف التركي من الاتفاق بين قائد قوات "قسد"، مظلوم عبدي، والرئيس السوري أحمد الشرع على أنه براغماتي بالدرجة الأولى، ولا يمكن فصله عن الصفقة التي تمت بين أوجلان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث تعكس هذه التفاهمات توازنا سياسيا حساسا بين الملفات الداخلية والخارجية لتركيا.
قال الكاتب والباحث في الشأن التركي، محمود علوش، إن تركيا تدعم الاتفاق وكانت على علم مسبق به، حيث يعالج هواجسها الأمنية المتعلقة بالوحدات الكردية، كما يتوافق مع تصوراتها لكيفية التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
وأوضح في حديثه لـ "إرم نيوز" أن هذا الاتفاق يعد مناسبا لتركيا، خاصة أنه جاء في سياق عملية السلام الجديدة بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني؛ مما يجعله ذا أهمية كبيرة للحكومة التركية؛ إذ ترى أن نجاحه سينعكس إيجابا على مسار السلام مع الحزب.
وأضاف علوش أن لتركيا أولوية في أن يكون هناك اتفاق أو تسوية لمسألة وحدات حماية الشعب الكردية، على أن يحقق أيضا مصالح سوريا ويحافظ على وحدة أراضيها، خصوصا مع تصاعد المخاطر التي تواجهها البلاد، لا سيما فيما يتعلق بمشاريع التقسيم.
وخلص إلى أن أي اتفاق يؤدي إلى تحقيق هذه الأهداف يعد موضع ترحيب من الجانب التركي.
من جانبه، يرى المحلل السياسي مصطفى عبدي أن تركيا لعبت دورا محوريا في الاتفاق بين قائد قوات "قسد"، والشرع، حيث كانت حاضرة بشكل غير مباشر، وكانت على دراية وتأييد للصفقة، وفق قوله.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن موقف أنقرة من الاتفاق يندرج ضمن إطار علاقتها المعقدة مع الملف الكردي، خاصة أن الاتفاق يتقاطع مع مبادرة السلام في تركيا التي يقودها الزعيم الكردي عبد الله أوجلان من سجنه في إيمرالي.
وأكد: "من هذا المنطلق، وجدت أنقرة في الاتفاق فرصة لتعزيز مسار التسوية الداخلية؛ ما يفسر غياب أي اعتراض تركي واضح عليه، بل وربما وجود دعم ضمني له".
وأوضح عبدي أن قبول تركيا بالاتفاق لا يمكن فصله عن الصفقة التي تمت بين أوجلان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث تعكس هذه التفاهمات توازنا سياسيا حساسا بين الملفات الداخلية والخارجية لتركيا.
وقال إنه من جهة، يحقق الاتفاق هدف أنقرة الاستراتيجي المتمثل في تقليص النفوذ الكردي المستقل على حدودها، ومن جهة أخرى، يفتح المجال أمام إعادة ترتيب العلاقة بين الأكراد والدولة التركية ضمن مسار السلام الداخلي.
وأشار إلى أن تركيا تدرك أن الاتفاق لا يمنح دمشق سيطرة فعلية داخل مناطق الإدارة الذاتية؛ ما يعني أن الهيكلية الأمنية التي تتوجس منها أنقرة لم تتغير جذريا، كما أن انتشار الجيش السوري في المناطق الحدودية قد يكون نقطة توافق تركي-سوري ضمنيا، حيث ترى أنقرة في ذلك ضمانة ضد أي تهديدات كردية مباشرة على أمنها القومي.
وختم بقوله إن الموقف التركي يعكس نهجا براغماتيا بامتياز؛ إذ لا تعترض أنقرة على الاتفاق طالما أنه يخدم مصالحها الاستراتيجية، ويسهم في تحقيق أهدافها، ويُبقي خياراتها مفتوحة في التعامل مع الملف الكردي داخليا وخارجيا.