لم يكن مفاجئاً، بيان الخارجية السورية، الداعي جميع الدبلوماسيين المنشقين عن نظام بشار الأسد، تقديم بياناتهم للوزارة، من أجل الاستفادة منهم في الكادر الدبلوماسي الجديد، فالحكومة السابقة، كانت قد بدأت عمليات هيكلة، أدت لتغيرات كبيرة في المنظومة الإدارية لمؤسسات الدولة.
وفي بيانٍ أصدرته الخارجية السورية، قالت إنها تعمل على تحديث بيانات الدبلوماسيين المنشقين، بهدف "تفعيل دورهم في مرحلة بناء سوريا الجديدة"، طالبةً من هؤلاء الدبلوماسيين، إمضاء بياناتهم المهنية والشخصية بالسرعة القصوى.
ووفقا لأرقام الوزارة، فإن سوريا تمتلك ما يقارب 60 بعثة دبلوماسية، بين سفارة وقنصلية منتشرة في العالم، لكن الكثير منها أوقف أعماله مع اندلاع الحرب، بينما استمر بعض السفارات والقنصليات بتقديم الخدمات.
وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ذكر على منصة "إكس"، أن "الوزارة شرعت في إعادة هيكلة السفارات والبعثات الدبلوماسية بما يضمن تمثيلاً مشرفاً للبلاد، وتقديم خدمات متميزة للمواطنين في الخارج، دون أن يذكر تفاصيل".
وخلال الأشهر الماضية التي تلت سقوط النظام، شهدت مختلف الوزارات السورية، عمليات فصل لأعداد كبيرة من الموظفين، في مختلف القطاعات، تحت عنوان إعادة الهيكلة، مما أدى لخروج تظاهرات احتجاجية، وقيام اعتصامات قادها المتضررون.
وبحسب وزير المالية في الحكومة السابقة، محمد أبا زيد، فإن عدد الموظّفين الذين تمّ شطب أسمائهم، يبلغ 350 ألفاً، ممن تمّ تعيينهم، من قبل النظام السابق، وفقاً لمحسوبيات وآليات فساد إداري، إلى جانب 300 ألف عسكري ومدني، فصلوا من وزارتي الدفاع والداخلية بما في ذلك شرطة المرور.
وتزامن بيان الخارجية السورية، ودعوتها الموظفين المنشقين لتقديم البيانات، استدعاء وجهته لسفيريها في روسيا، بشار الجعفري، وفي الرياض أيمن سوسان، لكن وكالة "تاس" الروسية، قالت إن الجعفري، الذي تولى منصبه عام 2022، قدم طلب لجوء إلى روسيا.
ومن المتوقع، أن يكون الجعفري، في مقدمة المستبعدين من قائمة الموظفين، بعد انتهاء عملية الهيكلة التي تقوم بها وزارة الخارجية، نظراً لدفاعه عن نظام الأسد، طيلة 15 عاماً، تولى خلالها منصب مبعوث سوريا الدائم في الأمم المتحدة.
ويقول المحلل السياسي عزام شعث، إن عمليات إعادة الهيكلة الإدارية التي تعهدها وزارة الخارجية السورية، تعتبر طبيعية ومتوقعة.
وأشار في حديثه لـ"إرم نيوز" قائلا: "يجب التعامل مع الموظفين المثبتين في مؤسسات الدولة، من خلال الأنظمة والقوانين، التي تضمن حقوقهم بالتقاعد ونيل التعويضات عند الفصل، لأنهم موظفون عند الدولة وليس النظام".
وكانت معظم وزارات الحكومة السورية، قد منحت إجازة 3 أشهر مأجورة، لأعداد كبيرة من الموظفين، كمقدمة لفصلهم، لكنها اضطرت لإعادة بعضهم، بعد الاحتجاجات والانتقادات الشديدة، التي شككت في قانونية قراراتها تلك.
وأوقفت الحكومة، رواتب الموظفين العسكريين الذين أحيلوا للتقاعد بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، لكنها صرفت رواتب المتقاعدين السابقين لهذا التاريخ، وبلغت كتلة رواتبهم 31 مليار ليرة سورية، تم صرفها لأكثر من 188 ألف متقاعد، تبعاً لمدير عام مؤسسة التأمين والمعاشات، مشهور الزعبي.
ويقول المحامي، إسماعيل كلثوم، إن إيقاف رواتب الموظفين المتقاعدين، غير شرعي، ويضيف لـ"إرم نيوز" قائلا: "يتم اقتطاع مبلغ شهري من الموظف، منذ بدايته بالعمل، ويشكل المبلغ الموفر من راتب الموظف خلال سنوات، مجمل التعويضات والراتب التقاعدي الذي يناله بعد انتهاء الخدمة، فراتب التقاعد مقتطع من راتب الموظف وليس من أموال الدولة".
وتشير المعلومات المنقولة من مصادر خاصة، في وسائل الإعلام، إلى أن عدد العاملين في السلك الدبلوماسي السوري، يبلغ 152 شخصاً في 54 مدينة، منهم 25 سفيراً، و15 قائماً بالأعمال، ووزير مفوض واحد، و25 شخصاً برتبة وزير مستشار، و20 سكرتيراً أولاً وثانياً وثالثاً، و72 ملحقاً دبلوماسياً وإدارياً وعسكرياً.
ويتوقع المحامي كلثوم، أن تنجز وزارة الخارجية، عملية الهيكلة الإدارية التي أعلنت عنها قريباً، في السلك الدبلوماسي، مضيفا "على الأرجح، سيعتمدون كفاءات، لم تكن على صلة بالنظام المخلوع، لكن لا أعتقد أن الحكومة ستغفل تعويضات الموظفين المستحقة، نظراً لحساسية مواقعهم، وعلاقاتهم الخارجية الواسعة".