أثار إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة في البلاد، عن تقديم مؤتمره العام إلى مارس/ آذار من عام 2026 عوضًا عن عام 2027، تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيقود إلى إنهاء التوترات التي تفجرت منذ أشهر داخله.
وجاء الإعلان بعد أيام من فشل اجتماع للاتحاد عُقد في مدينة الحمامات المتاخمة للعاصمة تونس، على مدار ثلاثة أيام، في الاتفاق على موعد للمؤتمر العام، في خطوة كشفت عن حجم الخلافات داخل النقابة.
ويأتي هذا التطور في وقتٍ تزداد فيه التحذيرات من تفكك الاتحاد العام التونسي للشغل، بعد مطالبة فرعه الجهوي في صفاقس (جنوب البلاد) بتوقيف أمينه العام نور الدين الطبوبي.
وعلق المحلل السياسي التونسي، وسام حمدي، على الأمر بالقول: "الإعلان عن تقديم مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل خطوة ضرورية كان يجب أن تتخذها الهيئة الإدارية، بالنظر إلى الخلافات التي تشق الصفوف الداخلية للاتحاد، وهو أكبر منظمة في البلاد".
وأضاف حمدي لـ"إرم نيوز" أنه رغم اعتبار الكثير من النقابيين أن هذه الخطوة جاءت متأخرة، إلا أنها تبقى الخيار الأسلم للحفاظ على وحدة المنظمة وتجنب تفككها، بالنظر إلى عدة عوامل داخلية، حيث توجد ثلاثة أطراف متنازعة داخل الاتحاد على السلطة.
وتابع: "الطرف الأول هو المركزية النقابية التي واجهت اتهامات بتعديل الفصل 20 من النظام الداخلي، والطرف الثاني يتمثل في العديد من الأطراف السياسية التي دخلت إلى الاتحاد وتريد دفعه للعب دور سياسي يكون أكثر قربًا من السلطة، أما الطرف الثالث فيتمثل في نقابيين يرفضون رفضًا قاطعًا التفرد بالحكم في مختلف مقررات الاتحاد.
وأعتقد أنه رغم أن العديد من الأطراف أبدت انزعاجها وعدم موافقتها على قرار الهيئة الإدارية، إلا أنه يمثل الحل للخروج بمركزية نقابية جديدة ضامنة لوحدة الاتحاد".
وختم حمدي قائلًا: "أعتقد أن على النقابيين التحلي بالهدوء لإفراز مؤتمر يكون ديمقراطيًا العام المقبل، لأن أزمات اتحاد الشغل لم تؤثر فقط على النقابيين، بل أثرت على البلاد برمتها، وعلى العمال كذلك، لأن دور الاتحاد بقيادة نور الدين الطبوبي، وخلال عهدة الرئيس قيس سعيد، ضعف كثيرًا وتزايد ارتباكه".
لا انفراجة بعد
ويواجه الاتحاد العام التونسي للشغل قطيعة مع السلطات في البلاد، بحسب ما يقول مراقبون، وهو ما يزيد من حدة الأزمة التي يعاني منها.
وقال المحلل السياسي التونسي، محمد صالح العبيدي: "هذه الخطوة لا تمثل انفراجة بعد، خاصة أننا رأينا نقابيين غير راضين عنها، وبالتالي قد تتفاقم أزمة الاتحاد في قادم الأيام، لا سيما في ظل غياب قنوات للحوار المباشر بين أطراف الأزمة داخله".
وتابع العبيدي لـ"إرم نيوز": "المكتب التنفيذي الحالي للاتحاد العام التونسي للشغل مطالب بإيجاد حلول والقيام بمراجعات في علاقته بالمعارضين له، خاصة في ظل العزلة الخارجية التي يعانيها أيضًا".
وشدد على أن "هناك مخاطر عالية تحملها هذه الخطوة، لأنه من غير المضمون قبول المعارضة النقابية بنتائج ومخرجات المؤتمر العام الذي سيُعقد في مارس/آذار من العام المقبل".