ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
كشف المتحدث الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في فلسطين، كاظم أبو خلف، أن معدلات قتل الأطفال وسوء التغذية والمجاعة وصلت إلى مستويات مروعة، مؤكدا أن هذه الأوضاع لا تهدد حاضر الأطفال فحسب، بل تنذر بضياع جيل كامل ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لتوفير الحماية والدعم لهم.
وأكد أبو خلف في حوار مع "إرم نيوز" أن قطاع غزة يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث يواجه الأطفال ظروفاً غير مسبوقة من الجوع والمرض ونقص المياه والتعليم، في ظل حرب مستمرة منذ أكثر من 700 يوم.
وتالياً، نص الحوار:
منذ السابع من أكتوبر ولمدة 712 يوماً، بلغ معدل قتل الأطفال في قطاع غزة ما يقارب ستة وعشرين طفلاً في اليوم الواحد؛ وهو ما يجعل القطاع أسوأ مكان للأطفال في الذاكرة الحديثة. وبالأرقام الموثقة، فإن آخر إحصائية لعدد القتلى من الأطفال تشير إلى مقتل 19360 طفلاً، وذلك خلال أيام الحرب الـ712 يوماً، وهو رقم لا يشمل أعداد الجرحى من الأطفال الذين أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة.
هذه الأرقام تعكس حجم المأساة التي يواجهها الأطفال في غزة؛ إذ لا يكاد يمر يوم إلا وهناك عشرات الضحايا من هذه الفئة الأكثر هشاشة.
في الثاني والعشرين من أغسطس تم الإعلان رسمياً عن دخول غزة في مرحلة المجاعة، حيث صدر تقرير يؤكد أن القطاع قد دخل بالفعل في مرحلة الجوع الجماعي، وسجلت حالات وفاة بين الأطفال فقط من دون احتساب المدنيين الآخرين من نساء وشباب وكبار السن. وقد أظهرت الإحصاءات أن 146 طفلاً قضوا نتيجة سوء التغذية منذ بداية الحرب، من بينهم تسعون طفلاً في العام الجاري 2025 وحده، ومنذ إعلان المجاعة، سقط واحد وثلاثون طفلاً إضافياً؛ الأمر الذي يوضح أن الكارثة في تصاعد مستمر.
وجاء في تقرير "تصنيف الأمن الغذائي المرحلي المتكامل" أنه في حال بقي الوضع على ما هو عليه من شح المساعدات ومنع دخول الأدوية والمياه وجميع أنواع الدعم الإنساني بالقدر الكافي والعاجل إلى القطاع، فإن المجاعة لن تبقى محصورة في مدينة غزة، بل ستمتد باتجاه الجنوب لتشمل دير البلح وصولاً إلى خان يونس.
وحتى اللحظة لا توجد مؤشرات على أن ما يدخل إلى القطاع من مساعدات يمكن أن يوقف حالة سوء التغذية؛ ما يعني أن ما ذكره التقرير لا يزال قائماً، وأن المجاعة في طريقها للانتشار بشكل أكبر مع نهاية شهر سبتمبر الجاري.
فيما يتعلق بأزمة مياه الشرب، فقد أوضحت التقارير أن أكثر من تسعين في المئة من العائلات في قطاع غزة تكافح يومياً في سبيل الحصول على مياه صالحة للشرب، ومن المعروف على المستوى الدولي أن الحد الأدنى من احتياجات الفرد اليومية من المياه يجب أن يكون خمسة عشر لتراً، بينما لا تصل حصة سكان غزة في كثير من الأحيان إلى أكثر من ستة لترات للشخص الواحد، وأحياناً تنخفض إلى أربعة لترات فقط في اليوم الواحد.
وتصل المياه إلى السكان عبر شاحنات مخصصة تقوم بنقلها منظمة اليونيسيف، حيث يتم تزويدهم بها بعد فرزها في بعض محطات التحلية. غير أن المشكلة الكبرى تكمن في أن هذه المحطات، وحتى المياه الجوفية، تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود لتشغيلها واستخراج المياه، والوقود لا يدخل إلى القطاع إلا بكميات محدودة.
ووفق الاحتياجات الإنسانية الدنيا، فإن القطاع بحاجة إلى 190 ألف لتر من الوقود أسبوعياً، فقط لتغطية الأعمال الإنسانية. لكن الواقع يشير إلى أن ما يدخل فعلياً لا يتجاوز خمسة وستين ألف لتر في اليوم الواحد؛ وهو ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً وصعوبة مع مرور الوقت.
الوضع التعليمي في غزة لا يقل مأساوية عن الغذاء والماء؛ إذ إن هناك 678 ألف طفل في سن الدراسة دخلوا عامهم الدراسي الثالث من دون مدارس؛ وهو ما يشكل خطراً كبيراً على مستقبل جيل كامل. وإلى جانب ذلك، فإن 50% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة هم من الأطفال، وهؤلاء بحسب تعريفات منظمة اليونيسيف بحاجة إلى دعم نفسي بدرجات متفاوتة نتيجة ما تعرضوا له من صدمات نفسية وأهوال الحرب.
وبحسب تقرير "تصنيف الأمن الغذائي المرحلي المتكامل"، فإن الأمور في القطاع تتجه نحو الأسوأ، حيث ارتفع عدد الأطفال الذين دخلوا دائرة سوء التغذية إلى ستة أضعاف خلال الفترة الممتدة من فبراير حتى أغسطس. وفي مدينة غزة وحدها وما حولها هناك عشرة آلاف طفل يخضعون للعلاج بسبب سوء التغذية الحاد، ومن بينهم ألفان وأربعمئة طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الخطير الذي يقود في الغالب إلى الوفاة.
ويقابل كل ذلك استمرار القصف الإسرائيلي على غزة بهدف دفع السكان للنزوح نحو الجنوب، في وقت يعاني فيه معظم السكان من الهزال والإنهاك الشديد الذي يمنعهم من السير لمسافات طويلة؛ وهو ما يعكس واقعاً إنسانياً متدهوراً يتواصل تدهوره يوماً بعد يوم، من دون أي مؤشرات على تحسن في المستقبل القريب.