قللت صحيفة "هآرتس" العبرية من التفاؤل إزاء موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
واعتبرت الصحيفة أن "تطبيق خطوة الإدارة الأمريكية ما زال بعيد المنال، ولم تستبعد أن يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وكذلك قادة حماس، العراقيل أمام الخطة أو أن يفشلوها لأسباب سياسية داخلية.
وألمحت إلى أن نتنياهو سبق أن انتهك خلال العام الجاري اتفاقًا لوقف الحرب في القطاع بعد مصادقة تل أبيب وواشنطن عليه، وقالت: "ربما يلقى اتفاق أمس الاثنين المصير ذاته".
وفي تقرير آخر، أشارت الصحيفة إلى أن موافقة نتنياهو على الخطة جاءت بعد تفاخره غير مرة خلال الأشهر الماضية بخططه، الرامية إلى تعميق القتال في غزة، كما هاجم أي احتمال لتدخل السلطة الفلسطينية في القطاع، لكنه بدا أكثر حذرًا عندما وقف بجانب الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض مساء أمس الاثنين.
وبينما صرح نتنياهو في السابق أيضًا بأنه لن يتفاوض مع حماس، إلا "تحت نيران العدو"، وسيهزمها عسكريًّا، أجبرته خطة ترامب حاليًّا على التراجع، وفق الصحيفة.
ولفت الكاتب الإسرائيلي يوناثان إلى أن نتنياهو "ليس مستعدًا في هذا التوقيت لاتفاق جذري حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فالأهم هو إطلاق سراح الرهائن الـ48، ولا سيما أن هذا الملف هو "الحصان الأسود"، الذي يمكن الرهان عليه في الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة".
وتشير التقديرات إلى أن بقاء الرهائن في غزة يزيد صعوبة حملة نتنياهو الانتخابية، إذ تحظى الصفقة بتأييد واسع، بينما يبحث حزبا "الصهيونية الدينية" و"قوة يهودية" عن ذريعة لحل الحكومة خلال الأشهر المقبلة.
وبعد الإفراج عن الرهائن، لا يستبعد المراقبون في تل أبيب تراجع نتنياهو عن المضي قدمًا في إتمام بنود خطة ترامب الـ21، ولا سيما وقد سبق له إلقاء مسؤولية الفشل على حماس، كما حدث في يناير/ كانون الثاني العام الجاري.
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير هو من أكد صراحة تخريب الجانب الإسرائيلي المحادثات ونسفها. وغرّد قائلًا: "بفضل قوتنا السياسية، نجحنا مرارًا وتكرارًا في منع نجاح مثل هذه الصفقة".
ولا تستبعد "هآرتس" نية نتنياهو من البداية، الرامية إلى وضع العراقيل أمام تمرير الصفقة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها: "وافق نتنياهو الآن على انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة ووقف حملته العسكرية، لكنه اتخذ من اندلاع الحرب مبررًا لعرقلة الاتصالات وتأخير المحادثات، بالإضافة إلى شروط لا يمكن التوسط فيها؛ ما حال دون إحراز تقدم، كما لم يعط فرق التفاوض تفويضًا كافيًا لتقديم تنازلات؛ ما أدى إلى تأخير التفاهمات مع حماس".
ويرى الكاتب الإسرائيلي جاكي خوري أن خطة ترامب قد تساعد نتنياهو على إلقاء فشلها المستقبلي على حماس، خاصة أن الخطة وضعت حماس في معضلة: إما احتلال ناعم وإما آخر خشن، وبات على الحركة الاختيار والمناورة في مساحات ضيقة للغاية.
وفي مقاله المنشور صباح اليوم الثلاثاء في "هآرتس"، كتب خوري: "تُشكل خطة ترامب معضلة صعبة لحماس"، موضحًا أنها تجبرها على تسليم آخر أوراقها، وهي الرهائن.
ولم تطرح الخطة جداول زمنية واضحة لإعادة إعمار القطاع، أو بوادر للشروع في عملية سياسية، بحسب الكاتب الإسرائيلي.
وربما لاح تعويل نتنياهو على حماس في إفشال خطة ترامب، حين ألمح صباح اليوم الثلاثاء إلى أن "الرئيس الأمريكي تعهد بأنه إذا رفضت حماس الخطة، فسيمنح إسرائيل الغطاء الكامل لاستكمال عملية إسرائيل العسكرية في القطاع".
وأضاف عبر تصريحات في حسابه الرسمي على إكس: "تمكنا من عزل حماس، ولا سيما أن العالم أجمع، بما في ذلك العالم العربي والإسلامي، يضغط حاليًّا على الحركة لقبول الخطة الأمريكية، التي اتفقت عليها مع الرئيس ترامب، لتحرير جميع الرهائن الـ48، وأن الجيش الإسرائيلي لن يغادر القطاع قبل هذه الخطوة".