ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
رأى مراقبون وقانونيون أن تضخم عدد الأحزاب السياسية في العراق، والذي بلغ 326 حزبًا، لم يعد يعكس حالة صحية في الديمقراطية، بل يشير إلى فوضى تنظيمية وتشريعية تفتح الباب أمام التشرذم السياسي.
وسجلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات هذا الرقم المرتفع، في وقت تشير فيه الوقائع الميدانية إلى غياب التأثير الفعلي لغالبية هذه الكيانات على الشارع، وانعدام حضورها البرامجي أو الجماهيري في معظم المحافظات.
ويتهم ناشطون سياسيون بعض هذه الأحزاب بأنها "موسمية"، لا تظهر إلا قبيل الانتخابات، وتُستخدم كأدوات تفاوض أو للحصول على مكاسب.
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي محمد التميمي إن "كثرة الأحزاب في العراق لا تعكس تعددية سياسية ناضجة، بل هي نتيجة مباشرة لتراخي القوانين الناظمة، التي تسمح بتأسيس أحزاب بلا معايير حقيقية".
وأوضح التميمي لـ"إرم نيوز" أن "الكثير من هذه الكيانات لا تمثل سوى شخص أو عائلة أو جماعة مصالح، وتتحول، لاحقًا، إلى أوراق مساومة داخل التحالفات الانتخابية أو للحصول على مناصب حكومية".
وأشار إلى أن "بعض الشخصيات تسجّل أكثر من حزب واحد لأغراض انتخابية، مستفيدة من سهولة الشروط القانونية، بما في ذلك عدد المؤسسين أو الأعضاء، وغياب أي تدقيق في مصادر التمويل أو الهيكل التنظيمي".
وتنص قوانين الأحزاب الحالية على ضرورة جمع 2000 توقيع فقط لتأسيس حزب، دون إلزام بتقديم برنامج سياسي مفصل، أو إثبات الانتشار الجغرافي، أو عرض خطط تمويل شفافة.
ويؤكد مراقبون أن هذا النص شكّل ثغرة تشريعية فتحت الباب أمام تسجيل عشرات الكيانات التي تفتقر لأي مضمون سياسي أو مجتمعي واضح.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير القانوني مصدق عادل أن "قانون الأحزاب في العراق يعاني من مشكلات جوهرية، أبرزها العدد المتدني المطلوب لتأسيس حزب، إذ يجب رفعه إلى ما لا يقل عن 10 آلاف عضو للحد من هذا التضخم المفرط".
وأضاف عادل لـ"إرم نيوز" أن "القانون يفتقر إلى رقابة فاعلة على التمويل السياسي من قبل دائرة الأحزاب، كما لا يتضمن أي نص يُحدد سقفًا أعلى للإنفاق الانتخابي، أو يُلزم بوضع مدة قصوى لرئاسة الحزب، ما يفتح الباب أمام فوضى تنظيمية، واستغلال سياسي".
غياب المتابعة
وتبدو المفوضية العليا عاجزة عن ضبط هذا التضخم، حيث يقتصر دورها على تسجيل الأحزاب دون متابعة أنشطتها أو تقييم أدائها، كما لم تُفعّل آليات فعالة لمحاسبة الكيانات غير المشاركة في الانتخابات أو المخالفة لشروط الإفصاح المالي.
وتُطرح تساؤلات كثيرة بشأن تأثير هذا العدد الهائل من الأحزاب على مخرجات العملية الانتخابية، وسط مخاوف من تشتت الأصوات بشكل يُضعف فرص تشكّل كتل سياسية متماسكة، ويعيد إنتاج برلمان مفكك يخضع لمنطق الصفقات بدلًا من البرامج.
في المقابل، يرى مدافعون عن تعدد الأحزاب أن هذه الظاهرة تعكس حرية سياسية يجب الحفاظ عليها، مؤكدين أن "الفرز السياسي" سيحدث لاحقًا عبر صناديق الاقتراع، حيث يبرز من يمتلك قاعدة جماهيرية، ويتراجع من يفتقر للدعم.
لكن مقارنة التجربة العراقية بدول الجوار تكشف خللًا بنيويًا؛ ففي تركيا، لا يزيد عدد الأحزاب الفاعلة على بضع عشرات، وكذلك الحال في الأردن ولبنان، ما يعكس الحاجة إلى مراجعة البيئة القانونية التي سمحت بظهور هذا الكم من الكيانات الشكلية.
نحو تعديل القانون
ويجمع مراقبون على أن إصلاح المشهد الحزبي في العراق لا يمر فقط عبر تقليص العدد، بل من خلال إعادة صياغة قانون الأحزاب بما يوازن بين حرية التنظيم والجدية التنظيمية، ويمنع تحوّل الأحزاب إلى واجهات شكلية تفرّغ الديمقراطية من مضمونها.
وفي السياق ذاته، أكد عضو مجلس النواب رائد المالكي أن "القانون الانتخابي الحالي بصيغته المعتمدة لا يمنح فرصة حقيقية للقوى الناشئة أو الصغيرة، بل يعزز هيمنة الأحزاب الكبيرة ذات النفوذ".
وأوضح المالكي لـ"إرم نيوز" أن "البرلمان لم يبادر حتى الآن إلى تعديل جوهري في القانون، رغم ضيق الوقت، ما قد يكرّس حالة الإقصاء، ويحد من فرص التنافس العادل في الانتخابات المقبلة".
وأضاف أن "القانون ما زال يسمح باستغلال النفوذ الحكومي في الحملات الانتخابية من خلال برامج الحماية الاجتماعية أو توزيع الأراضي، وهو ما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص، ويضعف فاعلية الأحزاب الجديدة رغم تزايد أعدادها".