نفى وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب، إطلاق تركيا كميات إضافية من المياه باتجاه العراق حتى الآن، مؤكداً أن الإيرادات المائية لا تزال أقل من الحصص المتفق عليها، رغم الاتفاقات الأخيرة بين الجانبين، فيما يشكو العراق أزمة جفاف غير مسبوقة.
وأوضح في حديث للوكالة الرسمية "واع" أن "العراق توصل مؤخراً إلى تفاهم مع الجانب التركي أسفر عن رفع الإطلاقات على نهر دجلة إلى نحو 212 متراً مكعباً في الثانية، بعد أن كانت لا تتجاوز 114، وهي كمية لا تزال دون المستوى المطلوب لتأمين الحاجات الفعلية".
وبيّن الوزير العراقي أن "إجمالي الإطلاقات الواردة من تركيا وسوريا على نهري دجلة والفرات لا يتجاوز حالياً 353 متراً مكعباً في الثانية، في حين أن الحصة المتفق عليها لشهري تموز/يوليو وآب/أغسطس كانت 420 متراً مكعباً في الثانية".
وأضاف أن "الوزارة تضطر حالياً إلى تعويض النقص من خلال إطلاقات من الخزين المائي الداخلي تبلغ نحو 700 متر مكعب في الثانية لتأمين مياه الشرب وسقي البساتين"، محذراً من أن استمرار انخفاض الواردات يعود إلى تراجع الخزين في دول الجوار، واستخدام الجانب التركي للمياه بشكل رئيسي في توليد الطاقة الكهربائية".
وكان رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، أعلن قبل أيام عن توصل وفد نيابي وحكومي إلى اتفاق مع الجانب التركي خلال زيارة إلى أنقرة، يقضي برفع الإطلاقات المائية باتجاه العراق، وهو ما أثار آمالًا بانفراج جزئي في أزمة المياه، خاصة في ظل الظروف المناخية القاسية التي تواجه البلاد.
بدوره، قال رئيس لجنة المياه والأهوار في مجلس النواب العراقي، فالح الخزعلي، إن "أي زيادة لم تتحقق من تركيا، وكل ما يصل من نهري دجلة والفرات لا يتجاوز 350 متراً مكعباً في الثانية، وهي كمية بعيدة جدًا عن الحاجة الفعلية للعراق التي لا تقل عن 800 م³/ث".
وأضاف في تصريحات صحفية، أن "تركيا لم تلتزم بالاتفاقيات الدولية وتمارس حربًا صامتة ضد العراق في ملف المياه، وانعكس ذلك بشكل كبير على نوعية وكمية المياه الواصلة إلى شط العرب، ما يمثل تهديداً مباشراً للأمن الغذائي في البلاد".
ويعود أصل الأزمة بين العراق وتركيا إلى العقود الأخيرة من القرن الماضي، مع شروع تركيا في تنفيذ مشروعها العملاق المعروف باسم "مشروع جنوب شرق الأناضول" (GAP)، والذي يتضمن بناء 22 سداً و19 محطة كهرباء على نهري دجلة والفرات.
ومن أبرز تلك السدود، سد أتاتورك وسد إليسو، حيث أدى تشغيل الأخير عام 2019 إلى تقليص كبير في كميات المياه المتدفقة إلى العراق، وخاصة في نهر دجلة.
وعلى الرغم من أن العراق وتركيا وقّعا اتفاقاً سابقاً نص على التزام أنقرة بضمان تدفق 500 م³/ث على الأقل عبر نهر الفرات إلى سوريا، على أن يحصل العراق بدوره على 58% من تلك الحصة، إلا أن هذه التفاهمات لم تتحول إلى اتفاقية ملزمة، ما فتح الباب أمام تجاوزات متكررة في فترات الجفاف، دون آلية واضحة للرقابة أو العقوبات.
وانعكست أزمة المياه مع تركيا على الداخل العراقي بشكل مباشر، حيث جفت العديد من الأهوار والمسطحات المائية، لا سيما في محافظات ذي قار وميسان والبصرة، وتسبّب تراجع المناسيب في انقراض أنواع من الأحياء المائية، وتضرر الثروة السمكية، فضلاً عن هجرة آلاف المزارعين والرعاة من أراضيهم بعد تحولها إلى أراض بور غير صالحة للزراعة أو الرعي.