في قلب عاصفة دبلوماسية جديدة بين باريس وتل أبيب، تجد النائبة الفرنسية من أصول فلسطينية، ريما حسن، نفسها محتجزة في إسرائيل، رغم تمتعها بالحصانة البرلمانية بسبب عضويتها في البرلمان الأوروبي.
"بأي حق يحتجز نتنياهو بالقوة منذ 30 ساعة نائبة فرنسية؟".. هكذا تساءل بحدة زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري، جان-لوك ميلانشون، اليوم الثلاثاء، بينما لا تزال ريما حسن قيد الاحتجاز في إسرائيل.
ومن بين اثني عشر عضوًا في "أسطول الحرية إلى غزة"، الذي تم اعتراضه قبل يومين، رفض أربعة من بين ستة فرنسيين اعتُقلوا، مغادرة إسرائيل طوعًا.
ومن المقرر أن تتم عملية ترحيلهم قسرًا "بعد صدور قرار القاضي الإسرائيلي خلال الأيام المقبلة"، وحتى ذلك الحين، سيبقون قيد الاحتجاز، بحسب موقع "هاف بوست" في نسخته الفرنسية.
وأثار هذا الوضع غضبًا شديدًا لدى حزب فرنسا الأبية، الذي يكرر عبر سلسلة من التغريدات التذكير بوضع ريما حسن كعضو في البرلمان الأوروبي.
فبحكم عضويتها في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، تتمتع ريما حسن بحصانة برلمانية، تهدف مبدئيًا إلى تمكين كل نائب أوروبي من "ممارسة مهامه بحرية دون التعرض لملاحقات تعسفية ذات طابع سياسي".
لكن هذا الغضب من قبل "فرنسا الأبية" يصطدم اليوم بحدود واضحة لهذه الحصانة، فرغم أن البرلمان الأوروبي يأخذ الوضع الحالي على محمل الجد، ويواصل التنسيق مع السلطات الإسرائيلية، "نحن نتابع من كثب سلامة النواب الأوروبيين في جميع الظروف، وتجري حاليًا عمليات تحقق"، وفق قول مصادر برلمانية أوروبية.
إلا أنه لا يبدو أن البرلمان يمتلك أي وسيلة ضغط فعّالة أخرى في الوقت الراهن.
صحيح أن ريما حسن نائبة في البرلمان الأوروبي، لكن حسب النظام الداخلي للبرلمان، لا يمكن التذرع بالحصانة البرلمانية إلا فيما يتعلق بالأنشطة التي تُمارس في إطار مهمتها البرلمانية، وداخل الأراضي الأوروبية فقط.
وينص النظام الداخلي بوضوح على أنه "في أراضي أي دولة عضو أخرى، تُعفي الحصانة البرلمانية من أي إجراء احتجاز أو ملاحقة قضائية".
لكن، بما أن إسرائيل ليست جزءًا من الأراضي الأوروبية، كما أن المشاركة في أسطول غزة لا تُعد نشاطًا برلمانيًا رسميًا، فإن الحصانة لا تنطبق في هذه الحالة.
من ناحية أخرى، يحق لـريما حسن الاستفادة من الحماية القنصلية الفرنسية، لكن هذه الحماية لا تشمل حصانة قانونية أو امتيازات خاصة، بل تقتصر على التزام السلطات الفرنسية بضمان احترام حقوق مواطنيها ومعاملتهم بشكل لائق أثناء الاحتجاز.
وفي هذا السياق، اتهم "فرنسا الأبية" وزارة الخارجية الفرنسية بالتقاعس والتأخر في التحرك، إذ قال ميلانشون في منشور على "إكس" مستنكرًا: "لماذا انتظر القنصل الفرنسي كل هذا الوقت للظهور إلى جانب المعتقلين، على عكس نظرائه من الدول الأخرى؟".
وأثار هذا الانتقاد استياء وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، الذي ندّد بما وصفه بـ"مناورات تضليلية" من بعض الشخصيات السياسية.
وكان الوزير قد أكد سابقًا أن السلطات القنصلية الفرنسية على تواصل مباشر مع المواطنين الفرنسيين المحتجزين في إسرائيل.