كشف مصدر لبناني سيادي رفيع المستوى أن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، تجنب زيارة مصنع أسلحة تابع لميليشيا حزب الله في البقاع الشرقي في أغسطس/ آب الماضي، خوفا من استهداف إسرائيلي.
وقال المصدر لـ"إرم نيوز" إن قيادات في "حزب الله" طلبت من علي لاريجاني، إجراء جولة في المصنع خلال زيارته إلى لبنان، إلا أنه رفض الطلب خشية أن يتعرض الموقع لقصف إسرائيلي إذا ما زاره بشكل علني، معتبرًا أن ذلك سيشكل خروجًا عن إطار زيارته الرسمية للبنان.
وأوضح المصدر أن لاريجاني اطّلع بدلاً من ذلك على مقاطع مصوّرة عرضها قادة عسكريون من حزب الله، تضمنت مشاهد لمستودعات أسلحة وذخائر تابعة للحزب في جنوب لبنان، إضافة إلى منصات صواريخ ومضادات جوية تم تفكيكها ونقلها من أماكنها لتفادي استهدافها من قبل إسرائيل.
وأكد المصدر أن معامل السلاح التابعة لحزب الله مزوّدة بأنظمة تشويش خاصة، ولا يُسمح بإجراء اتصالات عبر تطبيقات مصوّرة داخلها، إذ إن ذلك يفتح المجال أمام محاولات اختراق إلكترونية لمنظومات الحماية الخاصة بها.
وبيّن المصدر أنه، وبعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها لاريجاني والتي تحدث فيها عن مشاهدته سرعة إعادة حزب الله بناء نفسه خلال زيارته إلى بيروت، لن يكون مستغربًا أن يظهر لاحقًا مقطع فيديو من طهران، أو من الحزب، يظهره وكأنه زار معملًا أو مستودعًا للأسلحة أثناء وجوده في لبنان، مؤكّدًا أن مثل هذا الأمر لن يكون صحيحًا.
وتابع: "قد يكون ذلك بواسطة الذكاء الاصطناعي، أو من زيارة قديمة له لتلك المواقع، لتحقيق أغراض عدة من بينها رفع الروح المعنوية لعناصر حزب الله، التي ترى تهديدا لفريقها عسكريا، وفي الوقت نفسه تعاني من عدم الحصول على الرواتب لعدة أشهر في ظل الأزمة المالية القائمة للميليشيا".
وأيد قيادي بارز في حزب سياسي معارض لحزب الله حديث المصدر، وقال إن لاريجاني وقف على جاهزية الحزب العسكرية خلال زيارته إلى لبنان، واطلع على احتياجات لوجستية ومخازن السلاح في تقارير كاملة خلال اجتماعات عدة مع قادة ميدانيين، من دون أن يتوجه إلى مستودعات سلاح أو معامل أو ما شابه ذلك.
وأوضح القيادي الحزبي البارز طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن طلب قادة حزب الله من لاريجاني زيارة مواقع ومعامل سلاح ليس مستبعدا، معتبرا أن ذلك يعكس تقديرا خاطئا للموقف وتهورا من القائمين على الميليشيا اللبنانية.
وأشار إلى أن تصريحات لاريجاني، التي ظهرت بشكل مفاجئ بعد أكثر من شهر ونصف على زيارته، والتي قال فيها إنه شهد حزب الله يواصل بناء نفسه، تحمل رسائل سياسية موجهة إلى واشنطن وتل أبيب.
وبيّن أن مختصر تلك الرسائل يرتبط بالضربة المحتملة على إيران، ومفادها أن هناك جبهة إسناد حاضرة في شمال إسرائيل وقادرة على إيلام تل أبيب، وذلك بهدف ردع أي عملية عسكرية ضد إيران. كما تضمنت الرسائل الموجهة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإيحاء بأن حزب الله يمكن أن يكون ورقة تفاوض في ظل المساعي الرامية إلى فتح أبواب مباحثات جديدة مع واشنطن حول البرنامج النووي.
ورجّح المصدر أن الزيارة التي عرضها عسكريون في حزب الله على لاريجاني إلى أحد معامل السلاح كانت ستخضع لعمليات تمويه عالية المستوى لو تمت، غير أن المسؤول الإيراني رفض ذلك، مدركا أن وجوده في لبنان يتزامن مع حالة تأهب قصوى لدى أجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية، خاصة أن زيارته أثارت في الداخل اللبناني اعتراضات وجدلا واسعا على خلفية تصريحاته المتعلقة بسلاح الميليشيا ورفضه توجه الحكومة نحو نزع هذه الترسانة.
وكان لاريجاني، قد قال إنه شاهد خلال زيارته للبنان، "حزب الله" يعيد بناء نفسه بسرعة ويواصل المقاومة، مؤكدا أن تجربة إعادة البناء واستمرار المقاومة في المنطقة قيمة"، على حد تعبيره.
وتطرق لاريجاني في تصريحاته الأخيرة إلى زيارته للبنان واطلاعه على وضع حزب الله، موضحا أنه لا يمكن إنكار أن الجماعة تلقت ضربة قاسية باغتيال قادتها وحسن نصر الله، لكن هذه الحركة لن تدمّر، بل ستزداد قدراتها بفضل فكرها ونهجها النضالي، على حد تعبيره.
وفي هذا السياق، أكد مصدر مطلع في البيت الأبيض أن واشنطن ستوظف هذه التصريحات التصعيدية الصادرة عن لاريجاني ومسؤولين إيرانيين آخرين، والتي تتضمن التلويح بسلاح حزب الله وقدرات طهران الصاروخية كإشارة تهديد لأمن إسرائيل، ضمن ملف التهديدات الإيرانية المتكررة.
وأوضح أن ذلك سيمنح الولايات المتحدة مبررا أمام المجتمع الدولي لدعم أي ردع تقوم به إسرائيل على مختلف المستويات خلال الضربة العسكرية المنتظرة ضد إيران.