أكد خبراء سياسيون واقتصاديون لبنانيون، أن محاصرة "اقتصاد الكاش" وتقليل الاعتماد عليه سيكون له أثر كبير في تجفيف تمويل ميليشيا حزب الله.
وأضاف الخبراء، لـ"إرم نيوز"، أن مهمة بعثة صندوق النقد الدولي التي تزور بيروت حاليا، تتمثل في تحجيم هذا التعامل الذي أفرغ البنوك اللبنانية، وتسبب في الطعن بالثقة فيها، وذلك من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي والمصرفي للبنان.
وأوضحوا أن بعثة الصندوق لديها مجموعة من علامات الاستفهام حول أداء لبنان فيما يتعلق بعدم التعامل مع "اقتصاد الكاش"، لافتين إلى أن محاصرته سيكون له آثار كبيرة على مصادر ربح مهمة للميليشيا اللبنانية، المدعومة من إيران، سواء في تبييض الأموال، أو في بعض أنواع المبادلات التجارية المعروف اعتماد اقتصاد "حزب الله" عليها.
وتجري بعثة صندوق النقد الدولي جولة مباحثات جديدة مع المسؤولين في لبنان، في محاولة للتوصل إلى برنامج إصلاح اقتصادي شامل، والحصول على مساعدات مالية تسهم في عملية الإنقاذ.
والتقت البعثة في بيروت رئيس الجمهورية جوزيف عون، الذي أكد التزام لبنان بالمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات، إضافة إلى رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، ووزير المال ياسين جابر.
ويضع صندوق النقد نصب عينيه جوانب عدة أدت بشكل كبير إلى اهتزاز الثقة في النظام المصرفي اللبناني، في ظل الأوضاع التي يشهدها السوق المصرفي، في صدارتها ما يعرف بـ"اقتصاد الكاش" الذي يعتبر ساحة واسعة يتم من خلالها انعاش مصادر تمويل "حزب الله"، فضلا عن خلق ذلك لسوق مالي آخر بعيدا عن تحكم مؤسسات الدولة، مما يعمق الأزمة الاقتصادية.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي اللبناني، عماد شدياق، إن اقتصاد الكاش أساس تعامل "حزب الله" في ظل استغلاله واستفادته من الأزمة الاقتصادية المحلية التي تسهل عليه نقل الأموال والتحرك بها، وذلك ضمن ما هو مفروض في التعاملات المالية اللبنانية بالداخل، لاسيما الخاصة بالمؤسسات الحكومية الكبرى أو غيرها، والتي لا تقبل التعامل سوى بـ"الكاش"، وترفض الدفع بالشيكات أو التحويلات البنكية، وهو ما يوضح وجود فساد مرتبط بهذه المنظومة.
وأوضح شدياق، لـ"إرم نيوز"، أنه يمكن القول إن صندوق النقد راضٍ عن الإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان، لكن عملية الإصلاح المطلوبة حتى يعاد من خلالها ثقة المواطن في الجهاز المصرفي، بحاجة إلى إجراءات حكومية ينتظرها الجميع، بمن فيهم الصندوق الذي لديه مجموعة من علامات الاستفهام حول أداء الحكومة اللبنانية بخصوص التعامل مع اقتصاد الكاش.
وأشار إلى أن وفد الصندوق يبحث في لبنان إعادة إطلاق المفاوضات من جديد، بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، في ظل نقاط وإجراءات يتوقف أمامها الصندوق مازالت حاضرة، تدعم اقتصاد الكاش، من بينها عدم عمل مؤسسات حكومية كبرى وغيرها في تعاملاتها بالتحويلات البنكية أو الشيكات، حيث لا يتم القبول إلا بأموال الكاش، الأمر الذي يستهدف الصندوق التعامل معه في اجتماعاته الأخيرة.
ولفت شدياق إلى أن اللبنانيين يعملون باقتصاد الكاش لسبب بسيط، هو أن القطاع المصرفي معطل، وليس لدى اللبنانيين ثقة بهذا القطاع من أجل إيداع الأموال سواء بالليرة اللبنانية أو الدولار الأمريكي في حساباتهم البنكية، لأنها قد تحتجز.
وقال "لا يوجد لديهم ثقة لوضع الأموال مجددًا في المصارف من دون إجراءات الإصلاح المنتظرة من حيث إعادة الهيكلة، وإبرام اتفاق مع صندوق النقد يضمن تلك التعاملات، لذلك تسير الحياة اليومية لدى جميع اللبنانيين عبر اقتصاد الكاش، ولا يتعاملون بالبطاقات البلاستيكية إلا في حالات بسيطة للغاية".
من جانبه، يؤكد الباحث السياسي اللبناني، داني سركيس، أن العمل على محاصرة اقتصاد الكاش سيكون له أثر في خنق تمويل "حزب الله" عبر عدة سبل.
وأضاف سركيس، لـ"إرم نيوز"، أنه "سيتاح حينئذ إجراءات منها متابعة الحسابات والتحويلات المباشرة مع تتبع حسابات مصرفية لأشخاص يوجد عليهم مراجعة، إضافة إلى الوقوف على حجم التمويلات ومقاصد صرفها أو توزيعها، وذلك ضمن إجراءات الإصلاح التي سيقدمها الصندوق، مما سيكون له أثر كبير في محاصرة هذا النوع من التعامل الذي أضر بالجهاز المصرفي اللبناني ولا يصب إلا في صالح حزب الله".
وقال إن تقليل التعامل بالكاش في الأعمال التجارية وعمليات الاستيراد والتصدير وما شابه ذلك، والتعامل الذكي من خلال التحويلات البنكية أو الأوراق المصرفية "الشيكات" واستخدام الكروت البنكية، سيكون له دور كبير في خنق مصادر تمويل حزب الله.
وتابع سركيس: "هناك إجراءات وأموال من المفترض أنها تدخل خزينة الدولة، ويتم توجيهها لتمويل الميليشيا من خلال نقل الأموال الكاش، في حين أن استخدام التحويلات البنكية وما شابه ذلك من طرق مصرفية، سيكشف عن أوجة فساد واستغلال المال العام من جانب حزب الله وقياداته، وسيفرض خناقا على مصادر تمويله".
ولفت سركيس إلى أن محاصرة اقتصاد الكاش ستكون له آثار كبيرة على مصادر ربح مهمة للميليشيا، سواء في تبييض الأموال، أو في بعض أنواع المبادلات التجارية المعروف أن اقتصاد حزب الله يقوم عليها، وهو ما يؤثر على الثقة في الجهاز المصرفي؛ ما يجعل الصندوق يقدم حلولا بهذا الصدد فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي.