logo
"رهان متبادل".. هل يرفع الغرب "العصا الغليظة" بوجه طهران حال فشل المفاوضات؟
آلية الزناد، عصا الغرب بوجه طهرانالمصدر: إرم نيوز
العالم العربي

"رهان متبادل".. هل يرفع الغرب "العصا الغليظة" بوجه طهران حال فشل المفاوضات؟

26 أغسطس 2025، 4:36 م

وضع خبراء استراتيجيون ومختصون في الشأن الإيراني جملة من السيناريوهات المحتملة، في حال أقدمت دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا) على تفعيل ما يُعرف بـ"آلية الزناد" ضد إيران، وهي خطوة من شأنها إعادة فرض عقوبات أممية قاسية على طهران، في وقت تواصل فيه اجتماعات بين مسؤولين أوروبيين وإيرانيين لمناقشة هذا الملف.

وقال خبراء لـ"إرم نيوز" إن العقوبات المنتظرة عبر هذه الآلية قد تتجاوز في شدتها ما فرضته الولايات المتحدة على إيران خلال السنوات الماضية، مشيرين إلى أن السيناريوهات تشمل اتجاه طهران نحو إنتاج سلاح نووي على غرار التجربة الكورية الشمالية، أو إقدامها على إغلاق مضيق هرمز بما يهدد الأمن العالمي والإقليمي، فضلًا عن احتمال انسحابها من معاهدة حظر الانتشار النووي.

أخبار ذات علاقة

جلسة سابقة لمجلس الأمن

تعطل "آلية الزناد".. روسيا تعد مسودة بشأن ملف إيران النووي

كما طرح الخبراء سيناريو آخر يقوم على انتهاج إيران استراتيجية "الرهان المتبادل" بين أوروبا والولايات المتحدة، إما عبر استئناف المفاوضات مع واشنطن مقابل خفض تدريجي لعمليات تخصيب اليورانيوم، على أن يقابله تخفيف للعقوبات، أو من خلال التعهد للأوروبيين بخفض مستويات التخصيب وتعزيز التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل تجميد الترويكا لتفعيل "آلية الزناد".

وتتزامن هذه التقديرات مع تصاعد حدة الخطاب الإيراني، ودخول شخصيات متشددة على خط التصريحات، في حين يؤكد مسؤولون إيرانيون أن بلادهم لم تعد قادرة على تحمل حزمة جديدة من العقوبات الأوروبية.

وفي المقابل، أعلن معاون الاتصالات والإعلام في مكتب الرئيس الإيراني، مهدي طباطبائي، استعداد طهران للانخراط في جولة جديدة من المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، شرط التزام الجانب الآخر بعدم شن أي اعتداء خلال فترة التفاوض.

يُذكر أن "آلية الزناد" منصوص عليها ضمن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة)، حيث تتيح لأي طرف مشارك إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بشكل تلقائي، إذا ثبت إخلالها بالتزاماتها النووية، من دون الحاجة لتصويت جديد في مجلس الأمن.

وتتدرج خطوات تفعيل الآلية بدءًا من تقديم شكوى إلى اللجنة المشتركة، ثم منح مهلة تفاوضية مدتها 15 يومًا، يليها رفع النزاع إلى وزراء الخارجية، مع إمكانية الاستعانة بخبراء، قبل أن يُحال الملف إلى مجلس الأمن، حيث تُعاد العقوبات بشكل تلقائي ما لم يُصدر المجلس قرارًا بتمديد تعليقها خلال 30 يومًا.

المسار الكوري الشمالي

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور أحمد الياسري، إن أبرز السيناريوهات المتوقعة في حال أقدمت دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا) على تفعيل "آلية الزناد"، هو أن تتجه طهران نحو خيار إنتاج السلاح النووي بشكل كامل، لتسلك مسارًا مشابهًا لكوريا الشمالية، بعد أن تفقد رهاناتها في التعامل مع الغرب.

وأضاف الياسري لـ"إرم نيوز"، أن من السيناريوهات التصعيدية الأخرى إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز، في خطوة تهدف إلى الإضرار بمصالح الدول التي تدفع نحو تفعيل هذه الآلية.

وأوضح أن هناك رفضًا داخليًا واسعًا تدعمه تيارات إصلاحية، لعودة العقوبات الأممية على إيران من أي طرف موقع على اتفاق لوزان النووي لعام 2015، ولا سيما من الترويكا الأوروبية، مشيرًا إلى أن العقوبات الأمريكية، رغم قسوتها وكثرتها، بقيت ضمن نطاق ضيق، إذ واصلت إيران تصدير نفطها إلى الصين، وحافظت على علاقاتها الاقتصادية مع روسيا ودول آسيوية وأوروبية. 

لكن تفعيل آلية الزناد أوروبيًا سيجعل الوضع أكثر تعقيدًا وأسوأ بكثير من العقوبات الأمريكية، وفق الياسري.

أخبار ذات علاقة

ما هي "آلية الزناد" التي ترعب إيران؟

ما "آلية الزناد" التي تلوّح بها أوروبا لتدمير برنامج إيران النووي؟ (فيديو إرم)

وبيّن أن من أبرز التداعيات المحتملة لهذه الخطوة نشوب مواجهة بين المنظومتين الشرقية والغربية، في ظل وجود اتفاقيات استراتيجية تربط طهران بكل من روسيا والصين، ولفت إلى أن هذه الآلية لا تشكل ضغطًا على إيران وحدها، بل قد ترتد سلبًا أيضًا على الدول الأوروبية نفسها، وهو ما يفسر إحجامها عن تفعيلها عام 2020.

وأشار إلى أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يسعى لتفادي هذا المسار عبر الضغط على الأوروبيين، بالاستفادة من التباينات القائمة بينهم وبين الولايات المتحدة، بما يتيح لطهران هامشًا أكبر للمناورة.

وقال إن خيارات إيران تظل محدودة، لكنها مطالبة بإبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحسين مستوى التعاون معها، كأحد السبل لتجنب العودة إلى العقوبات الأممية عبر آلية الزناد.

بدوره، أكد الخبير الاستراتيجي راغب رمالي أن أخطر السيناريوهات المحتملة في حال تفعيل "آلية الزناد" من قبل الترويكا الأوروبية، يتمثل في انسحاب طهران من معاهدة حظر الانتشار النووي، الأمر الذي سيشكل أزمة دولية كبرى، ويكشف عجز أوروبا عن إدارة الملف الإيراني، بما يعكس تهديدًا مباشرًا على الأمن الإقليمي ومصالح الدول الغربية في مناطق عدة.

وأوضح رمالي لـ"إرم نيوز"، أن السيناريوهات قد تمتد أيضًا إلى رفع إيران لمعدلات تخصيب اليورانيوم وقطع تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن الدولي.

أخبار ذات علاقة

العلم الإيراني

عشية "اجتماع حاسم".. هل تفعل أوروبا "آلية الزناد" ضد إيران؟

وبعيدًا عن هذه المسارات التصعيدية، يرى رمالي أن إيران قد تلجأ إلى استراتيجية "الرهان المتبادل" بين الأوروبيين والولايات المتحدة، وذلك عبر التجاوب مع واشنطن لتحريك المفاوضات النووية، مقابل خفض تدريجي لمستويات التخصيب، على أن يقابله تخفيف أمريكي لبعض العقوبات.

وأشار إلى أن الهدف من هذه الخطوة قد يكون إضعاف تأثير الترويكا الأوروبية ودفعها إلى تجميد تفعيل آلية الزناد، أو التعهد مباشرة للأوروبيين بخفض التخصيب وتعزيز آليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتعاون معها، مقابل تجميد هذه الآلية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC