logo
العالم العربي

بين انسحاب الوزراء و"استعادة 7 أيار".. هل بدأت سيناريوهات التصعيد في لبنان؟‎

من الاشتباكات في أحداث 7 أيار وسط بيروت المصدر: مواقع التواصل الاجتماعي

تشير مواقف "الثنائي الشيعي"، المكون من حركة أمل وميليشيا حزب الله، إلى أن لبنان يتجه نحو التصعيد، الذي بدأ بانسحاب نوابهما من جلسة الحكومة التي أقرت خطة "حصر السلاح بيد الدولة".

وكما كان متوقعاً، أقرت حكومة لبنان الجمعة، خطة "حصر السلاح" بيد الدولة، وأعلنت أن الجيش سيبدأ التنفيذ، لكنها استدركت على لسان وزير الإعلام بول مرقص، أن ذلك سيتم "وفق الإمكانات المتاحة لوجستياً ومادياً وبشرياً".

ولم يحدد وزير الإعلام اللبناني مهلاً زمنية لتنفيذ الخطة، واكتفى بالقول إن "قدرات الجيش" هي من سيحدد تلك المهل.

ويشير إعلان الحكومة الذي تلاه الوزير إلى الصعوبات المتوقعة في تنفيذ الخطة، خاصة أن المستهدف الرئيس منها، وهو ميليشيا "حزب الله"، يمتلك إمكانات بشرية ولوجستية وعسكرية ربما تفوق قدرات الجيش، حسب معظم التقديرات.

ويبقى السؤال الأبرز: هل ستتمكن الحكومة من تنفيذ الخطة فعلاً؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟.

أخبار ذات علاقة

عناصر من ميليشيا حزب الله

المواجهة الكبرى في 2026.. خطة لنزع سلاح حزب الله تُشعل لبنان

خطوة تصعيد أولى

وتشير المواقف التي أبداها "الثنائي الشيعي" إلى أن البلاد ذاهبة إلى التصعيد الذي بدأ بمجرد "انسحاب" من الجلسة، وهو ما يعني أن "حزب الله" سيجادل بأن القرار الذي اتخذته الحكومة لم يحصل على موافقة "المكون الشيعي"، وهو ما يُعد، بالنسبة له، خروجاً عن تقاليد اتخاذ القرارات في لبنان الذي يحافظ منذ عقود على تركيبة سياسية تقوم على "توافق" بين الطوائف.

وإن كان الانسحاب، قانوناً، لا يؤثر في شرعية القرار، إلا أن انسحاب وزراء "الثنائي الشيعي" إضافة إلى الوزير الشيعي الخامس، سيكون مبرراً للتشكيك في تلك الشرعية في خطوة أولى من التصعيد.

أما خطوة التصعيد الثانية، فهي التي لوّح بها وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية فادي مكي، (الوزير الشيعي الخامس من خارج الحركة والحزب)، ونقلت عنه وسائل إعلام لبنانية أنه "وضع استقالته شفهيا بتصرّف رئيس الجمهورية جوزيف عون".

ويمثل إعلان مكي، إيذاناً بمأزق سياسي جديد قد تجد الحكومة نفسها في مواجهته، ويتمثل باستقالة جماعية للوزراء الشيعة جميعاً، وهي خطوة لن تؤثر في شرعية الحكومة دستورياً إذ لا تُعتبر الحكومة مستقيلة، إلا إذا فقدت أكثر من ثلث أعضائها، لكنها ستدخل البلاد مجدداً في جدل "الميثاقية" الذي يفرض تمثيلاً متناسباً للطوائف، وهو ما يمكن للحكومة أن تجد له حلاً عبر تعيين 5 وزراء آخرين من الشيعة.

ورغم أن هذا الإجراء يعد قانونياً إلا أنه لن يمضي بسلاسة، في بلد يقوم على التوازن الطائفي في تركيبته السياسية؛ وهو ما سيدخل البلاد في جدل "التمثيل"، إذ إن كلاً من "حركة أمل"، و"حزب الله"، يدّعيان "تمثيل" الشيعة، وهو ما يجعلهما يرفضان أي تمثيل آخر خارجهما.

كل ذلك، سيجعل البلاد تدخل معارك سياسية، ومآزق جديدة، لكن الخيارات الأقصى والأقسى ما زالت ناراً تحت الرماد.

أخبار ذات علاقة

جلسة سابقة للحكومة اللبنانية

أبقت مداولاتها "سرية".. حكومة لبنان تتبنى خطة الجيش لحصر السلاح

الاحتمال الأقصى

تكمن قراءة ما الذي قد يحصل إن باشر الجيش فعلاً في "سحب السلاح" من ميليشيا "حزب الله" في تجربتين: الأولى قريبة تتعلق بـ"سلاح المخيمات" والثانية جرت قبل نحو 17 عاماً، وصارت تُعرف بأحداث "7 أيار" عام 2008.

ويوم أمس شهد مخيم "برج البراجنة" في لبنان اشتباكات مسلحة ذات طابع عائلي، كان يمكن أن تكون حدثاً عابراً (رغم استخدام سلاح متوسط)، لولا أن الجيش اللبناني كان أعلن قبل نحو أسبوع أنه أنهى "سحب السلاح" من المخيم، ونشر صوراً توثق ذلك؛ وهو ما أثار تساؤلات عن السلاح المتفلت، وعن جدوى عمليات الجيش، وعن قدراته في تحقيق خطة "حصر السلاح"، خاصة أن هناك مخيمات فلسطينية أخرى، مثل عين الحلوة، لن يكون تسليم السلاح فيها سلساً.

أما التجربة الأخرى، والسيناريو الأخطر الذي يهدد لبنان، فهما ما سبق أن عاشتهما البلاد حين دخلت الحكومة في مواجهة مع "حزب الله" بعد قرار اتخذته، ويقضي بمصادرة "شبكة اتصالات" الحزب؛ وهو ما أشعل مواجهة عاشتها مناطق في لبنان، وكان أبرزها ما شهدته بيروت فيما صار يعرف بـ"أحداث 7 أيار". وكانت تلك الأحداث هي أعنف اشتباكات شهدها لبنان منذ الحرب الأهلية (التي انتهت عام 1990).

أخبار ذات علاقة

من الاشتباكات في أحداث 7 أيار وسط بيروت

شبح 7 أيار يخيم على لبنان..الثنائي الشيعي يلوح بتعبئة الشارع لإجهاض "نزع السلاح"

ولم تستطع حكومة فؤاد السنيورة آنذاك، أن تفرض قرارها، وأمام القوة التي شهدتها مناطق بيروت، والجبل، قررت سحب القرار، (إضافة إلى قرار آخر كان يقضي بإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت).

وباعتبار التغيرات العميقة والجذرية، محلياً وإقليمياً ودولياً، يمكن القول إن حكومة لبنان لن تتراجع هذه المرة عن قرارها، كما أن الدلائل لا تشير إلى أن "حزب الله" سيسلم سلاحه؛ وهو ما يضع لبنان على شفا صراع داخلي آخر، قد تكون له استطالات إقليمية، إن لم تظهر مبادرة تحقق المعادلة اللبنانية المتوارثة "لا غالب ولا مغلوب".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC