يواجه قطاع غزة انهيارا صحيا خطيرا مع تفاقم أزمة الأدوية والمستلزمات الطبية، حيث بلغ العجز مستويات صفرية في العديد من الأصناف الأساسية؛ ما ينذر بخطر الوفاة لآلاف الفلسطينيين، خاصة بين المرضى المزمنين والأطفال، وفق ما يحذر مسؤولون في وزارة الصحة بغزة.
وباتت رفوف الأدوية في ما تبقى من مستشفيات قطاع غزة خاوية من العديد من الأصناف المهمة لعلاج المرضى، مع منع إسرائيل دخول شحنات الدواء إلى غزة، أو السماح بدخولها بكميات مقننة لا تلبي الحاجة الكبيرة.
وحذر المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش، من اتساع حجم الكارثة الصحية بعد نفاد الأدوية الضرورية، مشيرا إلى أن 80% من المرضى من سكان القطاع لا يجدون أدويتهم.
وقال البرش لـ"إرم نيوز": "ما يقارب 80% من سكان غزة لا يجدون أدويتهم، لا في القطاع الخاص ولا في القطاع العام، فالحرب الإسرائيلية كما دمّرت المستشفيات العامة ومراكز الرعاية الأولية ومستودعات الأدوية، دمّرت أيضا الصيدليات والشركات ومستودعات الأدوية".
وأضاف: "الجيش الإسرائيلي دمّر أكثر من 825 صيدلية عاملة في قطاع غزة، بالإضافة إلى عدد كبير من المستودعات وشركات الأدوية، حتى الشركة المصنعة الوحيدة للدواء في قطاع غزة تم تدميرها".
وتابع: "الوضع الصحي في غزة وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من الانهيار، نحن أمام كارثة صحية بمعنى الكلمة".
وقال: "لم تصل الأرقام الصفرية ولا حجم الاحتياج إلى الدواء مثلما وصلنا في هذه المرحلة، نحن نتحدث عن ألف صنف دوائي أساسي ومستلزمات طبية غير متوفرة في قطاع غزة"، مشيرا إلى عجز كبير في المستهلكات الطبية أيضا.
وأضاف: "الوضع سيئ لدرجة أننا لا نكاد نجد أدوية أساسية مثل المسكنات، ولا حتى الشاش المعقم للجروح، وفي غزة لا نجد أدوية غسيل الكلى، ولا نجد أيضا الهرمون الخاص والمقوي أثناء عملية غسيل الكلى مثل الإريثروبويتين أو غيره من المقويات".
وقال البرش: "أيام تفصلنا عن نفاد جميع المحاليل الوريدية بجميع تراكيزها في غزة"، مشيرا إلى بدء تسجيل حالات "الموت الصامت" لمرضى نتيجة عدم حصولهم على الأدوية.
وأضاف: "العديد من أصحاب الأمراض المزمنة الذين لا يجدون أدوية الضغط أو السكري يموتون بصمت، وصحيح أنهم لا يُسجلون كوفيات بسبب نقص الأدوية، إلا أن نقص الدواء هو العامل الأساسي لقتل هؤلاء".
وأوضح أن "الأطفال الذين يأتون في موجة الصقيع الحالية، ويصلون إلى المستشفى بدرجات حرارة منخفضة جدًا، لا يجدون المضادات الحيوية اللازمة لعلاجهم، أو المحاليل الوريدية الخاصة، لذلك هؤلاء يموتون، كما مات أطفال قبل أيام".
وأشار البرش إلى أنه من بين 64 حالة مسجلة لمرضى متلازمة "غيلان باريه"، التي تستدعي علاج الـIVIG، نجا فقط ثلاثة حتى اللحظة، مضيفا: "هذه الحالة عبارة عن شلل يبدأ تصاعديا تدريجيا من أطراف الجسد حتى يصل إلى عضلات التنفس ويؤدي إلى الوفاة".
من جانبها، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن "المنظومة الصحية في قطاع غزة تشهد حالة من الاستنزاف الخطير وغير المسبوق بعد عامين من الحرب والحصار المطبق؛ ما أدى إلى انخفاض حاد في قدرتها على تقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية".
وقالت الوزارة في بيان لها: "بلغت نسبة العجز في خدمات الطوارئ والعناية المركزة 38%، وقد يؤدي ذلك إلى حرمان 200 ألف مريض من خدمة الطوارئ، و100 ألف مريض من خدمة العمليات، و700 مريض من خدمة العناية المركزة".
وأضافت: "بلغت نسبة العجز في قائمة أدوية الأورام 70%؛ ما يؤدي إلى حرمان 1000 مريض من تلقي الخدمة، علما بأن عددا من المرضى قد توفوا نتيجة عدم استكمال البروتوكولات العلاجية".
وأشارت الوزارة إلى أن 62% من أدوية الرعاية الأولية غير متوفرة؛ ما يجعل أكثر من 288 ألف مريض عرضة لحدوث انتكاسات صحية خطيرة، والإصابة بالجلطات الدماغية والقلبية.
وقالت إن "كامل خدمات القسطرة القلبية وجراحات القلب المفتوح توقفت، حيث إن 100% من أدوية هذه الخدمات ومستهلكاتها الطبية غير متوفرة، وما يمكن توفيره لخدمات القسطرة القلبية الوحيدة في قطاع غزة يتم ترصيده فقط لحالات إنقاذ الحياة".
كما أشارت إلى أن 99% من عمليات العظام المجدولة متوقفة نتيجة عدم توفر مثبتات العظام والاحتياجات الضرورية لإجراء العمليات المعقدة والصعبة.
وأوضحت أن إسرائيل تسمح بدخول أقل من 30% من الاحتياج الشهري من شاحنات الأدوية، مع عدم تلبية الأصناف الواردة للاحتياج الفعلي من حيث النوع.