أثار إعلان السلطات التونسية عن تراجع أعداد المهاجرين غير الشرعيين القادمين إلى البلاد، ومن سواحلها إلى السواحل الأوروبية، العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التراجع وقدرة تونس على الحد من عمليات الهجرة غير النظامية المرتقبة.
وكشف العميد خالد جراد، المسؤول في الحرس الوطني التونسي، أن السلطات تمكنت من ضبط حوالي 80 ألف مهاجر غير نظامي في البحر، في حين تم تسجيل عبور نحو 19 ألفًا منهم إلى الفضاء الأوروبي.
وأوضح جراد، في تصريحات نقلتها إذاعة "موزاييك أف أم" المحلية، أن السلطات سجلت انخفاضًا كبيرًا في عدد المهاجرين غير النظاميين القادمين إلى تونس بنسبة تصل إلى 84%.
وأرجع ذلك إلى وصول معلومات إلى المهاجرين غير النظاميين في بلدانهم الأصلية، تفيد بأن تونس لم تعد تعتبر دولة عبور، وأنها لا تستطيع تأمين هجرة غير نظامية في وقت وجيز في ظل العمليات المستمرة لصدهم بحريًا وبريًا.
وفي السنوات الماضية، شهدت تونس تدفقًا كبيرًا من المهاجرين غير الشرعيين الذين كانوا يحاولون العبور نحو السواحل الأوروبية، وهي محاولات سعت السلطات إلى الحد منها، مما أثار مخاوف وانتقادات حقوقية، خاصة بعد توقيع البلاد على اتفاقيات مع إيطاليا والاتحاد الأوروبي.
من جانبه، قال الناشط السياسي التونسي المقيم في إيطاليا، مجدي الكرباعي، إن الأرقام التي تم الإعلان عنها، مثل تلك التي كشفت عنها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن تراجع أعداد المهاجرين غير النظاميين، تشير إلى تحول تونس بالفعل إلى "حرس حدود" للسواحل الأوروبية.
وأضاف الكرباعي في تصريحاته لـ "إرم نيوز" أن السلطات في تونس كانت تعتبر في وقت سابق أن قدوم هؤلاء المهاجرين أمر مدبر ومخطط له، مما يجعل المهاجرين هم الضحية في الواقع.
من جهة أخرى، واجهت دول مثل تونس وليبيا أزمات حادة جراء تدفق الآلاف من المهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، التي تعاني من هشاشة أمنية وسياسية وأزمات اقتصادية واجتماعية.
وكانت ميلوني قد أعلنت في وقت سابق عن تراجع أعداد المهاجرين غير النظاميين القادمين إلى إيطاليا من تونس وليبيا بعشرات الآلاف، مما أثار جدلاً واسعًا بشأن دلالات هذا التراجع وتداعياته على هذين البلدين.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي التونسي محمد صالح العبيدي، إن "الواضح أن المهاجرين أدركوا أن الطريق مسدود أمامهم في تونس، ما جعلهم يتراجعون عن القدوم".
وأضاف العبيدي في تصريحاته لـ "إرم نيوز" أن العديد من هؤلاء المهاجرين تم إعادتهم إلى أوطانهم، ما جعل من يفكر في السفر إلى تونس ومنها إلى أوروبا يدرك أنها مخاطرة غير محسوبة، وأن فرص نجاحها ضئيلة.
وأشار العبيدي إلى أن العديد من الأوساط الحقوقية في تونس ترى أن أساليب وأنماط الهجرة في البلاد تغيرت بشكل ملحوظ، بسبب الإجراءات المشددة التي اتخذتها السلطات بعد الاتفاقيات التي وقعتها مع قوى أوروبية مثل إيطاليا والاتحاد الأوروبي.