يحاول وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تجاوز المرحلة الأولى منه للانطلاق للمرحلة الثانية، وسط تفسيرات مختلفة وحسابات معقدة تحكم التزام إسرائيل بتطبيق الاتفاق؛ ما يثير تساؤلات حول مدى نجاح بدء تطبيق الاتفاق.
ورغم بعض الخروقات التي وقعت خلال تنفيذ الاتفاق، إلا أنه تم تجاوزها دون تعطيل المسار العام للمرحلة، ومع تهيئة الأجواء تدريجيا، يبذل الوسطاء جهودا للدفع باتجاه الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تتضمن قضايا شائكة بالنسبة لحركة حماس وإسرائيل.
وقال المحلل السياسي نزار نزال إن "المرحلة الأولى من الاتفاق نجحت إلى حدٍ ما، إذا ما نظرنا إليها وفق مبدأ النسبة والتناسب، فقد تم تقليص العمليات العسكرية الإسرائيلية، ورغم عدم وجود وقف شامل لإطلاق النار، إلا أن إسرائيل غيّرت شكل الصراع، وتقلصت حدة الحرب؛ ما أدى إلى انخفاض في عدد الضحايا مقارنة بالفترة السابقة".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "نحو 400 فلسطيني قتلتهم إسرائيل منذ 10 أكتوبر/ تشرين الأول، وهو عدد كبير بلا شك، لكنه يعكس تحولا في طبيعة الحرب، كما بدأت المساعدات بالدخول إلى قطاع غزة، وإن لم تكن بالحجم الكافي، حيث تسجل يوميا نحو 147 إلى 150 شاحنة، وهو تطور يُعد إيجابيا".
وأضاف نزال: "جميع الأسرى الإسرائيليين أُطلق سراحهم باستثناء جثة جندي واحدة، في المقابل تم الإفراج عن أكثر من 3900 أسير فلسطيني؛ ما يجعل الانتقال إلى المرحلة الثانية مرهونا بتسليم الجثة المتبقية".
وقال: "لا يمكن القول إن المرحلة الأولى نجحت بنسبة 100%، لكنها حققت ما نسبته 60 إلى 65% من أهدافها، خاصة في ظل الاستراتيجية الأمريكية التي تعتمد على مبدأ التدرج خطوة بخطوة".
وأوضح أن "الرؤية العامة لكل المراحل، بما فيها المرحلة الثانية، هي رؤية أمريكية إسرائيلية بحتة، لم يشارك الفلسطينيون في صياغتها، ولم تكن ناتجة عن لجنة فلسطينية. ومن ثم، فإن المسار الحالي يُدار بالكامل وفقاً لمصالح الطرفين الأمريكي والإسرائيلي".
وأضاف:"الولايات المتحدة لن تُحرج نفسها أمام المجتمع الدولي والوسطاء بعد تبنيها هذه الخطة؛ ما يعني أن الدخول في المرحلة الثانية بات مرجحا؛ إذ من غير المتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية خلال الأسابيع القليلة القادمة، مع الاحتياج لفترة زمنية انتقالية أطول قبل الشروع في تنفيذها".
من جانبها، قالت المحللة السياسية ريهام عودة إن "المرحلة الأولى من اتفاق غزة يمكن اعتبارها ناجحة بنسبة كبيرة"، مشيرة إلى أنه "تم تنفيذ معظم البنود، وعلى رأسها الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وجثثهم، باستثناء جثة واحدة لا تزال حركة حماس تبحث عنها".
وأضافت لـ"إرم نيوز": "الجانب الإسرائيلي التزم بالانسحاب إلى حدود الخط الأصفر، وتم الإفراج عن نحو 1718 أسيرا فلسطينيا من غزة، بالإضافة إلى 250 أسيراً من أصحاب الأحكام العالية، كما تم إدخال مساعدات إنسانية بشكل متزايد إلى القطاع".
وأضافت عودة: "إسرائيل لم تلتزم بالكامل بوقف إطلاق النار؛ إذ استمرت في القصف الجوي والمدفعي، واستهداف عناصر من حركة حماس عبر المسيرات، كما أنها لم تفتح معابر القطاع بشكل كامل، ومنعت إدخال الكرفانات المؤقتة لإيواء النازحين؛ ما أضاف تعقيدات على مؤشرات نجاح الاتفاق"
لكنها أشارت إلى أن أهم ما تحقق هو تبادل الأسرى، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من مدينة غزة إلى الخط الأصفر، وتراجع كبير في حدة القصف العشوائي؛ ما أتاح لآلاف النازحين العودة إلى غزة وخان يونس، إلى جانب تدفق المساعدات الغذائية بعد فترة عانى فيها القطاع من مجاعة حقيقية.
وقالت عودة: "هذا النجاح الجزئي في تنفيذ المرحلة الأولى قد يمهد فعليا للدخول في المرحلة الثانية خلال الأشهر الأولى من العام القادم، ولكن بشكل تدريجي، إلى حين التوصل إلى توافق حول مهام القوات الدولية وآليات تجريد قطاع غزة من السلاح".