logo
العالم العربي

في توقيت حساس.. هجوم غامض يطفئ أنوار كردستان ويشعل أزمة سياسية

استهدjف حقل كورمور للغاز المصدر: وسائل إعلام عراقية

أثـار هجوم استهدف حقل كورمور للغاز في السليمانية موجة قلق واسعة داخل العراق، بعدما ضرب واحدة من أهم منصات الطاقة، التي تقوم عليها منظومة الكهرباء في إقليم كردستان ومحافظات اتحادية عدّة.

وجاء الاستهداف عبر طائرة مسيرة، مساء يوم الأربعاء الماضي، أصابت خزاناً رئيساً داخل الحقل، ما أدى إلى حريق كبير وتوقف شبه كامل في الإمدادات الغازية، لتنهار معها قدرة التوليد بنسبة وصلت إلى 80٪ في بعض مناطق الإقليم، وسط تحذيرات من تداعيات تتجاوز الجانب الفني إلى حسابات سياسية وأمنية أكثر تعقيداً.

وأدى توقف ضخ الغاز من الحقل إلى خسارة ما يقارب 1200 ميغاواط من قدرات التوليد، بحسب بيانات وزارة الكهرباء الاتحادية، فيما قدر مسؤولون محليون في الإقليم انخفاض إنتاج الكهرباء بنحو 3000 ميغاواط بسبب توقف المحطات المرتبطة بالحقل.

أخبار ذات علاقة

من آثار استهداف حقل كورمور

أمريكا تطالب بملاحقة المنفذين.. تحقيقات عراقية إثر استهداف حقل كورمور

"عمل إرهابي خطير"

وتعد هذه الأرقام مؤشراً مباشراً على ثقل "كورمور" داخل منظومة الطاقة العراقية، إذ يُنتج ما يصل إلى 450 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز، إضافة إلى أكثر من 20 ألف برميل يومياً من المكثفات، ويوفر وقود التشغيل لمحطات كبرى في جمجمال وبازيان وأربيل، وصولاً إلى بعض المحطات في كركوك ونينوى.

ووصفت خلية الإعلام الأمني، الهجوم بأنه "عمل إرهابي خطير" يستهدف مصالح العراقيين ويعرقل جهود ترسيخ الاستقرار الأمني والاقتصادي، مؤكدة أن الجهات المتورطة "ستنـال جزاءها العادل".

ووجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة تحقيقية عليا برئاسة وزير الداخلية، وعضوية رئيس جهاز المخابرات الوطنية ووزير داخلية إقليم كردستان، وبإسناد من التحالف الدولي، للوصول إلى منفذي الهجوم ومن يقف خلفهم.

إدانة كردية ورفض أمريكي

أما ردود الفعل الكردية فقد جاءت شديدة اللهجة، معتبرة الاستهداف بمثابة اعتداء مباشر على بنية الإقليم الاقتصادية وعلى أمن المواطنين.

ووصف مقر رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في بغداد، الهجوم بأنه "إرهابي"، مؤكداً أن الاكتفاء بالإدانات المتكررة من دون إجراءات رادعة سمح باستمرار هذه العمليات.

أما رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني فحمّل الحكومة الاتحادية مسؤولية التحقيق الجاد ومعاقبة المنفذين، فيما دعا رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني إلى ضبط المتورطين "وعدم السماح بإطلاق سراحهم بكفالة كما حدث سابقاً"، مطالباً الشركاء الأمريكيين والدوليين بالإسراع في توفير منظومات الدفاع اللازمة لحماية البنى التحتية.

إدانة أمريكية

وبالتوازي، أدانت الولايات المتحدة عبر سفارتها في بغداد، الهجوم بأشد العبارات، معتبرة أنه يأتي ضمن "سلسلة محاولات تقوم بها جهات خبيثة لزعزعة استقرار العراق واستهداف الاستثمارات الأمريكية".

وقال مارك سافايا مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن "جماعات مسلحة تعمل بشكل غير قانوني ومدفوعة بأجندات خارجية شنت الهجوم"، مطالباً الحكومة العراقية بتحديد المسؤولين ومحاسبتهم، مؤكداً أن "لا مكان لمثل هذه الجماعات في عراق ذي سيادة كاملة".

وشدد على دعم الولايات المتحدة لتعميق التعاون الأمني بين بغداد وأربيل لحماية البنية التحتية الحيوية، مع التزام واشنطن بدعم القدرات الدفاعية العراقية.

وقت حسّاس

بدوره، قال الخبير الأمني سرمد البياتي إن "استهداف حقل كورمور يمثل ضربة حساسة، ليس من زاوية الضرر الفني فقط، بل لكونه يمس أحد أهم مرتكزات الطاقة في الإقليم والعراق عموماً، ويؤشر إلى نمط متكرر يرتبط كل مرة بتصاعد الأزمات السياسية".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الضربات التي تطال الحقل تظهر في توقيتات دقيقة، وعادة ما تأتي متزامنة مع احتقانات سياسية، وكأن كورمور هو صندوق الرسائل الذي تُدار عبره الضغوط".

وأكد البياتي أن "عدم تحديد مسار المسيرات وأماكن انطلاقها يضع علامات استفهام خطيرة، لأن حماية هذا الحقل ليست مطلباً كردياً فقط، بل مصلحة وطنية تمتد آثارها إلى الشبكة الكهربائية والاقتصاد بالكامل".

أخبار ذات علاقة

أبرز المرشحين لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة

منصب رئيس وزراء العراق.. قائمة أسماء تنتظر الإعلان الحاسم (إنفوغراف)

وتأتي خطورة الهجوم من ارتباطه بأحد أكبر الحقول الغازية في البلاد، إذ تشير تقديرات رسمية إلى أن احتياطيات كورمور قد تصل إلى 8.2 تريليون قدم مكعبة، فيما تذهب تقديرات أخرى إلى نحو 15 تريليون قدم مكعبة من الغاز القابل للاستخراج.

كما يضم الحقل كميات كبيرة من المكثفات المستخدمة في إنتاج الوقود السائل، ويعد ركيزة استراتيجية في خطط الإقليم لزيادة الإنتاج إلى 700 مليون قدم مكعبة يومياً بحلول عام 2027.

أصابع الميليشيات

من جهته، قال الباحث السياسي عبد الله الركابي إن "المؤشرات الأولية، إضافة إلى تلميحات صريحة لقادة إقليم كردستان، تؤكد أن للفصائل المسلحة يداً في الهجوم الأخير، لأسباب ترتبط غالباً بوجود الشركات العاملة داخل الحقل، وعدم رغبة بعض الأطراف بنجاح مشروع روناكي (خاص بتجهيز الطاقة في كردستان وتوسعه في ملف الغاز)".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "استهداف كورمور ليس حادثاً معزولاً؛ فالتوقيت، وطبيعة السلاح المستخدم، وموقع الضربة، كلها عناصر تشير إلى جهة تمتلك خبرة في تشغيل المسيرات وقدرة على اختيار الأهداف الحيوية".

وبيّن الركابي أن "هذه الضربات تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية في آن واحد، لأنها تمسّ مشروعاً يعد محورياً في موازنة الإقليم وقطاع الطاقة العراقي، وتشكل ضغطاً مباشراً على العلاقة بين بغداد وأربيل، وعلى خطط تطوير الغاز التي بدأت تكتسب زخماً خلال العامين الماضيين".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC