logo
الحوثيون في بورتسودانالمصدر: إرم نيوز
العالم العربي
خاص

قاعدة حوثية في بورتسودان.. كواليس "الصفقة السرية" بين البرهان وطهران

أكدت مصادر أمنية يمنية وصحفيون سودانيون أن ميليشيا الحوثي بدأت خلال الأسابيع الأخيرة بنقل جزء من شبكتها العملياتية إلى الساحل السوداني الشمالي، وتحديدا إلى قاعدة عسكرية قرب بورتسودان، في خطوة تُعد التحول الأجرأ في نشاط الميليشيا خارج اليمن منذ تأسيسها، وتكشف عن انتقال إدارة بعض خطوط الإمداد الإيرانية إلى بيئة جديدة أقل خضوعا للرقابة الدولية.

وتتقاطع هذه المعطيات مع ما كشفه الباحث السياسي اليمني المتخصص في الشؤون الاستراتيجية سالم الحيمي، الذي أكد لـ"إرم نيوز" أن المعلومات المتوفرة تشير "فعليا إلى انتقال مجموعة من أبرز القادة الحوثيين إلى شمالي بورتسودان خلال الفترة الأخيرة، وذلك في إطار تحرك منسّق مع الحرس الثوري الإيراني"، مضيفا أن العملية "منظمة ذات طابع عسكري ولوجستي، جرى الإعداد لها بعناية على مدى أسابيع".

 

أخبار ذات علاقة

الحوثيون على أبواب إفريقيا.. هل تتحول بورتسودان إلى "قاعدة العمليات السرية"؟

الحوثيون على أبواب أفريقيا.. هل تتحول بورتسودان إلى "قاعدة العمليات السرية"؟

ووفقا للحيمي، فإن انتقال هؤلاء القادة "تم عبر ترتيبات سرية نقلتهم من الحديدة إلى مرافئ صغيرة في الجنوب الغربي للبحر الأحمر، ومنها إلى الساحل السوداني، حيث أُتيحت لهم حماية وتسهيلات أمنية تؤكد أن العملية تمت بضوء أخضر من جهات متنفّذة داخل قوات بورتسودان، وبدفع مباشر من طهران".

ويرى أن هذا التطور "يمثل نقلة جديدة في حضور الحوثيين خارج الحدود اليمنية"، ويكشف أن الجماعة "تتحول تدريجيا إلى ذراع إيرانية متنقلة قادرة على إيجاد فضاءات عمل بديلة كلما ضاق الخناق عليها داخل البلاد".

تقاطع مصالح بين الحوثيين والبرهان

ترى مصادر أمنية يمنية في حديثها لـ "إرم نيوز" أن التحرك الحوثي نحو بورتسودان جاء نتيجة الضغط العسكري المكثف على الحديدة وصنعاء خلال العام الجاري، إلى جانب تشديد الرقابة البحرية على خطوط التهريب الممتدة بين اليمن والقرن الإفريقي، ما دفع إيران إلى خيار لم يُستخدم سابقا بهذا الوضوح؛ وهو نقل عمليات لوجستية إلى الساحل السوداني.

كما جاء ذلك بالتزامن مع تفكك المنظومة البحرية السودانية بفعل الحرب بين قوات بورتسودان وقوات الدعم السريع، ما جعل الشريط الساحلي شمال بورتسودان منطقة قابلة للاستغلال دون رقابة كافية. وقد ذكرت تقارير غربية هبوط طائرات شحن إيرانية في مطار بورتسودان خلال الأشهر الماضية محمّلة بمسيرات "مهاجر" و"أبابيل" وقطع تقنية أخرى.

ويلفت الباحث اليمني سالم الحيمي إلى أن السودان "يتجه ليكون البديل الجديد بعد تضييق الخناق الدولي على خطوط التهريب السابقة"، خاصة بعد تراجع قدرة الحوثيين على استخدام الجزر الإريترية والممرات البحرية الصغيرة بين القرن الإفريقي واليمن.

 

أخبار ذات علاقة

مقاتلون حوثيون

إعلام عبري: قادة حوثيون انتقلوا من اليمن إلى بورتسودان بتنسيق إيراني

من جهتهم، يرى مراقبون سودانيون، أن عبد الفتاح البرهان، الذي خسر دعما إقليميا واسعا منذ اندلاع الحرب الأهلية، وجد في إيران "الشريك المتاح" لتزويده بالسلاح والمسيرات، مقابل منح الإيرانيين والحوثيين موطئ قدم استراتيجيا على البحر الأحمر. وبذلك باتت مصالح الطرفين تتقاطع؛ إيران تبحث عن منفذ بحري جديد، والبرهان يبحث عن قوة خارجية تعزز موقعه في الحرب الداخلية.

 مهام خارج الحدود

تشير المعلومات الأمنية اليمنية إلى أن الفريق الحوثي الذي وصل إلى السودان يتألف من ثلاثة قادة بارزين. أول هؤلاء، عقيل الشامي، وهو أحد رجالات التجهيز الصاروخي والمسيرات، مرتبط بشكل مباشر بخبراء "فيلق القدس". ويقول الحيمي إن وجود الشامي في بورتسودان يعكس رغبة الحوثيين في "نقل جزء من مهامهم التكنولوجية والعملياتية إلى خارج اليمن، والعمل على إنشاء خلية تنسيق مشتركة مع ضباط سودانيين".

أما زيد المؤيد، المسؤول المباشر عن الخط البحري لتهريب السلاح من إيران إلى سواحل الحديدة. فيوضح الحيمي أن وجوده في السودان "يؤكد أن السودان يتجه ليكون البديل الكامل لمسارات التهريب التقليدية، وأن الجماعة تعمل على تأسيس خط بحري جديد يمتد من الساحل السوداني إلى الحديدة".

فيما يُعد حمزة أبو طالب، أحد أبرز مشرفي العمليات العسكرية على الحدود الشمالية والساحل الغربي. ويثبت انتقاله إلى بورتسودان أن "الخطوة تأتي لإنشاء منصة لوجستية هجومية قد تُستخدم مستقبلا لإعادة تشغيل عمليات بحرية أكثر تعقيدا، بما في ذلك مراقبة السفن وتوسيع نطاق الهجمات نحو شمال البحر الأحمر" وفقا للباحث اليمني.

ويشير إلى أن اجتماع هؤلاء الثلاثة في موقع واحد خارج اليمن "لا يحدث إلا في إطار عمليات مرتبطة مباشرة بالقيادة العليا للجماعة وبإشراف إيراني كامل"، ما يعني أن "هناك مشروعا أكبر يجري تأسيسه".

ماذا تربح إيران من هذه الشبكة؟

تؤكد تقارير غربية أن إيران تسعى لفتح "رئة بحرية" جديدة خارج الضغط الأمريكي – الإسرائيلي. وبحسب الحيمي، فإن طهران "ترى في السودان امتدادا طبيعيا لمشروعها البحري، لا سيما بعد تراجع نفوذها في إريتريا وتزايد الرقابة الدولية على باب المندب".

 

أخبار ذات علاقة

ميناء بورتسودان

من شريان إنساني إلى أداة حصار.. كيف حول البرهان ميناء بورتسودان لـ"سلاح تجويع"؟

ويوضح أن إيران تعمل على بناء "قوس نفوذ بحري" يبدأ من بحر عُمان ويمر عبر اليمن ثم السودان وصولا إلى القرن الإفريقي، ما يمنحها القدرة على، إطلاق مسيرات بعيدة المدى من مواقع جديدة، وتمرير شحنات السلاح بعيدا عن المراقبة، والضغط على إسرائيل من الجنوب. وبالتالي تهديد طرق الملاحة الحيوية نحو أوروبا وقناة السويس.

وفقا للباحث اليمني، "تبحث إيران عن منصة إضافية لإدارة عملياتها"، خاصة بعدما أصبحت خطوط الحوثيين في اليمن مهددة وغير مستقرة.

ما طبيعة التسهيلات التي يمنحها البرهان؟

تفيد مصادر صحفية سودانية بدخول عناصر إيرانية بغطاء "خبراء تقنيين في الجيش"، واستخدامهم قاعدة شمال بورتسودان كنقطة استقبال وشحن وتخزين مؤقت. كما تم - وفق المصادر - تسليم شحنات من طائرات مسيرة إيرانية لفصائل إسلامية متحالفة مع البرهان، إلى جانب إنشاء ورش صيانة لطائرات "مهاجر".

ويشير الحيمي إلى أن "وجود الحوثيين في مناطق انتشار قوات بورتسودان يمكّنهم من الحصول على ممر آمن لاستقبال الشحنات الإيرانية، وإنشاء مراكز تدريب بديلة ومخازن قطع غيار للصواريخ والمسيرات، بعيدا عن الضربات المحتملة داخل اليمن".

ويرى أن هذا التموضع "خيار محسوب"، يستفيد من التفكك الداخلي في السودان ومن رغبة أطراف داخل قوات بورتسودان بالحصول على دعم خارجي يعزز موقعها في الحرب.

انعكاسات إقليمية مفتوحة

يمثل تمدد الحوثيين إلى السودان، وفقا للمصادر الأمنية اليمنية، توسيعا لرقعة التهديد في البحر الأحمر من جنوبه إلى شماله، بما يجعل الملاحة بين الخليج وأوروبا تحت ضغط مزدوج. كما يضع قوات بورتسودان في موقع حساس أمام القوى الغربية التي ترى في هذا التحالف نسخة مستعادة من تسعينيات القرن الماضي حين كان بورتسودان محطة لتهريب السلاح الإيراني.

أما الحيمي فيرى أن هذا التموضع "يحمل كل مؤشرات التصعيد البحري خلال الفترة المقبلة"، لأن إيران "تتبع منذ سنوات سياسة الضغط البحري عبر وكلائها"، وانتقال جزء من قدرات الحوثيين إلى السودان "ما يعني أنها باتت تبحث عن ساحة إضافية لإدارة المواجهة".

 

أخبار ذات علاقة

عناصر من قوات الدعم السريع

بابنوسة على وشك السقوط.. "الدعم السريع" تحاصر العمق الاستراتيجي لقوات بورتسودان

ويرجّح أن يشهد البحر الأحمر "مرحلة صراع أكثر اتساعا"، خاصة إذا استخدمت إيران والحوثيون السودان كمنصة لعمليات بحرية بعيدة المدى.

وتخلص المصادر إلى أن "ما يجري في بورتسودان ليس مجرد وصول وفد حوثي، بل بداية تشكيل شبكة إمداد بديلة تربط إيران بالبحر الأحمر عبر السودان". وهو ما يلخصه الحيمي بوضوح حين يقول إن "وجود هؤلاء القادة في السودان هو بداية لترتيبات أوسع ستظهر نتائجها في الأشهر المقبلة، وهو تحول استراتيجي قد يغيّر شكل الصراع في البحر الأحمر".

وكان موقع "نتسيف" العبري نقل في تقرير له أمس، عن دوائر استخباراتية في تل أبيب قولها، إن قادة حوثيين سافروا بدعم وتنسيق إيراني من اليمن إلى قاعدة عسكرية شمالي بورتسودان.

وقال المصادر الاستخباراتية  إن "الحوثيين يسعون من هذه الخطوة إلى اعتماد طرق تهريب، وأساليب إدارة عمليات جديدة، بعد تحجيم وإقصاء عمليات الميليشيا على طول الساحل الغربي لليمن".

وإلى جانب دوائر تل أبيب، استند تقرير الموقع العبري إلى مصادر سودانية، أكدت أن "قيادات الحوثيين التي وصلت إلى بورتسودان قبل نحو أسبوعين، تعمل بتنسيق مباشر مع إيران، وشخصيات مرتبطة برئيس قوات بورتسودان عبد الفتاح البرهان، للقيام بأنشطة وصفت بالمشبوهة داخل القاعدة".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC