قالت أولغا تشيريفكو، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنّ الوضع الإنساني في قطاع غزّة بعد عامين من الحرب "كارثي بكلّ المقاييس". وأوضحت في حديث خاص مع "إرم نيوز" أنّ "جميع سكان غزة تقريباً نزحوا، وكثير منهم أكثر من مرّة، فيما استُنفدت كلّ آليات التأقلم لدى العائلات، وهناك نقص حاد في الإمدادات والخدمات الأساسية المنقذة للحياة".
وأضافت تشيريفكو أنّ الهجوم الأخير في شمال القطاع أدّى إلى "نزوح آلاف الأشخاص، كثير منهم يفرون سيراً على الأقدام وبالكاد يحملون أيّ مقتنيات"، مشيرةً إلى أنّ النظام الصحي في غزة "لا يزال مثقلاً بشدة مع نقص في الإمدادات والدم والمعدات الطبية". وشددت على أن "الحاجة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى".
وفي ما يتعلق بالخسائر البشرية، أكّدت أنّ "معدلات سوء التغذية مستمرة في الارتفاع، بينما تمنع الأوضاع على الأرض الفرق من توزيع المساعدات على نطاق واسع". وأشارت إلى أنّ "البعثات الإنسانية تواجه عراقيل وتأخيرات ورفضاً متكرّراً، كما أنّ كمية المساعدات التي تدخل لا تكفي مطلقاً لتلبية احتياجات السكان"، لافتة إلى أنّ "الضربات المكثفة في مدينة غزة ما زالت توقع إصابات يومية".
وعن أبرز العقبات، قالت المتحدثة الأممية إنّ "الوصول إلى المناطق المنكوبة هو التحدي الأكبر"، موضحةً أنّ "إحدى المهمات إلى شمال القطاع استغرقت 14 ساعة بسبب الازدحام الشديد على الطريق المخصص من قبل السلطات الإسرائيلية، إذ كان آلاف المدنيين يفرّون من شمال غزة في الوقت نفسه". وأكّدت أنّ "المساعدات يجب أن يُسمح لها بالدخول عبر كلّ المعابر والممرات وأن تتدفق بحرية ومن دون عوائق".
وفي ردّها على سؤال حول الممرات الإنسانية، أشارت تشيريفكو إلى أنّ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يواصل المناشدة لفتح طرق إضافية وضمان سلامة العاملين الإنسانيين وتوسيع نطاق الوصول. وأضافت: "يجب حماية المدنيين، ويجب أن يُسمح للنازحين بالفرار بأمان، كما يجب السماح لهم بالعودة إلى بيوتهم عندما تسمح الظروف بذلك".
أمّا عن الفئات الأكثر ضعفاً، فأكّدت أنّ "الأطفال والنساء وذوي الإعاقة وكبار السن هم الأكثر تضرراً في غزة"، مشدّدة على أنّ "الاستجابة الإنسانية مستمرة رغم القيود الواسعة والنقص المزمن في الأساسيات". ولفتت إلى أنّ "المنظمات الإنسانية لا تقتصر على تقديم المساعدات الطارئة فحسب، بل تعمل أيضاً على لمّ شمل الأطفال مع أسرهم أو أوصيائهم إذا انفصلوا عنهم خلال النزوح".
وعن خطر المجاعة، فقد حذّرت تشيريفكو من أنّ "أحدث تقرير صادر عن نظام التصنيف المرحلي المتكامل (IPC) أكّد بالفعل وجود المجاعة، محذّرةً من أنّه "ما لم يتغير الوضع وتتوفر الظروف الكفيلة بتمكين العاملين الإنسانيين من أداء مهامهم، فإن الأمور ستواصل التدهور وقد تمتد المجاعة إلى مناطق أخرى من القطاع".
وعن الدور الدولي، شدّدت المتحدثة الأممية على أنّ "المجتمع الدولي يجب أن يتحرك لإيجاد حلول دائمة تمهد الطريق إلى سلام دائم"، مؤكّدةً أنّ "وقف إطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن والمعتقلين تعسفياً، وضمان وصول آمن وسريع ومن دون عوائق، هي السبيل الوحيد للمضي قدماً".
وفي ختام حديثها، أوضحت تشيريفكو أنّ "استعادة الوصول الإنساني وإعادة تأهيل البنية التحتية المدنية الأساسية أمر ضروري لضمان تلبية احتياجات السكان"، لكنها شدّدت على أنّ "الأزمة في جوهرها ليست إنسانية فحسب، بل سياسية بالدرجة الأولى، ولا يمكن حلّها إلا من خلال تسوية سياسية شاملة".