مصادر عبرية: حدث أمني ضد قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
يرى محللون أن إعلان الاتفاق التأسيسي في نيروبي لتشكيل حكومة السلام والوحدة، الذي مثّل أملاً لوقف الحرب، قابله جيش عبد الفتاح البرهان بتصعيد عسكري واسع، في محاولة لعرقلة أي مشروع مدني بديل.
ويؤكدون أن هذا التصعيد لم يكن عفوياً، بل جاء بإيعاز من تيارات داخل الجيش، خصوصاً الإسلاميين، الذين يرون في هذا الاتفاق تهديداً سياسياً وجودياً، ويسعون لفرض واقع جديد عبر القوة.
كما يشير المحللون إلى أن صفقات التسليح الأخيرة مع إيران وتركيا، التي شملت طائرات مسيّرة وصواريخ دقيقة، أسهمت في تعقيد المشهد وتعميق الانتهاكات بحق المدنيين؛ ما يعكس محاولة لتدويل الأزمة وتحويل السودان إلى ساحة صراع إقليمي.
وفي هذا السياق، يحذّر الخبراء من أن الإسلاميين يعملون على إفشال المسارات السلمية وتحويل المكاسب العسكرية إلى أوراق ضغط سياسي؛ ما يهدد وحدة السودان ويستدعي حماية جادة لمسار نيروبي من القوى المدنية والدولية.
حول هذا الموضوع قال الباحث في الشأن السياسي السوداني، عمار صديق سعيد، إن إعلان الاتفاق التأسيسي في نيروبي لتشكيل حكومة السلام والوحدة، الذي مثّل بارقة أمل للسودانيين المنهكين من الحرب، قابله جيش الفريق عبد الفتاح البرهان برد عسكري عنيف، خصوصاً في الخرطوم، في خطوة تعكس نوايا مبيتة من داخل الجيش، وعلى رأسها التيار الإسلامي، لإفشال أي مسار سياسي بديل.
وأوضح في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن هذا التصعيد لم يكن عشوائياً، بل جاء كرد فعل مباشر على ما اعتُبر تهديداً سياسياً وجودياً لمشروع الإسلاميين، خاصة مع ما رافق سيطرتهم على مناطق واسعة من العاصمة من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، من قتل واعتقالات وتصفية على أسس عرقية، في محاولة لفرض واقع سياسي بقوة السلاح.
وأشار إلى أن الجيش السوداني أبرم صفقات تسليح متقدمة مع إيران وتركيا شملت طائرات مسيّرة وصواريخ دقيقة وتقنيات استطلاع حديثة، مكّنته من تنفيذ هجمات أكثر فتكاً، استهدف بعضها قادة في الدعم السريع، فيما أصاب معظمها المدنيين؛ ما أدى إلى ارتفاع مقلق في عدد الضحايا، وفاقم الأزمة الإنسانية.
وأضاف أن هذه التطورات تطرح تساؤلات خطيرة حول طبيعة الصراع: هل يتحول السودان إلى ساحة حرب أهلية شاملة أو صراع إقليمي بالوكالة؟ خاصة مع دخول أطراف إقليمية فاعلة كإيران وتركيا، بما يتجاوز الدعم العسكري إلى محاولة لتثبيت نفوذ سياسي في البلاد؛ ما يهدد وحدة السودان وفرص الحل السلمي.
وتابع أن الإسلاميين يعيدون منذ سقوط نظام البشير في 2019، استخدام الجيش كأداة للعودة إلى السلطة، عبر إفشال أي مشروع مدني، كما حدث سابقاً مع الاتفاق الإطاري، ويُوظفون ما يُسمّى "الاسترداد الميداني" كورقة ضغط سياسية، يفرضون عبرها شروطهم أو يُفشلون أي عملية انتقال ديمقراطي.
وختم بالقول إن هذا المشروع محكوم عليه بالفشل، لأن ميثاق نيروبي لا يمثل مجرد اتفاق سياسي، إنما أمل شعبي لبناء سودان جديد، يتطلب حماية سياسية من القوى المدنية، ودعماً دولياً صادقاً، وتحركاً جماهيرياً لكسر منطق "الحسم بالدم" الذي يتمسك به الإسلاميون.
في المقابل، يرى المحلل السياسي نجم الدين دريسة أن إعلان نيروبي شكّل تحالفاً واسعاً من القوى السياسية والمدنية والعسكرية، أبرزها قوات الدعم السريع والحركة الشعبية، وحزبا الأمة القومي والاتحاد الديمقراطي، إضافة إلى الجبهة الثورية وعدد من منظمات المجتمع المدني؛ ما يجعله أكبر تحالف سياسي بأهداف واضحة.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن من أبرز تلك الأهداف حماية المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بالتعاون مع المجتمع الدولي، وهو ما دفع الجيش والجماعات الإسلامية إلى تبني خيار التصعيد العسكري لمحاولة نسف الوضع الجديد.
وأوضح أن الهدف الحقيقي لهذا التصعيد هو تمكين الإسلاميين من العودة للسلطة، مؤكداً أن ذلك مستبعد، رغم التمدد المحدود للجيش في بعض المناطق بسبب انسحاب تكتيكي للدعم السريع، خاصة بعد دخول الطائرات الحديثة، مشدداً على أن ما يجري ليس انتصاراً بقدر ما هو استخدام مكثف للطائرات المسيّرة والحربية.
وأشار دريسة إلى أن الجيش حصل على دعم تسليحي كبير من حلفائه، إذ وفّرت تركيا طائرات "بيرقدار" دون طيار، وقدّمت إيران طائرات "مهاجر"، في تحرك يعارض إرادة الشعب السوداني.
وبيّن في ختام حديثه أن هذا الدعم الخارجي سيُطيل أمد الأزمة، ويحوّل السودان إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وسط أطماع قوى خارجية كإيران وروسيا، تسعى لترسيخ موطئ قدم لها، خاصة في البحر الأحمر.