وسط الغموض الذي يحيط بمصير خريطة الطريق التي طرحتها المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هنا تيتيه، عاد الحديث عن إمكانية نقل العاصمة مؤقتاً إلى سرت لاستضافة حكومة موحدة تقود البلاد إلى الانتخابات بقوة إلى المشهد.
وزادت أهمية سرت مع سيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر عليها وإخلائها من الميليشيات المسلحة، حيث تتمتع المدينة بموقع إستراتيجي من خلال توسط البلاد وربط شرقها بغربها.
وقال المحلل السياسي الليبي، خالد محمد الحجازي، إن "موقع المدينة الجغرافي وسط الساحل الليبي، يجعلها نقطة توازن رمزية بين الشرق والغرب، إضافةً إلى رغبة في كسر الانقسام السياسي المتجذر بين طرابلس وبنغازي، فمن الناحية النظرية، تمتلك سرت عدة مقوّمات تدعم هذا الطرح؛ فهي مدينة ساحلية متوسطة المسافة بين مراكز النفوذ؛ ما يمنحها بعداً حيادياً، كما يمكن أن يمثل اعتمادها عاصمة مؤقتة خطوة رمزية نحو الوحدة الوطنية، خاصة إذا ارتبطت بخريطة طريق واضحة للانتخابات، وتوزيع عادل للسلطة".
واستدرك الحجازي في حديث لـ"إرم نيوز"، "في المقابل لا يمكن تجاهل التحديات الواقعية، فالوضع الأمني في سرت ما زال هشّاً بعد سنوات من الصراع، والبنية التحتية تعاني دماراً واسعاً يحتاج إلى استثمارات ضخمة لإعادة تأهيل المرافق والخدمات، كما أن قبول الأطراف المحلية والإقليمية لهذه الخطوة ليس مضموناً؛ إذ قد ترى بعض القوى السياسية أن نقل العاصمة يُضعف نفوذها أو يمسّ بمصالحها، ومن جهة أخرى، لا يبدو المجتمع الدولي متحمساً لفكرة تغيير المقرّ الحكومي ما لم تكن جزءاً من اتفاق سياسي شامل مدعوم من الأمم المتحدة".
وشدد الحجازي على أن "نجاح هذه الخطوة مرهون بعدة شروط، منها، تأمين المدينة بالكامل، وإعداد خطة إعادة إعمار عاجلة، وحصول توافق وطني واسع ودعم دولي واضح. في هذه الحالة، يمكن لسرت أن تتحول إلى مركز توافقي يدعم المرحلة الانتقالية، ويهيئ لانتخابات حرة خلال عامين".
واستدرك الحجازي بالقول: "لكن في حال غياب هذه الضمانات، ستبقى فكرة نقل العاصمة رمزية أكثر من كونها عملية، خاصة مع استمرار الانقسام المؤسسي وضعف سلطة الدولة المركزية. وبناءً على الوضع الحالي، يمكن تقدير فرص نجاح المشروع بأنها متوسطة إلى ضعيفة خلال السنتين المقبلتين، ما لم تحدث انفراجة سياسية وأمنية حقيقية".
من جانبه، قال نائب رئيس حزب الأمة الليبي، أحمد دوغة، إن "هناك دعوات إلى جعل سرت عاصمة مؤقتة، ولكن الإشكال الحقيقي الذي يحول دون الذهاب إلى الانتخابات العامة ليست المدينة سواء كانت سرت أو غيرها".
وأردف أن "الإشكال الحقيقي هو في الآلية التي ستقوم عليها الانتخابات بمعنى القوانين الانتخابية، والتوافق عليها من جميع الأطراف، بحيث تكون مقبولة للجميع، وأيضاً القبول بالنتائج في حال تمت الانتخابات".
وتابع: "نحن في ليبيا نعاني من عدم التوافق بين الأطراف السياسية أو بالمعنى الأطراف المتمرسة في السلطة وهي التي جعلت التوافق على القوانين الانتخابية فاشلة وليس لدينا أي إشكالية في أي مدينة تكون عاصمة سواء أن كانت مؤقتة أو دائمة" وفق تعبيره.