أثار تصريح رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو بشأن "الغمر السكاني بسبب الهجرة" جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية الفرنسية، ما قد يعقد المفاوضات الحالية حول الميزانية ويهدد بتصعيد الأزمة السياسية داخل البرلمان.
وفي وقت حاسم تستعد فيه اللجنة المشتركة بين النواب وأعضاء مجلس الشيوخ لعقد اجتماع حاسم، يزداد الضغط على الحكومة، التي تواجه تصعيدًا من الحزب الاشتراكي، الذي حذر من أن الحكومة قد تدفع ثمن مواقفها المثيرة للجدل.
وأشار الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI) جان بيير مولين، إلى أن تصريحات بايرو الأخيرة قد تُعمق الانقسامات داخل البرلمان الفرنسي، ما يعقّد جهود الحكومة في تمرير ميزانية 2025.
وقال مولين إن استخدام مثل هذه اللغة المثيرة للجدل قد يُفهم على أنه محاولة لاستمالة أصوات اليمين المتطرف، ما يؤدي إلى فقدان الحكومة لدعم حلفائها التقليديين في الوسط واليسار.
وأضاف مولين أن تصريحات بايرو حول الهجرة ليست مجرد خطاب سياسي، بل قد تؤثر مباشرة في أولويات الإنفاق العام، خاصة في مجالات الخدمات الاجتماعية، والتعليم، والصحة، ما يعزز من احتمال تقديم المعارضة لمقترحات بحجب الثقة عن الحكومة.
المعارضة ترفع سقف مطالبها
من جانبه، أشار البروفيسور كلود دوراند، الخبير في الشؤون السياسية بمركز الدراسات السياسية بباريس (Sciences Po)، إلى أن تصريحات بايرو قد تؤثر سلبًا في مصداقية الحكومة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وأضاف أن هذه التصريحات قد تُستغل من قبل المعارضة لتبرير تقديم مقترحات بحجب الثقة، ما يزيد من الضغوط على الحكومة في فترة حساسة تتطلب تضافر الجهود لتمرير الميزانية وتجنب أزمة سياسية جديدة.
وفي خطوة حاسمة لتمرير ميزانية البلاد، اجتمعت اللجنة المشتركة يوم الخميس في الجمعية الوطنية لمناقشة مشروع قانون المالية، فقد ضمت اللجنة 7 نواب و7 أعضاء من مجلس الشيوخ.
وعلى الرغم من أن هذه اللجنة تضم غالبية مؤيدة للحكومة، يسعى الحزب الاشتراكي إلى الحصول على أكبر قدر من التنازلات لتجنب الخسارة في المفاوضات.
وأوضح النائب آرثر ديلا بورت، من الحزب الاشتراكي، أن مطالب حزبه تشمل رفع الحد الأدنى للأجور، والحفاظ على الخدمات العامة مثل المستشفيات والمدارس، وعدم تقليص تعويضات الإجازات المرضية.
وأكد أن هناك أيضًا اعتراضات على التخفيضات المقترحة في ميزانية الثقافة والتعليم العالي، التي تعد غير مقبولة بالنسبة لحزبه.
التهديد باستخدام المادة 49-3
إذا تمكنت اللجنة المشتركة من التوصل إلى اتفاق، سيتم طرح الميزانية للتصويت في الجمعية الوطنية يوم الاثنين المقبل.
وفي ظل التوترات المتزايدة، من المتوقع أن تلجأ الحكومة إلى المادة 49-3، التي تسمح بتمرير الميزانية دون تصويت برلماني، وهو ما قد يثير مزيدًا من الاحتقان السياسي ويؤدي إلى تقديم مذكرة سحب الثقة ضد الحكومة.
وبعد تصريحات بايرو المثيرة للجدل، رفع الحزب الاشتراكي من سقف مطالبه، مشيرًا إلى أن الحكومة لا يمكنها المساومة على المبادئ الجمهورية والقيم الأساسية.
وقال أحد القياديين في الحزب باستهجان: "إنه مزيج من السخرية وانعدام الكفاءة!"، بينما أضاف نائب آخر: "هو من يخلق شروط سحب الثقة ضده"، وأكد مسؤول اشتراكي: "يمكننا تقديم تنازلات بشأن الميزانية، لكن ليس بشأن المبادئ الجمهورية وقيمنا".